تقارير وحوارات
تلويح إسرائيل باستهداف السيستاني: جر الميليشيات للاشتباك مع الأميركيين
أثار تلويح إسرائيل باستهداف المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني غضب الميليشيات الموالية لإيران، وهو ما تسعى إليه إسرائيل.
ويقول محللون إن إسرائيل تسعى إلى استفزاز الميليشيات بتمرير معلومة استهداف السيستاني، وهي تعرف أنهم مندفعون وسيردون، لكنهم لا يمتلكون الأدوات التي تسمح لهم بالرد مباشرة على إسرائيل أو أن يعمدوا إلى استخدام الأدوات التي بأيدهم، وهي مسيّرات بسيطة لن تحدث أي فارق.
وفي ظل عدم القدرة على ضرب إسرائيل يرجح أن ترد الميليشيات على الأميركان من خلال تواجدهم في العراق أو سوريا بل وحتى افتعال مواجهة مع قوات أميركية في الكويت أو منطقة في الخليج، ما يمنح الولايات المتحدة مبررا للاشتراك في الحرب، وهو ما تريده إسرائيل.
محللون يستبعدون أن تفكر إسرائيل في استهداف السيستاني لأنه ليس شريكا في الحرب بأي شكل من الأشكال، ولم يصدر فتوى الجهاد الكفائي ضد إسرائيل
ويستبعد المحللون أن تفكر إسرائيل في استهداف السيستاني لأنه ليس شريكا في الحرب بأي شكل من الأشكال، ولم يصدر فتوى الجهاد الكفائي ضد إسرائيل كما فعل في 2014 بالدعوة إلى الجهاد ضد تنظيم داعش، وهي الفتوى التي قادت إلى تشكيل الحشد الشعبي وتحوله إلى قوة مهيمنة على العراق. لكن حالة الهوس والرعب داخل الميليشيات الموالية لإيران تجعلها تتحسب لاستهداف السيستاني.
ووفق ما نشرته القناة “14” الإسرائيلية ظهرت صورة السيستاني إلى جانب صور لزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، والشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني، والمرشد الإيراني علي خامنئي.
وظهرت علامة “هدف” على رأس كل واحد من هؤلاء ضمن الصور المنشورة، دون أن تفسر القناة الإسرائيلية سبب وضع السيستاني ضمن قائمة الاغتيالات.
وتجد الميليشيات العراقية الحليفة لإيران نفسها في وضع مريح حاليا، فهي تطلق مسيرات وصواريخ باتجاه إسرائيل من دون أن تصل إلى أهدافها وتجعل من ذلك عنوانا للبطولة لتواصل السيطرة على المشهد العراقي.
ولا شك أن الولايات المتحدة لم تعد تحتمل الاستفزازات التي تلجأ إليها الميليشيات بين الحين والآخر بإطلاق صواريخ على مواقع عسكرية أو دبلوماسية أميركية، كما أن مناخ الحرب الذي يطغى على الإقليم قد يدفع القوات الأميركية إلى توجيه ضربات نوعية لمسلحي المجموعات الشيعية مستفيدة من بنك المعلومات الذي تمتلكه عن هذه المجموعات.
وردّت الولايات المتحدة مرارا على الهجمات بشنّ ضربات جوية طالت مقرات للفصائل في سوريا والعراق، جاء أعنفها بعد مقتل ثلاثة جنود أميركيين في هجوم استهدف في يناير الماضي مركزا بشمال الأردن كانوا موجودين فيه.
وتنشر الولايات المتحدة نحو 2500 عسكري في العراق وحوالي 900 عسكري في سوريا، وذلك في إطار التحالف الدولي الذي شكّلته عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش.
والأربعاء أعربت الحكومة العراقية عن رفضها القاطع لـ”أي مساس إسرائيلي بمكانة المرجعية الدينية العليا” في البلاد، في إشارة إلى السيستاني.
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي “بعد أن أوغل الكيان الصهيوني بحرب الإبادة الجماعية، وارتكب الجرائم المفضوحة ضدّ الإنسانية، وممارسته علنًا القتل والعدوان في غزة ولبنان، يأتي الدور على وسائل إعلامه المحرّضة والعنصرية، في محاولة رخيصة للإساءة إلى صورة المرجعية الدينية العليا”.
الميليشيات الحليفة لإيران في وضع مريح، فهي تطلق مسيرات وصواريخ باتجاه إسرائيل لا تصل إلى أهدافها وتجعل من ذلك عنوانا للبطولة لتواصل السيطرة على المشهد العراقي
وأضاف أن “الحكومة العراقية ترفض بأشدّ العبارات أي مساس بمكانة مرجعيتنا، التي تحظى بتقدير واحترام كل الشعب العراقي، والعالمينِ العربي والإسلامي، والمجتمع الدولي”.
وعكست رسالة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الاثنين إلى الرئيس الأميركي جو بايدن ودول الاتحاد الأوروبي -على خلفية حلول ذكرى السابع من أكتوبر- تخوّفه من وصول الحرب إلى العراق الذي يعيش تحت سيطرة الميليشيات الموالية لطهران المنخرطة في الصراع منذ أشهر بتوجيه ضربات إلى إسرائيل مهددة بإشعال أزمة طاقة في العالم إذا تم استهداف إيران.
وقال رئيس الوزراء العراقي ضمن بيان “في ظلّ التداعيات الخطيرة التي تشهدها المنطقة، نوجّه رسالتنا إلى كلّ الأصدقاء، وبالخصوص الرئيس الأميركي جو بايدن، ودول الاتحاد الأوروبي، بأننا نقف على أعتاب منزلق خطير قد يجرّ المنطقة والعالم إلى حروب مستمرة، ويهزّ الاقتصاد العالمي”.
ويعرف السوداني أن إسرائيل تعمل على تفكيك المجموعات المسلحة المعادية لها؛ وكما فعلت مع حماس وحزب الله، فإنها ستوسع نشاطها إلى ضرب الحوثيين بتكثيف أكبر وأكثر فاعلية بهدف تصفية القادة العسكريين والسياسيين، ثم إلى العراق لملاحقة زعماء الميليشيات ومواقع نفوذها وشبكات تهريب الأسلحة عبر سوريا إلى حزب الله.
ولم يسبق أن تحدثت إسرائيل عن السيستاني كأحد أهداف الاغتيال رغم أن عددا من مسؤوليها أوردوا جميع الأسماء الأخرى باعتبارها “أهدافا” محتملة.
والسيستاني، من مواليد عام 1930، مرجع ديني للشيعة الاثني عشرية الأصولية ويقيم في مدينة النجف وسط العراق، التي تعد مركزا لمجموعة من مدارس العلوم الدينية الرئيسية تسمى “حوزة النجف”.