اخبار الإقليم والعالم
انتخاب أول امرأة لمنصب عميد بلدية يمنح الليبيات الأمل في مشاركة سياسية أوسع
يشكل تنصيب الزائرة الفيتوري المقطوف في منصب عميد بلدية في ليبيا سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، ويمنح الأمل للنساء الليبيات الباحثات عن مكان لهن في مجال الشأن العام، ليكون لهن مكان فيه بعد أن كان حكرا على الرجال إلى حد كبير.
واعتبرت المفوضية الوطنية المستقلة للانتخابات أن هذا الحدث جاء تتويجا لجهود وحدة دعم المرأة بالمفوضية، والمساعي التي تبذلها في سبيل توفير أفضل الظروف لمشاركة المرأة في الانتخابات، وتوفير فرص لزيادة مقاعد النساء في المجالس البلدية، والتحفيز على الترشح والدعوة إلى الإيمان بقدرات النساء كقياديات فاعلات وقادرات على صناعة التغيير والتطوير.
وقالت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إن الفيتوري المقطوف ترشحت لمنصب عميد بلدية زلطن إلى جانب عبدالفتاح أحمد الصحيح باعتبارهما من بين الفائزين في الانتخابات البلدية التي نظمت في منتصف نوفمبر الماضي.
وتابعت أن عملية الاقتراع التي جرت بحضور جمع من المراقبين والضيوف أدت إلى فوز الزائرة بمنصب العميد.
وزلطن مدينة ليبية ساحلية تقع في المنطقة الغربية بالقرب من الحدود المشتركة مع تونس وتبعد نحو 130 كلم غرب العاصمة طرابلس.
الحدث يمثل مؤشرا إيجابيا على نجاح المرأة في إقناع بيئتها الانتخابية والاجتماعية بقدرتها على مباشرة الشأن العام
ووجهت وحدة دعم المرأة بالمفوضية تحية تقدير لجهود سفيرات التوعية الانتخابية في بلدية الساحل الغربي اللواتي بذلن جهودا كبيرة طوال العام الماضي لتحفيز النساء على المشاركة في الانتخابات. وقد أثمرت هذه الجهود إقبالا واسعا من النساء على المشاركة والترشح، ما ساعد في تحقيق هذا الإنجاز البارز.
وقالت إن فوز سيدة بمنصب عميد بلدية “يؤكد قدرات النساء الليبيات على خوض معترك المنافسة السياسية، والفوز وفق أعلى معايير النزاهة والمصداقية”، ووصفت الحدث بأنه “نقلة مهمة في تاريخ المرأة الليبية، ونموذج مشرف نفتخر به أمام العالم الديمقراطي.”
والدكتورة الزائرة تعتبر من الشخصيات البارزة في مجال الصحة الجسدية والنفسية في ليبيا، وسبق لها أن شغلت مناصب قيادية في البرامج الوطنية لمكافحة الأمراض والسرطان، وقادت العديد من الحملات التوعوية المتعلقة بالصحة العامة ومرض كورونا. كما حصلت على جوائز عديدة منها جائزة المرأة الملهمة لعام 2023 في مجال الصحة، وتم تكريمها دوليا لإسهاماتها، بالإضافة إلى عملها الطبي.
وتبذل المفوضية بالتعاون مع المجتمع الدولي جهودا واسعة لتمكين المرأة من لعب دور مهم في العملية السياسية وتولي مناصب قيادية في الدولة والمجتمع، وأعربت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري عن التزام البعثة وكل وكالات وبرامج الأمم المتحدة بدعم الدور الرئيسي للمرأة الليبية في العملية السياسية، وقالت إن “ولاية البعثة تتضمن العمل مع المؤسسات والسلطات الليبية لضمان مشاركة المرأة الكاملة والمتساوية والفعالة والهادفة والآمنة على جميع المستويات، بما في ذلك المناصب القيادية.” بالإضافة إلى “جميع القرارات المتعلقة بالعمليات السياسية الشاملة، والانتقال الديمقراطي، وجهود المصالحة، وتسوية النزاعات، وبناء السلام.”
