اخبار الإقليم والعالم
جنبلاط والشرع يسعيان لحل سياسي في سوريا بدعم الجولاني
تحمل زيارة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط والوفد المرافق له إلى دمشق، بالإضافة إلى الأنباء المتواترة بشأن لقاء نائب الرئيس السوري السابق فاروق الشرع زعيم هيئة تحرير الشام أبومحمد الجولاني (أحمد الشرع) وقبوله حضور مؤتمر وطني سيعقد قبل نهاية العام، رسائل دعم للقيادة السورية الجديدة من المخضرمين في الملف السوري – اللبناني.
ويسعى كل من فاروق الشرع وجنبلاط للتوصل إلى صيغة قبول محلية وإقليمية للجولاني وهيئة تحرير الشام التي ينظر إليها داخليا وإقليميا ودوليا نظرة ارتياب بسبب ارتباطها بالتطرف، رغم التطمينات التي يرسلها الجولاني منذ سقوط نظام بشار الأسد.
ويعد الشرع وجنبلاط من أبرز الشخصيات المخضرمة في الملف السوري – اللبناني، وعاصرا الحرب الأهلية اللبنانية والتدخل السوري في لبنان.
القوى الأجنبية تخشى إمكانية أن يفرض أحمد الشرع حكما إسلاميا متشددا في سوريا التي تضم العديد من الأقليات مثل الدروز والأكراد والمسيحيين والعلويين
وظهر فاروق الشرع مبكرا بعد سقوط الأسد من خلال المشاركة في برنامج على تلفزيون العربي القطري حيث رحب بـ”التغيير في سوريا من شمالها إلى جنوبها بعد معاناة الشعب السوري الطويلة.” وتراهن القيادة السورية الجديدة على وجود فاروق الشرع في الحوار الوطني لمنحه زخما أكبر ومصداقية وتطمينات للمشككين في شمولية العملية السياسية.
وتخشى القيادة السورية الجديدة أن تتسع التحركات الاحتجاجية المطالبة بدولة مدنية، والتي بدأت بالظهور الأسبوع الماضي في عدد من المدن مثل العاصمة دمشق واللاذقية. ومن شأن وجود الشرع في الحوار الوطني الذي سيؤسس للمراحل القادمة أن يبعث برسائل طمأنة لهؤلاء.
وتولى فاروق الشرع منصب نائب رئيس الجمهورية في سوريا في الفترة الممتدة من 2006 إلى 2014، وكان قد شغل سابقا حقيبة وزارة الخارجية من 1984 حتى 2006.
وفي عام 2013 تم استبعاده من القيادة القطرية لحزب البعث، حيث أجرى في العام ذاته مقابلة مع جريدة “الأخبار” اللبنانية، قال فيها إن “الحسم العسكري وهم، والحل (يتم) بتسوية تاريخية.”
وكان فاروق الشرع قد تحدث في كتاب ألفه قبل اندلاع الثورة سنة 2011، ولم ينشر إلا في 2015، عن علاقة سوريا ولبنان عندما كان وزيرا للخارجية وألمح إلى أن الملف لم يكن من بين الملفات التي يحب التدخل فيها، معبرا عن ارتياحه بعد تسليم غالبية المهام في هذا الملف إلى السياسي السوري الراحل عبدالحليم خدام، الذي انشق لاحقا عن النظام.
وتعهد الجولاني بأن “سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني.” وأضاف أن بلاده “تقف على مسافة واحدة من الجميع،” مشيرا إلى أنها “كانت مصدر قلق وإزعاج” في لبنان.
ودخل الجيش السوري لبنان في عام 1976 كجزء آنذاك من قوات عربية للمساعدة على وقف الحرب الأهلية، لكنه تحوّل إلى طرف فاعل في المعارك، قبل أن تصبح دمشق “قوة الوصاية” على الحياة السياسية اللبنانية تتحكّم في كل مفاصلها، حتى عام 2005، تاريخ خروج قواتها من لبنان تحت ضغط شعبي بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في انفجار وجهت أصابع الاتهام فيه إليها ولاحقا إلى حليفها حزب الله.
ويخشى بعض السوريين والقوى الأجنبية إمكانية أن يفرض أحمد الشرع حكما إسلاميا متشددا في سوريا التي تضم العديد من الأقليات مثل الدروز والأكراد والمسيحيين والعلويين.
وقال الجولاني خلال استقباله وليد جنبلاط زعيم الدروز الأحد إن سوريا لن تشهد بعد الآن استبعاد أي طائفة، مضيفا أن عهدا جديدا “بعيدا عن الحالة الطائفية” بدأ. وتابع “مع اعتزازنا بثقافتنا وبديننا وإسلامنا… ولا يعني وجود الإسلام إلغاء الطوائف الأخرى، بل على العكس من هذا واجب علينا حمايتهم.”
وقال وليد جنبلاط، وهو زعيم درزي كبير، خلال الاجتماع مع الجولاني إن الإطاحة بالأسد ستفتح الباب أمام علاقات بناءة جديدة بين لبنان وسوريا.
وجنبلاط الذي وصل إلى دمشق الأحد على رأس وفد كبير يضم ابنه تيمور ونوابا من كتلته البرلمانية ورجال دين دروزًا، هو أول زعيم لبناني يلتقي رئيس القيادة السورية الجديد.
والخميس أعلن جنبلاط أنه سيتوجه إلى دمشق خلال لقائه عبر الإنترنت ممثلين عن مجلس العلاقات العربية – الأميركية، حيث قال إن “الاستقرار في سوريا ضروري للاستقرار في لبنان، وهي تحتاج إلى فرصة ومساعدة.”
وجرى اللقاء في القصر الرئاسي مع الجولاني الذي ظهر للمرة الأولى الأحد مرتديا بدلة وربطة عنق.
وبالإضافة إلى جنبلاط كان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المعروف بمعارضته الشديدة للهيمنة السورية على لبنان، أول المرحبين بسقوط نظام الأسد، في خطوة اعتبرت دعما لسيطرة هيئة تحرير الشام على سوريا.
وفي خطاب بالمناسبة يوم 8 ديسمبر قال جعجع “هذا يوم المفتي حسن خالد، هذا يوم كمال جنبلاط ورفيق الحريري ورينيه معوض. هذا يوم كل شهداء ثورة الأرز، إنه يوم البطريرك مار نصرالله بطرس صفير. هذا يوم أحرار سوريا الذين ناضلوا على مدار 55 سنة وتحملوا ما لا يُحتمل في سبيل حريتهم وكرامتهم.”