اخبار الإقليم والعالم
إستراتيجية الرقمنة تعزز جاذبية المغرب للاستثمارات
أطلقت السلطات المغربية قبل فترة إستراتيجية للتحول الرقمي بميزانية تتخطى المليار دولار، وذلك بهدف تطويع التكنولوجيا في الخدمات الحكومية للمواطنين والشركات من جهة، وجلب استثمارات وتنمية الاقتصاد من جهة ثانية.
ويركز صناع القرار الاقتصادي على مطاردة محفزات زيادة المحتوى المحلي من خلال دعم المنتجات ذات القيمة المضافة بالتوازي مع بحث فرص تطوير قطاع الابتكار.
وقال رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال إطلاق هذه الإستراتيجية الطموحة الشهر الماضي، إن “ميزانيتها… تبلغ 11 مليار درهم (1.1 مليار دولار) والتي سيتم تنفيذها بين 2024 و2026”.
وترى الحكومة أن الإستراتيجية تهدف لتنمية الاقتصاد الرقمي في البلاد لتوفير 240 ألف فرصة عمل للشباب بمختلف أنحاء البلاد. وحقق المغرب خلال العقدين الأخيرين مجموعة من الإنجازات في مجال تحسين مناخ الأعمال، ساهمت في جعله وجهة استثمارية معترف بها عالميا.
لكن أوساطا اقتصادية محلية تؤكد على ضرورة توفير شروط وضمانات لنجاح الإستراتيجية، مثل الحوكمة، وإصدار تشريعات جديدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي.
كما أبرزت هيئة حكومية ضرورة تحسين الأمن السيبراني والسيادة الرقمية في عموم البلاد، مع جعل الذكاء الاصطناعي أولية وطنية في برنامج التحول الرقمي.
وقالت وزيرة الانتقال الرقمي غيثة مزور أثناء إطلاق الإستراتيجية الرقمية في الرباط إن “الإستراتيجية تهدف لرقمنة الخدمات بالإدارات الحكومية لتسهيل تقديم الخدمات للمواطنين والشركات، إضافة إلى تلبية احتياجاتهم في هذا المجال”. كما تهدف الإستراتيجية، وفق الوزيرة، إلى “خفض مدة الحصول على الخدمات الحكومية، ورقمنة الاقتصاد من أجل رفع الإنتاجية”.
وتابعت “الإستراتيجية تهدف لتنمية الاقتصاد الرقمي في البلاد لتوفير 240 ألف فرصة عمل للشباب، إضافة إلى تدريب حوالي 140 ألف شاب في مجال الرقمنة سنويا حتى عام 2030”.
وأبرزت مزور في ندوة صحفية على هامش إطلاق الإستراتيجية أن تنفيذها سيحترم الحوكمة والشفافية. وأكدت أن لجنة مشتركة برئاسة رئيس الحكومة، تضم ممثلين عن القطاعين العام والخاص، ستعنى بتتبع صرف الميزانية لهذه الاستراتيجية.
وبالنسبة للمغرب الذي حل في المركز السبعين عالميا والسابع عربيا خلال عام 2023 في مؤشر الابتكار الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية، فإن الأعمال الريادة ليست مجرد نشاط عابر يقدمه أصحاب الأفكار التكنولوجية، بل هو محور لبناء جيل المستقبل.
ويبرز تكنوبارك مجمع الأعمال المرتبط بتقنية المعلومات والاتصال في الدار البيضاء، والذي تأسس في العام 2001، كعلامة فارقة تؤكد اهتمام الرباط بقطاع التكنولوجيا منذ سنوات.
ووصف سليمان العمراني، المتخصص بالتحول الرقمي، أهداف الإستراتيجية بـ”الكبيرة والحالمة”، سواء تعلق الأمر بعدد فرص العمل التي تطمح لتوفيرها الحكومة، أو الميزانية التي تم توفيرها للغرض.
وفي تصريح للأناضول، يعتقد العمراني أن وضع الاقتصاد في بلاده لا يحتمل استحداث هذا العدد من فرص العمل، خاصة أنه يعيش هشاشة على مستوى الوظائف الجديدة.
