اخبار الإقليم والعالم
التخلّص من النفايات المنزلية هاجس يؤرق السلطة في تونس منذ زمن بعيد
لا تزال مشكلة التخلص من النفايات المنزلية المكدّسة في الشوارع، هاجسا يؤرق السلطة التونسية في طرق التخلص منه من سنوات، رغم محاولات عديدة لتثمين النفايات، وسط دعوات المراقبين إلى ضرورة وضع برنامج متكامل يعالج المشكلة مع العمل على تغيير سلوك المواطن.
ويقول متابعون، إنه على الرغم من المعاهدات والاتفاقيات الدولية والتشريعات والقوانين التي سنتها تونس لمجابهة النفايات ومكافحتها، والمنظمات والهيئات التي جندت تحت مسميات لامعة لمعالجة هذه المعضلة والوقاية منها، تظل عاجزة جلها عن إيجاد حل لهذا الوضع البيئي الكارثي.
وكشف وزير البيئة الحبيب عبيد خلال الجلسة العامة بالبرلمان المخصصة لمناقشة مهمّة وزارة البيئة الأربعاء 13 نوفمبر 2024، عن تصرف وزارة البيئة في 16 مصبا مراقبا ويعالج يوميا 7600 طن من النفايات المنزلية وتصل إلى 15 ألف طن يوم عيد الإضحى.
وتحدث الوزير عن الإشكاليات المرتبطة بالتصرف في النفايات خصوصا المرتبطة برفض المجتمع لتوفير الأرض أو تركيز مصبات بجانب أراضيهم وهي إشكالية تهم كل الولايات.
كما أشار الوزير إلى أن 80 في المئة فقط من النفايات المنزلية تصل إلى المصبات في حين تبقى 20 في المئة في الشوارع وهي نسبة يجب أن تصل إلى المصبات المراقبة وفق تأكيده.
وتعرف تونس منذ بداية العشرية الأخيرة تدهورا في الوضع البيئي من خلال تراكم النفايات وانتشارها وعدم وجود حلول جدية وناجعة ومستدامة للتخلص منها وهو ما جعل حياة المواطن أكثر تعقيدا وصعوبة.
ويرجع ذلك إلى أن أزمة التصرف في النفايات الصلبة باختلاف أنواعها، الغذائية والصناعية والطبية الخطيرة، تجاوزت انعكاساتها السلبية الوضع البيئي بالجهات الأكثر تضررا لتطال جودة الحياة بكامل مناطق البلاد.
وأفاد حسام حمدي الناشط البيئي والمتحدث باسم جمعية “تونس الخضراء” أن “النفايات المنزلية يصل منها 80 في المئة إلى المصبات، لكن الوضع لا يزال كارثيا، ولابدّ من وضع برنامج وطني واضح تشارك فيه كل الأطراف المتداخلة على غرار وزارة البيئة ووزارة التربية، فضلا عن العمل على تغيير سلوك المواطن.”
وقال في تصريح لـ”العرب” إن “نمط الاستهلاك تغيّر في كل المناطق بما فيها الحضرية (المدن) والأرياف، والمشكلة لا تتعلق بدور البلديات فقط التي من مهاهما جمع النفايات، لكن المواطن يجب أن يكون مسؤولا مع توفر الآليات اللازمة لذلك.”
وتتكرر شكاوى المواطنين من تكدّس النفايات في الشوارع، مما يسبب في تعطّل الحركة والإساءة إلى المظهر العام للمدن.
وتؤكد دراسات في الشأن البيئي وجود أرقام صادمة تعكس الواقع الخطير للنفايات في تونس وتبين أن العجز عن إيجاد حلول لهذه المشكلة في البلاد أصبح أمرا صعب المنال.
وأكد تقرير صادر عن الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات لسنة 2018، أنه يوجد في تونس ثلاثة عشر مصبا خاضعًا للرقابة ومركزًا تقنيًا لردم النفايات، والتي تخدم 55 في المئة من السكان التونسيين.
ووفق أرقام رسمية، يستقبل مصب برج شاكير (شمال) أكبر كميات من النفايات سنويا أي أكثر من 900 ألف طن يوميا بينما يكلف الدولة ما بين 150 و200 دينار للطن الواحد.
وتتكون النفايات التي يتم ردمها من المواد العضوية والبلاستيك ومخلفات البناء ونفايات أخرى تحتوي على معادن ومكونات يمكن معالجتها وإعادة استخدامها.
وتم خلال السنوات الأخيرة، تنفيذ عشرات المشاريع لمعالجة وتثمين النفايات بمختلف أنواعها، وبلغت الميزانية المرصودة لذلك مئات الملايين من اليوروات في عدة مناطق من البلاد، دون أن يحدث تغيير واضح للواقع البيئي.
وشهدت محافظة صفاقس التونسية (270 كلم جنوب شرقي العاصمة تونس)، في 2022 تراكم النفايات في الشوارع.
وتعتبر صفاقس العاصمة الاقتصادية، وثانية كبرى مدن البلاد بعد العاصمة تونس من حيث الكثافة السكانية، إذ يقطنها قرابة مليون نسمة.
وتم إغلاق مكب الفضلات بمدينة عقارب (شرق) إثر احتجاجات على “رمي نفايات كيميائية في الموقع المخصص للنفايات المنزلية”.
ونتيجة للغلق تراكمت النفايات في شوارع المحافظة بالأطنان، منذرة بكارثة صحية وبيئية محتملة، جراء تراكم النفايات والحشرات وانتشار الروائح الكريهة.