اخبار الإقليم والعالم

بداية بمطبات عن الصلاحيات والعلاقات الإقليمية لعهدة تبون الثانية

يبدو أن طريق الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لاستعادة صلاحياته كاملة وإحداث تغييرات في ولايته الرئاسية الثانية لن تكون مفروشة بالسجاد الأحمر، في ظل مقاومة خفية داخل مؤسسات الدولة تسعى لعرقلة خططه، وخاصة مع تعلق بالعلاقات الإقليمية.

وأعلنت وزارة الخارجية الجزائرية عن فرض التأشيرة على المواطنين المغاربة الراغبين في الدخول إلى التراب الجزائري، لتكون بذلك الخطوة الأولى من نوعها منذ ظهور الاتحاد المغاربي نهاية الثمانينات، وغلق الحدود البرية عام 1994.

وجاءت الخطوة مفاجئة لسياق توجه الرئيس الجزائري بعد مروره إلى ولاية رئاسية ثانية في انتخابات السابع من شهر سبتمبر الجاري، حيث أبان عن نية خفض التوتر بين بلاده ومحيطها الإقليمي والدولي، وكسر الطوق الذي فرض على الجزائر عزلة، لاسيما مع دول الجوار وبلدان الساحل والعمق العربي والدولي.

نية الرئيس تبون إحداث تغييرات تصطدم بنفوذ ومقاومة من طرف دوائر متغلغلة داخل السلطة، لا تفوّت فرص وضع العراقيل

ومثلما تدخلت مؤسسة الرئاسة بشكل غريب لا يترجم مقامها الرسمي، لتكذيب خبر إقالة مدير وكالة الأنباء الرسمية، ومدير مؤسسة البث الإذاعي والتلفزي، فاجأت وزارة الخارجية المتابعين للشأن الجزائري بإعلان قرار فرض التأشيرة على المواطنين المغاربة، وهو ما يتنافى مع لهجة التفاؤل واستغلال الولاية الرئاسية الثانية لتثبيت أركان مؤسسة الرئاسة ومسكها الجيد بالخيوط والروابط المؤثرة على غرار الإعلام والأمن والدبلوماسية.

ويبدو أن نوايا الرئيس تبون تصطدم بنفوذ ومقاومة من طرف دوائر متغلغلة داخل السلطة، وهو ما تجلى في أحداث العنف التي خيمت على لقاء كروي أفريقي بين ناديي مولودية الجزائر والاتحاد المنستيري التونسي، فالتكليف النادر لجهاز الدرك بتأمين وتنظيم المباراة أفرز عنفا غير مسبوق يحمل في ثناياه تأليبا لجماهير نادي العاصمة على المؤسسات الرسمية، بسبب الإفراط في استعمال الغلظة والقسوة، فضلا عن إرباك العلاقة مع تونس.

ويذهب البعض إلى تفسير ما حدث على أنه تنفيذ لتعليمات خفية، وانتقام من العلاقة بين النادي والرئيس تبون، الذي أهداه ملعبا من الطراز العالمي قبل أن يتعرض للتخريب في أول مقابلات الفريق، بحسب روابط المشجعين التي تطالب بفتح تحقيق معمق في الأحداث.

وأعقبت ذلك معلومات عن إقالة مديري وكالة الأنباء الرسمية ومؤسسة البث الإذاعي والتلفزي، قبل أن تتدخل مديرية الاتصال في الرئاسة لنفي الخبر عبر بيان مقتضب، ثم إعلان الخارجية عن فرض التأشيرة على المواطنين المغاربة الراغبين في الدخول إلى التراب الجزائري.

وهذه مؤشرات تنم عن تخبط داخل دوائر القرار، أو وجود أكثر من جهة تريد فرض توجهاتها والاستقواء بعناصرها في مفاصل الدولة والمؤسسات، رغم أن السياق السائد يوحي باعتزام الرئيس تبون المسك بجميع الخيوط خلال السنوات الخمس القادمة، بما في ذلك علاقات الجزائر الخارجية، أو فتح حوار مع القوى الحية في الداخل.