الدكتورة الزائرة تعتبر من الشخصيات البارزة في مجال الصحة الجسدية والنفسية في ليبيا
ويرى مراقبون أن هذا الحدث يمثل مؤشرا إيجابيا على نجاح المرأة في إقناع بيئتها الانتخابية والاجتماعية بقدرتها على مباشرة الشأن العام، بينما يعتقد آخرون أن هناك حاجة حقيقية إلى ثورة ثقافية لمواجهة كل محاولات استبعاد النساء من العمل السياسي والتي تنطلق من خلفيات بعضها قبلي واجتماعي متوارث وبعضها مرتبط بثقافة الأقصاء والتمييز على أساس الجنس والذي يجد دعما خفيا من قبل الفاعلين الأساسيين في المشهد السياسي، وكذلك من أمراء الحرب الذين يعتبرون أن السلطة ستبقى تدور في فلك السلاح الذي يبقى حمله حكرا على الرجال في كل الحالات تقريبا.
وفي الأثناء أشادت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مكتب ليبيا وتونس فلورانس باستي بالمساعي المبذولة من طرف المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، والرامية إلى تعزيز مشاركة المرأة الليبية في العملية الانتخابية، وبالجهود التي تقوم بها المفوضية لرفع مستوى مشاركة النساء، وتوفير أفضل الظروف لوصولهن إلى صناديق الاقتراع.
وكان رئيس المفوضية عماد السايح أعلن عن تنظيم المرحلة الثانية من انتخاب المجالس البلدية في الخامس والعشرين من يناير الجاري، بعد تسجيل نسبة مشاركة غير مسبوقة في المرحلة الأولى من الاستحقاق البلدي التي انتظمت في السادس عشر من نوفمبر الماضي، تجاوزت 77.2 في المئة من المسجلين في السجلات الانتخابية.
وتقول الأمم المتحدة في ليبيا إنها كانت في طليعة الجهود المبذولة لتمكين المرأة وتعزيز المساواة بين الرجال والنساء في ليبيا من خلال مختلف المبادرات والبرامج، وتضيف “قمنا بدعم النساء في بناء الصمود وكسر الحواجز للمساهمة بشكل كبير في الاقتصاد الليبي حيث تقود النساء الرائدات في ليبيا الابتكار وريادة الأعمال والتنمية المستدامة، مما يبرز دورهن القيم في النمو الاقتصادي والصمود.”
واعتبرت الأمم المتحدة أن الانتخابات البلدية في ليبيا تشكل علامة فارقة في مشاركة المرأة السياسية، مع زيادة كبيرة في عدد النساء المرشحات المحتملات وزيادة الاهتمام في جميع أنحاء البلاد من خلال المشاركة الفعالة في العملية الديمقراطية، وقالت إن النساء يسهمن في تشكيل مستقبل مجتمعاتهن والدفاع عن القضايا التي تهمهن. بينما يُعد الحكم الشامل أمرا حيويا لتحقيق التنمية المستدامة وترسيخ السلام، كما أن المشاركة الفاعلة للنساء في الحياة السياسية تعزز المؤسسات الديمقراطية وتدعم التقدم الاجتماعي.
وستشمل المرحلة الثانية 59 بلدية في مختلف مناطق البلاد من بينها طرابلس والزاوية وسرت (غرب) وبنغازي وطبرق (شرق) وسبها وغات والجفرة (جنوب)، على أن تنطلق الحملة الانتخابية خلال الأسبوع الأول من يناير، فيما أكدت البعثة وقوف الأمم المتحدة في ليبيا على أهبة الاستعداد لدعم العمليات السياسية والانتخابية التي يقودها الليبيون ويملكون زمامها لتحقيق الشرعية والاستقرار طويل الأمد والتقدم الملموس للبلاد.
وفي يونيو الماضي، أكد تقرير لهيئة الأمم المتحدة للمرأة أن المرأة الليبية لا تزال مستبعدة إلى حد كبير من مناصب السلطة والدبلوماسية، حيث يشغل الرجال أعلى مستويات النفوذ وصنع القرار.
وجاءت ليبيا في المركز الرابع على صعيد المنطقة المغاربية ضمن المؤشر نفسه وفي المركز الـ129 عالميا بمعدل أربع وزيرات من مجموع 26 عضوا في الحكومة، وحلت بذلك في الصنف السابع إلى جانب موريتانيا التي احتلت المركز الـ112 عالميا، والمركز الثالث على الصعيد المغاربي، بمعدل أربع وزيرات في المناصب القيادية من مجموع 22 عضوا في الحكومة.
وبحسب التقرير ذاته، فإن تمثيل المرأة في مراكز صنع القرار لا يزال ضعيفا في مجمل دول العالم، ولم يسبق أن تقلدت المرأة منصب رئيسة للحكومة أو للدولة في 113 دولة حول العالم ولا توجد سوى 26 دولة تقودها امرأة حاليا.