اخبار الإقليم والعالم
المغازلة السياسية لم تنفع مع الأسد، أردوغان يجرّب التخويف من إسرائيل
أظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان غيرة مفاجئة على وحدة الأراضي السورية محذرا من معاناة جديدة للسوريين في حال استهدفت إسرائيل بلادهم.
ويحاول الرئيس التركي أن يتخذ من التخويف من إسرائيل مدخلا لكسب ودّ الرئيس السوري بشار الأسد، الذي لم تنفع معه المغازلة السياسية في مرات سابقة ورفض دعوات من أردوغان لأكثر من لقاء واضعا شرطا رئيسيا للتقارب مع أنقرة، وهو انسحابها الكلي من الأراضي السورية.
ويبدو أردوغان وكأنه يخيّر الأسد بين جار مزعج ومؤذ لكنه لم يعد يريد إسقاطه، أي تركيا، وعدو إسرائيلي يربط بينه وبين إيران مصيريا، ولا يجد مانعا من توجيه ضربة مشتركة لها ولكل من يتحالف معها، بما في ذلك دمشق، وأن لا عودة إلى حلول توافقية بالنسبة إليها.
ورغم أن الأسد تصرف بهدوء وابتعد عن التصعيد متجاوزا كمّا كبيرا من الضربات الإسرائيلية لأهداف إيرانية تمّت على أرضه، إلا أن تطورات الحرب قد تخلط الأوراق وقد تجرّ سوريا إليها خاصة في ظل استمرار الوجود العسكري الإيراني إما بشكل مباشر أو عن طريق ميليشيات، وفي ظل استمرار محاولات تهريب الأسلحة إلى حزب الله.
ويرى مراقبون أن أردوغان يحاول أن يوظف أيّ معطى جديد للفت نظر الأسد إلى الحاجة إلى التقارب بين دمشق وأنقرة، حتى لو كان أمرا يتجاوزه مثل حصول حرب على الأراضي السورية، خاصة أن تركيا لا تقدر على شيء سوى على المراقبة كما حصل ويحصل في غزة بالرغم من التصريحات التركية المناوئة لإسرائيل.
وأشار أردوغان إلى أن سوريا عاشت معاناة كبيرة، وأنه يتعين على الإنسانية أن تعارض إضافة معاناة جديدة لهذا البلد، في إشارة إلى الاستهداف الإسرائيلي.
ولا يستطيع الرئيس التركي أن يبدو محسوبا مباشرة على إيران أو حزب الله، لكنه يحاول فتح قنوات التواصل مع دمشق لأن مصلحة بلاده تقتضي تسوية خلافها مع الأسد أسوة بدول إقليمية أخرى.
ولفت إلى أن تركيا ومنذ بداية الأزمة السورية لطالما أكدت على احترامها لوحدة أراضي سوريا، وهو ما يتناقض مع ما فعلته وتفعله تركيا على أرض الواقع، حيث ما تزال القوات التركية موجودة على الأراضي السورية، كما أن أنقرة تدعم وتسلح مجموعات موالية لها لبناء كيانات في الشمال.
ودأب مسؤولون سوريون على قول إن أيّ تحركات نحو تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة لا يمكن أن تحدث إلا بعد موافقة تركيا على سحب الآلاف من القوات التي نشرتها في شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة.
ويريد أردوغان أن يكون وقوفه في صف الأسد ضمن مقاربة منعه سوريا من الاشتراك في الحرب حتى لا تستفيد منها إيران وتبدو وكأنها اللاعب الإقليمي الوحيد، وهو ما سيحمل لها مكاسب على المدى البعيد ليس أقلها النظر إليها كقوة توازن في وجه إسرائيل.
◄ أردوغان يبدو وكأنه يخير الأسد بين جار مزعج ومؤذ لكنه لا يريد إسقاطه، وعدو إسرائيلي يربط بينه وبين إيران مصيريا
وقال الرئيس التركي إن أنقرة استخدمت كافة الوسائل الدبلوماسية لحماية سيادة سوريا، وإن كل خطوة اتخذتها تركيا كانت تهدف إلى تخفيف التوتر في المنطقة وإرساء أساس لإيجاد حل للأزمة.
وأضاف ”اليوم، يمكن للاستخدام الفعال للقنوات الدبلوماسية أن يمنع تصعيد الصراع” في المنطقة.
وأكد أنه يتوجب على الإنسانية أن تقف ضد إسرائيل التي تحولت إلى وحش يقتل السلام والاستقرار.
وتابع ”سنواصل العمل من أجل استعادة وحدة سوريا وتحقيق السلام والاستقرار فيها، وسنزيد جهودنا لخلق أجواء سلام عادل ومشرف ودائم وشامل في سوريا”.
ولتأكيد وقوف أردوغان إلى جانب سوريا والأسد، قالت وزارة الخارجية التركية إن تمديد الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على سوريا لمدة عام إضافي، لا يتوافق مع الحقائق على الأرض.
جاء ذلك في بيان صادر عن متحدث وزارة الخارجية التركية أونجو كتشلي، السبت.
وأوضح كتشلي أنه بدلاً من تكرار مثل هذه التصرفات مسبقة الحكم، فإن دعم السياسات التركية التي تركز على وحدة الأراضي السورية ووحدتها السياسية، سيساهم في استقرار المنطقة.
وتفرض الولايات المتحدة منذ عام 2019 عقوبات على العديد من مكونات النظام السوري بموجب المرسوم الرئاسي رقم 13894، الذي جرى تمديده.
ولا يبدو أردوغان مهتما بالترتيبات الخاصة بالتسوية من الجانب التركي بما في ذلك مناقشة وضع المعارضة السورية التي احتمت بأنقرة لأكثر من عشر سنوات ووضْع الفصائل المسلحة التي تنتمي إليها، ويمكن أن يناقش أيّ ترتيب يخصها بما في ذلك تسليمها إلى الأسد ضمن حزمة تفاهمات فضفاضة تحمل مسمّيات توحي بالحل مثل دمجها في القوات الحكومية.
وتستقبل أنقرة التي تسيطر على أجزاء كبيرة من الأراضي في شمال غرب سوريا بدعم من فصائل سورية معارضة، أكثر من 3.2 مليون لاجئ سوري، بحسب بيانات رسمية للأمم المتحدة، من أصل عدد سكان يبلغ 85 مليون نسمة.
وكان الأسد قد أبدى إيجابية تجاه دعوة سابقة لأردوغان، لكنه قال إن المشكلة ليست في حصول اللقاء بحدّ ذاته وإنما في مضمونه.
وتساءل الرئيس السوري “ما هي مرجعية اللقاء؟ هل ستكون إلغاء أو إنهاء أسباب المشكلة التي تتمثل بدعم الإرهاب، وانسحاب (القوات التركية) من الأراضي السورية؟”، مضيفاً “هذا هو جوهر المشكلة”.
ويراهن أردوغان على علاقته الوطيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لترتيب لقاء ثلاثي يجمع بينهما وبين الأسد ليكون فاتحة لكسر القطيعة وفتح الباب أمام تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
وأشار الرئيس التركي السبت إلى أن أنقرة ومنذ بداية الحرب في سوريا تتابع بدقة الخطوات التي ستتخذها روسيا، لأنها تعمل بشكل مشترك مع سوريا (النظام).