شبام حضرموت: عمارة طينية ونقوش تراثية تحكي تاريخًا عريقًا

تُعدّ مدينة شبام حضرموت مثالاً حيًا على الإرث الحضاري والتاريخي لليمن، حيث تبرز في تفاصيل عمارتها الطينية والنقوش القديمة قصصٌ تحكي عن حضارة عريقة عمرها قرون.

العمارة الطينية وأصالتها
تعتمد أساسيات العمارة الطينية في شبام على استخدام "اللُبن"، المعروف محليًا بـ"المدر الحضرمي"، وهو طوب طيني مميز بحجمه الجميل (12×5 سنتيمتر). هذا الابتكار المحلي يشير إلى مرونة المهندسين التقليديين وإبداعهم في استخدام الموارد الطبيعية المتوفرة، وهو ما يعكس طموحًا مستقبليًا لإحياء العمارة الطينية بلمسات حديثة.

إحياء النقوش التراثية
خلال زيارة لأحد البيوت الطينية التي رُمّمت مؤخرًا بتمويل من منظمة أليف، تم اكتشاف نقوش قديمة كانت مطموسة بسبب أعمال الرش بمادة النورة، وهي مادة جيرية معروفة بـ"النورة الحضرمية". وقد جرى إعادة إظهار النقوش لتحكي عن تاريخ المدينة العريق. ويقود هذه الجهود المعلم أحمد صالح بايعشوت، الذي لا يزال محافظًا على مهنة نقش النورة، وهي مهنة مهددة بالاندثار.

شبام: مركز تجاري وتراثي
اشتهرت مدينة شبام بموقعها الاستراتيجي كمركز لتجارة القوافل الصحراوية. وكان سكانها، ومنهم الدلالون، يعملون في الوساطة التجارية التي شملت مختلف السلع مثل المواشي، التمر، والحطب. هذه المهنة التقليدية كانت ركيزة الاقتصاد المحلي، وجعلت المدينة نقطة تجارية مهمة.  

مدينة التراث العالمي
بسبب عمارتها الفريدة وموقعها الجغرافي المميز في منتصف وادي حضرموت، صنفت مدينة شبام كموقع تراث عالمي من قبل اليونسكو. تُعرف بأسماء عدة، منها "منهاتن الصحراء" و"بيحم العالية"، مما يعكس تنوع ألقابها ودلالتها التاريخية.  

سوق الجزارين وعراقة المهن
من بين المهن التقليدية البارزة في شبام، تظهر مهنة الجزارة، التي توارثها الأجيال. في الصورة، يظهر سوق الجزارين، حيث يعمل الوالد سالم عوض حيدر الذي ورث المهنة عن أجداده. وللتاريخ، كان اللحم يُوزن قديمًا باستخدام ميزان يعرف بـ"القبان"، قبل ظهور ميزان الكيلوات الحديث.  

شبام حضرموت ليست مجرد مدينة، بل قصة متكاملة من الحضارة والتاريخ والتراث، تتجدد في أيدي المبدعين الذين يحافظون على هويتها المميزة.