وبررت وزارة الخارجية قرارها الصادر الخميس بما أسمته في بيانها بـ”إساءة استغلال النظام المغربي لغياب التأشيرة بين البلدين، حيث انخرط في أفعال شتى تمس باستقرار الجزائر وبأمنها الوطني، فقد قام بتأسيس شبكات متعددة للجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات والبشر، ناهيك عن التهريب والهجرة غير الشرعية وأعمال التجسس، وكذا نشر عناصر استخباراتية صهيونية من حملة الجوازات المغربية للدخول بكل حرية للتراب الوطني”.

وأضاف “هذه التصرفات تشكل تهديدا مباشرا لأمن البلاد وتفرض مراقبة صارمة للدخول والإقامة على التراب الوطني على مستوى جميع النقاط الحدودية”.

ويعتقد متابعون للشأن المغاربي أن الكلام المعادي للمغرب وما تخلله من شحن عدائي يشيران إلى أن الجهة التي صاغته تريد دفع الرئيس تبون إلى التراجع عن خيار التقارب مع المحيط الإقليمي، لافتين إلى أن الاتهامات لا تستند إلى منطق وغير مبررة خاصة أنها تعمل على تحويل خلاف سياسي بين البلدين إلى عداء وكراهية بين الشعبين من خلال التحريض على المغاربة.

العلاقات الجزائرية – المغربية تعيش على وقع مسار متذبذب يخيم عليه الفتور أو التأزيم منذ السنوات الأولى لاستقلال الجزائر

ويبدو أن ما تسرب عن وزير الاتصال محمد لعقاب، في لقاء له مع مسؤولي مؤسسات إعلامية بخفض الهجوم على المغرب، يندرج في سياق صراع توجهات دبلوماسية وإعلامية وأمنية بين جناح الرئاسة حيث يريد الرئيس تبون توظيف ولايته الثانية في إعادة رسم خارطة جديدة بمختلف أبعادها، من جهة أولى، وتيار متشدد ألف المشاركة في صناعة القرار، ويريد الاستمرار في مسار الشحن والاستعداء، من جهة ثانية.

وتعيش العلاقات الجزائرية – المغربية على وقع مسار متذبذب يخيم عليه الفتور أو التأزيم منذ السنوات الأولى لاستقلال الجزائر في ستينات القرن الماضي، باستثناء سنوات تأسيس الاتحاد المغاربي التي عرفت حالة من الهدوء والاستقرار.

وجاء خطاب التحريض على المواطنين المغاربة بعد صدور مقال مثير للاستغراب في صحيفة “الخبر” الخاصة المقربة من الجيش، بعنوان “سفير دولة الإمارات.. شخص غير مرغوب فيه”، ضمنته استنتاجات وقصصا مستهلكة واتهامات جاهزة للسفير وللإمارات دأبت على استخدامها دوائر جزائرية معادية لتقارب الجزائر مع محيطها.

ومن الواضح أن المقال جاء لتوتير علاقات الجزائر مع أبوظبي بعد توجهها نحو الهدوء خلال الأسابيع الأخيرة، لاسيما وأن رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كان من الأوائل المهنئين للرئيس تبون بفوزه في الانتخابات الرئاسية.

ونسف المقال المعادي لسفير الإمارات وقرار فرض التأشيرة على المغاربة السياق الذي رسمه تدخل وزارة الاتصال القوي ضد صحيفة “جزائر الغد”، بعد نشرها تقريرا زعمت فيه أن “دول محور الشر تخطط لاغتيال الرئيس تبون”، حيث قررت وقف سحب الصحيفة وحل المؤسسة الناشرة لها، وبررت ذلك بـ”الأخبار المضللة التي تمس بأمن وسيادة البلاد، والمتنافية مع تشريعات الدستور والنصوص الناظمة للصحافة الورقية والإلكترونية”.

هاريس تجرد ترامب من سلاحه بـ«هجمة مرتدة» على الحدود مع المكسيك


3 رسائل إسرائيلية خلف استهداف نصر الله.. وتأهب بعد ضرب الضاحية


نتنياهو وغالانت.. تسابق لانتزاع الفضل في استهداف حسن نصر الله


مهاجرون سوريون يقومون بأعمال تطوعية في النمسا لتهدئة المخاوف