◙ 1.1 مليار دولار ميزانية الإستراتيجية الجديدة والتي ستنفذها الحكومة لغاية العام 2026
وقال “تجاوزت نسبة البطالة 13 في المئة وهو رقم غير مسبوق في السنوات الماضية، رغم أن قطاع التكنولوجيا الحديثة قطاع واعد، يمكن أن يساهم في حلحلة هذه الوضعية الصعبة لقطاع التشغيل”.
واستدرك العمراني بالقول إنه “إذا لم تسهم هذه الإستراتيجية في الوصول إلى هدفها من حيث فرص العمل، فإنها ستقترب من هذا الرقم إذا توفرت بعض الضمانات والشروط الأساسية”. ومن بين هذه الضمانات، ضرورة وجود نظام حوكمة لتنفيذ الإستراتيجية، خاصة على مستوى الإشراف المؤسساتي من خلال رئاسة الحكومة.
وتابع الخبير المغربي “من بين الشروط أيضا، الانخراط الفعلي للمعنيين والخبراء في المجال، في تنفيذ الإستراتيجية والمساهمة في الالتزامات المالية وحسن تنفيذها”. ولفت العمراني الانتباه إلى “العنصر القانوني، والذي يحتاج إلى إصدار تشريعات جديدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي ومواكبة مستجدات التكنولوجية الحديثة”.
وزاد “الاستراتيجية تحتاج إلى برنامج مفصل يحدد الإجراءات التفصيلية، وبرنامج زمني محدد، وآليات المتابعة لاعتماد خارطة طريق تفصيلية للاستراتيجية”. وأضاف أن القطاع الرقمي “يوفر الكثير من فرص العمل”، وهو ما يقتضي من البلاد استثماره.
ويعتقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن هناك “غيابا لفاعلين تكنولوجيين محليين، فضلا عن ضعف إنتاج محتوى رقمي وطني ثقافي تعليمي”. وفي تقرير سابق له، دعا المجلس إلى إعطاء الأولوية للرقمنة، وتعزيز التطبيقات الجديدة ذات التأثير على المواطنين والشركات.
ولفت إلى أهمية تحسين الأمن السيبراني والسيادة الرقمية من أجل إرساء تحول رقمي، من خلال تحسين صمود البنى التحتية، وتعزيز حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
وتقول مزور إن بلادها تراهن على تطوير إمكانات البلاد في مجال الذكاء الاصطناعي لاستقطاب شركات دولية. وفعليا، تم توقيع اتفاقية مع إحدى الشركات الدولية لإنشاء مركز للبحث والتطوير في التكنولوجيا، منها الذكاء الاصطناعي، خلال مايو الماضي.
وبحسب الوزيرة، فإن بلادها تهدف إلى توظيف الذكاء الاصطناعي لتطوير جودة الخدمات لفائدة المواطنين والشركات والمؤسسات. وأوضحت أن الإستراتيجية تهدف إلى تطوير المجال الرقمي في بلادها، لجلب استثمارات في هذا القطاع.
وفي مطلع فبراير الماضي دشنت الحكومة مدرستين للذكاء الاصطناعي والرقمنة في مدينتي تارودانت وسط البلاد وبركان شمال شرق البلاد، في تجربة غير مسبوقة في المغرب.
وعقب ذلك بشهرين تقدمت الكتلة النيابية لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، لمجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان)، بمقترح قانون لتقنين استخدام الذكاء الاصطناعي.
ودعت المذكرة التوضيحية لمقترح القانون التي تقدمت بها، إلى “ضرورة قوننة الذكاء الاصطناعي في المغرب بهدف التصدي لسلبياته واستعمالاته غير المشروعة”.
ووفق بيانات رسمية، فإن عدد المشتركين بالهاتف النقال بالمغرب ارتفع بنسبة 4.8 في المئة إلى أكثر من 55.4 مليون مشترك خلال النصف الأول من العام الحالي.
وتقول مديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، إن عدد المشتركين بالإنترنت ارتفع بنسبة 7.5 في المئة إلى 38.3 مليون مشترك.