تقارير وحوارات
الاحتجاجات كشرارة لإسقاط النظام الإيراني
“عندما تصل الاختلالات إلى مرحلة حرجة تهدد الاستقرار، فإنَّ أجراس الإنذار تدق”، كتبت صحيفة إيرانية حديثاً
تعيش إيران في خضم أزمة خانقة تتجلى في تصاعد الاحتجاجات الشعبية التي تعكس استياء المواطنين من السياسات الحكومية الفاشلة. هذه الاحتجاجات، التي بدأت كحركة احتجاجية ضد أزمة الكهرباء، سرعان ما توسعت لتشمل مطالبات أوسع من مختلف الفئات الاجتماعية. في هذا السياق، تعتبر مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أن هذه التحركات الاحتجاجية تمثل إنذارًا جادًا للنظام الإيراني، حيث أكدت أنَّ “الانتفاضات والحركات الاحتجاجية زعزعت استقرار الملالي. لقد لجأوا إلى التعذيب والاعتقال والقمع، لكنهم لن يتمكنوا من استعادة التوازن المفقود”.
تفاقمت الاحتجاجات الشعبية نتيجة أزمة الكهرباء التي شلت حياة الناس في مناطق مختلفة من البلاد، مما أثار قلق قادة النظام ومؤيديه. تتزامن هذه الاحتجاجات مع تصاعد أصوات المواطنين من مختلف الفئات الاجتماعية للمطالبة بحقوقهم المهدورة.
في يوم الأربعاء، 28 آب (أغسطس)، استمرت احتجاجات الممرضات والعمال والمزارعين والمتقاعدين ضد سياسات نظام الملالي التي تُعد استلابية ومعادية للشعب. نُظمت مسيرات احتجاجية في مدن لارستان، جاجرود، خرمدشت في طهران، دولت آباد، أصفهان، وطهران. وفي كاشان، أغلق أصحاب البازار متاجرهم احتجاجًا على انقطاع التيار الكهربائي، بينما احتج العمال في طبس وإيلام. كما استمر التجمع الاحتجاجي لعمال شركة بارس واغن لليوم الثاني والثلاثين.
وأعربت صحيفة “انتخاب” عن قلقها إزاء أزمة الطاقة وانقطاع التيار الكهربائي، مشيرةً إلى تصريحات رئيس المجلس التنسيقي للمدن الصناعية الذي قال: “أدى انقطاع التيار الكهربائي في المدن الصناعية في طهران إلى احتجاجات في الشوارع.” وأضاف: “انقطعت الكهرباء في أكبر منطقة صناعية في طهران اليوم، وغدًا ستنقطع لمدة 24 ساعة. بالأمس، اندلعت احتجاجات في شوارع مدينة خاوران الصناعية بسبب انقطاع التيار الكهربائي”.
وفي 27 آب (أغسطس)، كتبت صحيفة “اعتماد” في مقال بعنوان: “سيد بزشكيان، هل تسمع إنذار الاختلالات؟”، تؤكد: “عندما تصل الاختلالات إلى مرحلة حرجة تهدد الاستقرار، فإنَّ أجراس الإنذار تدق”. وأضافت الصحيفة: “شملت الاختلالات جميع جوانب المجتمع وبلغت مرحلة خطيرة. تشمل هذه الاختلالات مجالات الطاقة، المياه، البيئة، الميزانية، التوظيف والبطالة، العملة، الدخل والنفقات، النظام المصرفي، صناديق التقاعد، عدم المساواة الاقتصادية، التنمية الإقليمية، العلاقة بين الدولة والأمة، بالإضافة إلى الفجوات الاجتماعية والسياسية الحادة، بما في ذلك الفجوات بين الجنسين ووسائل الإعلام. والأخطر من وجود هذه الاختلالات هو تفاقمها المستمر”.
يحاول كاتب المقال التستر بذكاء على الخلل الرئيسي والفجوة المتزايدة بين الشعب والحكومة من خلال التركيز على بعض الفجوات الاقتصادية والسياسية والإعلامية. ومع ذلك، يضطر إلى الاعتراف بأنَّ “الفجوة بين الدولة والشعب قد زادت من حدة هذه الاختلالات، لأنَّ الحكومات تخشى اتخاذ إجراءات جذرية بسبب فقدان ثقة الشعب وخشيتها من غضبه، خاصة في ظل الذكريات العالقة لأحداث عام 2009”.
يعترف هذا الخبير الحكومي بأنَّ الكراهية العامة، والأوضاع المتفجرة في المجتمع، وعدم المساواة الاجتماعية، والاختلالات الاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى المشكلات البيئية وانقطاع الكهرباء والمياه، وارتفاع الأسعار، وصناديق التقاعد، كلها قد تتحول إلى شرارات تؤجج الانتفاضات الشعبية ضد النظام. لذلك، يحذر قائلاً: “الاختلالات شملت جميع جوانب المجتمع ووصلت إلى مرحلة خطيرة”.
استمرار الاحتجاجات الاجتماعية وانتفاضات العمال والمتقاعدين والممرضين، الذين يطالبون بقوة بحقوقهم تحت شعار “لن نجلس حتى نحصل على حقوقنا”، قد أثار مخاوف النظام الحاكم أكثر من أي وقت مضى. إن استمرار القمع والإعدامات، وتعمق سياسة الانكماش، ومحاولات التلاعب من قبل ما يُسمى بالإصلاحيين المتملقين، تعكس الخلل الكبير وآثار الأزمات التي تعصف بالنظام.
في وقت سابق، صرح الخبير الاقتصادي حسين راغفر في مقابلة تلفزيونية بأن “هناك حاجة لاتخاذ خطوات جادة للحد من هذه الفوارق والأخطاء الاجتماعية والاقتصادية العميقة التي نشأت في البلاد. يبدو أن مجتمعنا عرضة لاحتجاجات واسعة النطاق، ربما أكبر من تلك التي شهدناها في عام 2022، نتيجة لهذه الفوارق التي يعاني منها جيل الشباب. نحن محقون في المطالبة بالتغيير” (موقع ديدار، 6 حزيران – يونيو 2024).
إنَّ الاحتجاجات المتزايدة في إيران تعتبر دليلاً على عدم رضا الشعب عن النظام، وهي تعكس رغبة قوية في التغيير. مع استمرار هذه الحركات، يبدو أن النظام الإيراني يواجه تحديات جسيمة قد تؤدي في النهاية إلى زعزعة استقراره.