تقارير وحوارات
المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يكشف : القاعدة الصاروخية السرية لانتاج صواريخ بالستية في إيران
وفقاً لتحقيق أجرته صحيفة “التلغراف” وبدعم من المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، قامت إيران بتكثيف جهودها لإنتاج الصواريخ الباليستية في قاعدة عسكرية سرية تُعرف باسم “معسكر الشهيد سلطاني”. وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد عمليات شحن الصواريخ إلى حلفاء طهران، بما في ذلك روسيا والمتمردون الحوثيون في اليمن، مما يشير إلى تصعيد كبير في الأنشطة العسكرية في المنطقة.
وأضاف التقرير أن معسكر الشهيد سلطاني يقع شمال شرق طهران في منطقة جبلية بين مدينتي كرج وإشتهارد، ويخضع لسيطرة قيادة صواريخ الغدير التابعة للحرس الثوري الإيراني (IRGC). وقد تسارعت وتيرة توسيع هذا الموقع بشكل كبير في النصف الثاني من عام 2024، بالتزامن مع تقارير من الحكومات الغربية التي أفادت بأن إيران بدأت في نقل الصواريخ الباليستية إلى روسيا. هذه التطورات تتزامن مع تصاعد الهجمات الصاروخية التي يشنها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران على السفن التجارية في البحر الأحمر.
ووفقًا للتقریر الصادر عن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، والذي جُمِع بمساعدة مصادر من داخل إيران والحرس الإيراني، فإن معسكر الشهيد سلطاني يُستخدم بشكل أساسي لتخزين وتحضير الصواريخ قبل شحنها إلى وكلاء إيران. الموقع مجهز بمنشآت سطحية واسعة وشبكة من الأنفاق تحت الأرض مصممة لحماية ترسانة الصواريخ من الهجمات الجوية. ولدى المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية تاريخ طويل في كشف العمليات السرية داخل إيران، حيث كان أول من كشف عن وجود منشأة نطنز النووية في عام 2002.
وأفاد التقرير أن معسكر الشهيد سلطاني يحتوي على مزيج من البنية التحتية القديمة والمنشآت المطورة حديثاً. يتكون المعسكر من منطقتين رئيسيتين: الأولى تحتوي على خمسة مستودعات كبيرة تغطي مساحة حوالي 6,500 متر مربع، والأخرى تحتوي على حوالي 10 منشآت ذات أسطح بيضاء تشغل حوالي 3,000 متر مربع. ويُقدر ارتفاع إحدى البنايات الرئيسية بنحو 20 متراً، مما يشير إلى وجود نظام رفع داخلي لتحريك الشحنات الثقيلة. ويتضمن الموقع أيضاً نفقين، يبلغ طول كل منهما حوالي 305 أمتار، وقد اكتمل بناؤهما في عام 2021 بعد أن بدأت عملية الحفر في عام 2017.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية من يوليو 2024 زيادة في النشاط، حيث شوهد أكثر من 10 مقطورات متوقفة خارج المنشأة. هذه الزيادة في النشاط تشير إلى تصاعد عمليات إنتاج وتحضير الصواريخ بشكل ملحوظ. يُعتقد أن الصواريخ المخزنة في هذا الموقع تشمل صواريخ شهاب 3، وهي صواريخ باليستية متوسطة المدى، وصواريخ من طراز “فتح” التي تم تسليمها حديثاً إلى روسيا.
ولم تمر أنشطة إيران في معسكر الشهيد سلطاني دون ملاحظة المجتمع الدولي. إذ أن وحدة صواريخ الغدير التابعة للحرس الإيراني، التي تشرف على هذا الموقع، تخضع لعقوبات أمريكية وأوروبية منذ أكثر من عقد من الزمان بسبب تورطها في نشر تقنيات الصواريخ الباليستية ودعم وكلاء مسلحين في مناطق الصراع. يؤكد تطوير مثل هذه المنشآت على أهمية تعزيز إيران لقدراتها الصاروخية كوسيلة لتعزيز نفوذها الإقليمي ودعم الحلفاء المسلحين.
وبحسب “التلغراف”، حسين عابديني، نائب ممثل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI) في المملكة المتحدة، علق على استراتيجيات إيران العسكرية قائلاً: «تصدير الإرهاب والتطرف وإثارة الحروب هو الوجه الآخر للقمع الداخلي وجزء لا يتجزأ من استراتيجية النظام للبقاء.» وأضاف: «لقد أعلن الوليالفقیة للنظام، علي خامنئي، مراراً أنه إذا لم نقاتل خارج حدود إيران، فسنضطر للقتال مع العدو في المدن الإيرانية.» تعكس هذه التصريحات الاستراتيجية الأوسع للنظام الإيراني في تصدير نفوذه من خلال التدخل العسكري المباشر وحروب الوكالة.
كما أشارت القوات العسكرية الإسرائيلية إلى استعدادها للرد على أنشطة إيران الصاروخية، حيث يمكن أن يتضمن ردها “هجوماً جاداً وواسع النطاق” قد يستهدف مواقع مثل معسكر سلطاني. قد يكون هذا الرد مدفوعاً بتصاعد الهجمات الصاروخية الأخيرة التي يُعتقد أنها مرتبطة بهذا المعسكر.
وتُعتبر التدابير الأمنية حول معسكر سلطاني صارمة للغاية، حيث يصف المسؤولون المحليون المنطقة بأنها حساسة للغاية. يُحيط بالمعسكر صفان من الأسلاك الشائكة، وتُفرض إجراءات صارمة على الدخول، حيث يتواجد الحراس على الطرق المؤدية إلى الموقع، ولا يُسمح بالدخول إلا للمركبات التابعة لموظفي الموقع الصاروخي. كما يُمنع السكان المحليون من التقاط صور أو الاقتراب من المنشأة.
وتتوافق هذه التدابير الأمنية مع استراتيجية إيران الأوسع لبناء شبكات الأنفاق في مواقعها العسكرية والنووية لحماية الأصول الحيوية من الهجمات الجوية المحتملة. ويُعتقد أن الأنفاق بالقرب من معسكر الشهيد سلطاني تؤدي دوراً مشابهاً، حيث تحمي مخزون الصواريخ وتعزز قدرة الموقع على الصمود ضد أي هجوم خارجي.
وختمت “التلغراف” بأن المعلومات الجديدة حول معسكر سلطاني تسلط الضوء على استمرار إيران في تعزيز تقنياتها الصاروخية ودعمها لوكلائها الإقليميين. التعاون بين طهران وحلفائها، مثل روسيا والحوثيين، يمثل تحولاً كبيراً في المشهد الجيوسياسي، مما يثير القلق بين الدول الغربية والأطراف الإقليمية. ومع استمرار طهران في مبادراتها لتطوير الصواريخ، من المرجح أن يتزايد تركيز المجتمع الدولي على طموحات إيران العسكرية وتداعياتها على استقرار المنطقة.