اخبار الإقليم والعالم
الحوثيون يصعّدون حملة تكميم الأفواه منعا لأي تململ شعبي في مناطق سيطرتهم
أرفقت جماعة الحوثي انخراطها في الصراع الدائر بالمنطقة من خلال استهدافها لخطوط الملاحة في البحر الأحمر في إطار ما تقول إنّه دعم من قبلها لحركة حماس الفلسطينية في مواجهتها مع إسرائيل، بتصعيد مواز ضدّ جميع من تعتقد أنّهم يخالفونها الرأي في مناطق سيطرتها، وذلك استباقا لأي تحرّكات أو تململ شعبي ضدّها تعلم أنّه يعتمل تحت رماد الأوضاع بالغة السوء التي يواجهها السكان في مناطق سيطرتها.
ولم توفّر حملات الاعتقال التعسفي التي تشنّها الأجهزة الأمنية للحوثيين حتى موظّفي الأمم المتحدة ومنظمات العمل الخيري والإنساني، مثلما لم تستثن من قبل المغنين في الأعراس والمحتفلين بذكرى ثورة 26 سبتمبر.
وقالت منظمتان لحقوق الإنسان، الثلاثاء، إنّ جماعة الحوثي المدعومة من إيران نفذت حملة اعتقالات جديدة الشهر الماضي طالت عشرات الأشخاص لممارستهم حقهم في حرية التعبير.
◄ حملات الاعتقال التعسفي لم تستثن موظفي الأمم المتحدة والمغنين في الأعراس والمحتفلين بذكرى ثورة 26 سبتمبر
واعتقل الحوثيون الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ومناطق شاسعة في البلاد منذ شهر يونيو الماضي 13 موظفا في الأمم المتحدة وأكثر من 50 عاملا في منظمات غير حكومية وموظفا يعمل في سفارة.
وقالت هيومن رايتس ووتش ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في بيان إنّ “سلطات الحوثيين اعتقلت عشرات الأشخاص في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2024 بسبب احتفالهم السلمي أو منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي حول ثورة 26 سبتمبر في اليمن” وذلك في ذكرى تأسيس الجمهورية العربية اليمنية عام 1962.
وأضاف البيان “يعتقد الحوثيون الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية صنعاء وجزء كبير من شمال اليمن، أنه ينبغي الاحتفال بدلا من ذلك بيوم 21 سبتمبر وهو اليوم الذي سيطروا فيه على صنعاء”.
وتابع البيان “لم يوجّه الحوثيون تهما إلى الكثير من المحتجين، مما يرقى إلى الاحتجاز التعسفي”، مضيفا أن على الجماعة “الإفراج فورا عن كافة المحتجزين لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التجمع والتعبير، وكذلك عن جميع الذين مازالوا رهن الاحتجاز التعسفي، بمن فيهم عشرات موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني في اليمن الذين تم اعتقالهم وإخفائهم خلال الأشهر الأربعة الماضية”.
وكانت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية قد دعت الأحد إلى الإفراج عن موظفيها قائلة إنها “تشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بأن حكومة الأمر الواقع الحوثية بدأت ملاحقات جنائية بحقهم”.
وبعد توقيفهم قال الحوثيون إنهم اعتقلوا أعضاء في “شبكة تجسس أميركية إسرائيلية” تعمل تحت غطاء منظمات انسانية، وهو ما نفته الأمم المتحدة نفيا قاطعا.
ووضع ذلك السلوك الحوثي سكان المناطق أمام محذور خسارة الدور الحيوي الذي تقوم به تلك الهيئات في مساعدة سكان تلك المناطق على مواجهة الظروف الصعبة التي يعيشونها من خلال ما تقدّمه لهم من مساعدات حيوية بعضها منقذ للحياة، فضلا عن الجهود الأممية الكبيرة في تهدئة الصراع المسلح القائم في اليمن ومحاولة إيجاد مخرج سلمي له.
وفي خطوة معاكسة للمناشدات الكثيرة للجماعة بإطلاق سراح الموظفين الأمميين والإنسانيين المحتجزين لديها على خلفية تهم بالتجسّس يصفها كثيرون بالفضفاضة والمفتقرة للحجج والأدلّة، قرّر الحوثيون إحالة هؤلاء الموظفين على النيابة الجزائية ما يعني الإصرار على محاكمتهم التي تعني جعل مصائرهم رهن قضاء تتواتر التأكيدات بشأن عدم مهنيته وعدم استقلاله عن سلطة الأمر الواقع التي يفرضها الحوثيون في مناطق سيطرتهم بقوّة السلاح.
وقال بيان مشترك للمنظمات الأممية والدولية “يساورنا قلق بالغ إزاء ما ورد بشأن إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية لعدد كبير من الزملاء المحتجزين تعسفا إلى النيابة الجزائية”. وأضاف البيان “ينتابنا حزن شديد إزاء تلقي خبر هذا التطور المبلغ عنه في الوقت الذي كنا نأمل فيه إطلاق سراح زملائنا”.
وأشار إلى أنّ “توجيه اتهامات محتملة ضد المحتجزين أمر غير مقبول ويطيل فترة احتجازهم دون أي تواصل والذي عانوا منه بالفعل”.
ومن بين موقعي البيان شخصيات دولية وازنة مثل المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس والمديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة يونسكو أودري أزولاي ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك والمدير التنفيذي لمنظمة أوكسفام الدولية أميتاب بيهار.
واستولى الحوثيون المقربون من إيران على العاصمة صنعاء في العام 2014 ما أدى في العام التالي إلى تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية لدعم الحكومة اليمنية. وأسفر النزاع عن مئات آلاف القتلى وتسبب بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وتراجعت حدة القتال بشكل ملحوظ منذ إعلان هدنة في أبريل 2022، رغم انتهاء مفاعيلها بعد ستة أشهر.
ويشنّ الحوثيون منذ نوفمبر من العام الماضي هجمات على سفن تجارية انطلاقا من المناطق الخاضعة لسيطرتهم في اليمن.
ويقول هؤلاء إنّهم يشنون هذه الهجمات تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تشنّ إسرائيل حربا ضدّ حركة حماس بعد هجوم الأخيرة على أراضيها في السابع من أكتوبر 2023.