اخبار الإقليم والعالم
طلاب مخيم قلنديا أمام مستقبل مجهول بعد حظر الأونروا
شكلت كلية قلنديا للتدريب المهني التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ملاذا لشبان يأتون من أنحاء الضفة الغربية المحتلة لتعلم حرف مهنية مختلفة، لكن يبدو مستقبل الكلية مجهولا الآن بعد قرار إسرائيل حظر الوكالة الأممية.
وتقع الكلية في قلنديا قرب القدس، وتوفر تدريبا مهنيا في مجالات مختلفة مثل الكهرباء والنجارة والسباكة وغيرها. ويثير قرار حظر الأونروا في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة مخاوف من مواجهة موظفي الوكالة في الضفة الغربية صعوبات في الوصول إلى تلك المناطق، بالإضافة إلى التواصل والتنسيق مع السلطات الإسرائيلية، ما يعطل عمليا عملها في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويقول أحمد ناصيف (18 عاما)، وهو من المتدربين في هذه الكلية، يأتي من مخيم الجلزون شمال رام الله، إنه لا يعرف ماذا سيفعل هو وزملاؤه حال إغلاق الكلية أبوابها نتيجة لهذا القانون. ويؤكد لوكالة فرانس برس في فصل دراسي كان يتعلم فيه تركيب الأضواء “سيؤدي ذلك إلى تعطيل الكثير من زملائي الطلاب. الكثيرون ليس لديهم الوسائل المالية للذهاب إلى معاهد أخرى للدراسة“.
والتعليم مجاني تقريبا في هذه الكلية حيث يتدرب الشاب منذ شهرين بعد تخرجه من المدرسة الثانوية. ويقول “نتخيل أننا نقوم بتجهيز غرفة نوم وحمام، وتركيب الأضواء والمنافذ ومنافذ الطاقة“. ويشير إلى أنه حال إغلاق الكلية “قد أفكر في الذهاب إلى الجامعة،” مضيفا أنه كان ينوي ذلك، لكن ظروفه الحالية “لا تسمح بذلك“. وأنشئت الأونروا عام 1949 وتقدم المساعدات لنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني في غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن وسوريا.
وتدير الوكالة خصوصا مراكز صحية ومدارس في الضفة الغربية وقطاع غزة. وحذر المتحدث باسم الأونروا في القدس جوناثان فاولر من أن عدم قدرة المنظمة على الاستمرار في تقديم بعض الخدمات قد يؤدي إلى عواقب اجتماعية واقتصادية “كارثية”. وتساءل “إذا لم تتمكن هذه الخدمات من العمل.. فمن الذي سيوفر التعليم للأطفال واليافعين في هذا المخيم؟” ويدير بهاء عواد هذه الكلية التي توفر فرص التدريب لنحو 350 طالبا ولم يتسن لها استيعاب المزيد بسبب عدم حصولها على إذن لتوسيع المباني.
وردا على سؤال عمّا إذا كان الطلاب سيتمكنون من إنهاء عامهم الدراسي، يقول عواد “بصراحة، لا نعرف“. ويوضح “نحن نعمل كالمعتاد، ولا نريد نشر الخوف. نطمئن الطلاب بأننا نبذل قصارى جهدنا لمواصلة التدريس هنا"، أما في ما يتعلق بما سيحدث إذا أغلقت المدرسة، يقول عواد “هذا يعتمد. إذا كان الإغلاق دائما، فلن يكون لديهم خيارات“. ويشير فاولر إلى عدم وجود بديل مستدام للعمل المتنوع الذي تقوم به الوكالة على هذا النطاق الواسع.
◙ البرلمان الإسرائيلي وافق على وقف عمليات الأونروا بتبنّيه قانونا أدانه المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا
ويقول “لا يمكن ببساطة الضغط على مفتاح فتختفي الأونروا ويتدخل طرف آخر“. ويشير فاولر إلى أن “القانون غير واضح إلى حد كبير في العديد من المجالات، لذا فإنه من غير المعروف ما هي النية من ورائه، وكيف سيتم تنفيذ ذلك“.
ووافق البرلمان الإسرائيلي على وقف عمليات الأونروا بتبنّيه قانونا أدانه المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا. واتهمت إسرائيل نحو عشرة موظفين في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بالمشاركة في هجوم حماس على أراضيها في 7 أكتوبر 2023.
وعقب الاتهامات، أقالت الأونروا تسعة موظفين غداة الهجوم الذي أدى إلى اندلاع الحرب في غزة. وخلصت تحقيقات إلى وجود بعض “القضايا المتعلقة بالحياد” في الأونروا، لكن المحققين قالوا إن إسرائيل لم تقدم أدلة على اتهاماتها الرئيسية.
ويعيش ربع لاجئي الضفة الغربية البالغ عددهم 912 ألف لاجئ في 19 مخيما، وفقاً لوكالة الأونروا، ويعتمد الكثيرون منهم على مجموعة متنوعة من الخدمات التي يقدمها موظفو الوكالة البالغ عددهم 3800 في الضفة الغربية. وتخرج ناصيف الطالب في كلية قلنديا من مدرسة تابعة للوكالة أيضا وتلقى الرعاية الصحية من إحدى عياداتها.
ويشير إلى أن الوضع في المخيم الذي يعيش فيه “صعب بشكل خاص بالنسبة إلى العيادة التي يعتمد عليها الكثير من الناس للحصول على الأدوية والعلاجات. وفي حال إغلاقها، سيخسر الناس (العلاج).” ويكرر الكثيرون أنه لا يوجد بديل قابل للتطبيق عن الأونروا لسكان المخيمات حال إغلاق منشأتها.
وفي أزقة مخيم قلنديا الضيقة، بين رسوم جدارية لفلسطينيين قتلوا في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، تؤكد ممرضة في عيادة الأونروا المزدحمة أنه لا يوجد بديل. وفي مدرسة الأونروا الابتدائية القريبة للفتيات، تقول مديرة المدرسة رنا نبهان إنها “لا تعرف” إذا كانت طالباتها سيكملن العام الدراسي.
وأبلغت إسرائيل رسميا الأمم المتحدة بقرارها وقف التعامل مع وكالة الأونروا في بداية نوفمبر الحالي بعد إقرار الكنيست حظر المنظمة التي تضطلع بدور أساسي في توفير الاحتياجات الضرورية للفلسطينيين. ومن المقرر أن يدخل قرار الحظر الذي أثار تنديدا دوليا بما في ذلك من الولايات المتحدة، حيّز التطبيق أواخر يناير.
وقال المتحدث باسم الأونروا جوناثان فاولر لوكالة فرانس برس “إذا تم تطبيق القانون فمن المرجح أن يتسبب في انهيار العملية الإنسانية الدولية في قطاع غزة والتي تشكل الأونروا عمودها الفقري”. وأضاف “قد يؤدي أيضا إلى انهيار الخدمات الأساسية التي تقدمها الأونروا في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والصرف الصحي".
وكتب فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، على موقع إكس أن إسرائيل سمحت بدخول 30 شاحنة فقط إلى غزة الشهر الماضي، وهو أقل عدد “منذ فترة طويلة". وأضاف “هذا لا يمكن أن يلبي ما يحتاجه أكثر من مليوني شخص الكثير منهم يعانون من الجوع والمرض ويعيشون في ظروف يائسة".