تقرير: استنفار إقليمي ودولي لتفادي كارثة بيئية في البحر الأحمر

أطلقت موافقة جماعة الحوثي على وقف مؤقّت للهجمات التي تنفذها على خطوط الملاحة في البحر الأحمر تحت يافطة دعم قطاع غزة في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة وحماس الفلسطينية سباقا إقليميا ودوليا ضدّ الساعة لتفادي كارثة بيئية كبيرة على وشك الحدوث بسبب الحريق المشتعل منذ أيام في ناقلة نفط كانت قد تعرّضت لهجوم من قبل الجماعة ذاتها.

وجاء الإعلان عن “الهدنة المؤقتة” عن طريق البعثة الإيرانية إلى الأمم المتّحدة بمثابة إعلان صريح عن أنّ طهران هي صاحبة قرار الحرب والسلم لجماعة الحوثي، وأنّ ما تشنّه الأخيرة من هجمات في البحر الأحمر ليس سوى تنفيذ لأوامر إيرانية مرتبطة بمصالحها وصراعاتها في المنطقة بمعزل عن أيّ دعم مزعوم للفلسطينيين.

ويشنّ الحوثيون منذ نوفمبر الماضي هجمات على السفن في منطقة البحر الأحمر باستخدام طائرات وزواق مسيّرة وصواريخ.

وأغرقوا حتّى الآن سفينتين واستولوا على واحدة علاوة على قتلهم ثلاثة بحارة على الأقل منذ بدئهم بشن الهجمات.

واستهدفت الجماعة الأسبوع الماضي ناقلة النفط سونيون التي ترفع علم اليونان بعدة أنواع من القذائف. وقالت وزارة الدفاع الأميركية الثلاثاء إن النفط بدأ يتسرب من الناقلة. وأوضحت أن طرفا ثالثا حاول إرسال قاطرتين للمساعدة في إنقاذ الناقلة لكن الحوثيين هددوا بمهاجمتهما.

ويُنذر ذلك بحدوث كارثة بيئية بحرية كبيرة قد تطال تبعاتها العديد من البلدان المتشاطئة على البحر الأحمر.

وقال مسؤول في البعثة البحرية للاتحاد الأوروبي “أسبيديس” في رسالة وجهها قبل يومين إلى مراكز تنسيق الإنقاذ البحري إنّ البعثة تقيّم جدوى التدابير الوقائية ومنها سحب الناقلة.

ومما جاء في الرسالة أنّ “الوضع يشكل تهديدا خطرا ووشيكا بحدوث تلوث إقليمي وستكون الدول الساحلية الأكثر عرضة للخطر”.

وكشف وزير الخارجية اليوناني جورج جيرابيتريتيس، الخميس، عن إجرائه محادثة مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان في إطار مناقشات لتجنب كارثة بيئية قد تتسبب فيها ناقلة النفط التي ترفع علم اليونان وتقطعت بها السبل في البحر الأحمر بعد الهجوم الحوثي عليها.

وذكر لدى وصوله إلى اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل أنّ “هناك مسعى دبلوماسيا كبيرا جاريا بين عدّة دول واليونان حتى نتمكن من تجنب أيّ كارثة بيئية محتملة”.

وأوضح “لقد أجريت محادثة مع وزير خارجية المملكة العربية السعودية لمعرفة كيف يمكن تحقيق ذلك بأكثر الطرق أمانا”.

وقالت بعثة إيران بالأمم المتحدة إن جماعة الحوثي وافقت على السماح لزوارق قَطْر وسفن إنقاذ بالوصول إلى الناقلة المتضررة.

وبحسب مسؤولين في مجال الشحن تحمل الناقلة سونيون 150 ألف طن أي ما يعادل مليون برميل من النفط الخام.

وفي حال حدوث تسرب للنفط فسيكون من بين أكبر التسربات النفطية من الناقلات في التاريخ.

ألف طن من النفط تحملها الناقلة سونيون، أي ما يعادل مليون برميل من النفط الخام

وحذّر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر من خطر تسرب مليون برميل من النفط في البحر الأحمر، وهي كمية أكبر بأربعة أضعاف من كارثة إكسون فالديز عام 1989 والتي شكلت واحدة من أكبر الكوارث البيئية في تاريخ الولايات المتحدة.

وأشارت البعثة الإيرانية إلى أن عدة دول “تواصلت لتطلب من الحوثيين هدنة مؤقتة لدخول زوارق القطر وسفن الإنقاذ إلى منطقة الحادث”. وتابعت قولها “مراعاة للمخاوف الإنسانية والبيئية، وافق الحوثيون على هذا الطلب”.

وصرّح المتحدث باسم الجماعة محمد عبدالسلام لوكالة رويترز بأنه “بعد تواصل عدة جهات دولية معنا خصوصا الأوروبية تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة سونيون تفاديا لوقوع أضرار بالبيئة البحرية”. لكنه استدرك بالقول إنّه لا توجد هدنة مؤقتة بل مجرّد سماح بسحب السفينة.

وتعرّضت الناقلة الأسبوع الماضي لقصف بعدة مقذوفات قبالة ساحل مدينة الحديدة غربي اليمن، واندلعت جرّاء الهجوم ثلاثة حرائق على متن الناقلة وتعطّل محرّكها، وفق ما أوردته وكالة “يو كاي أم تي أو” التي تديرها القوات البحرية البريطانية. وأشارت الوكالة إلى ورود تقارير تفيد بأن السفينة تنجرف نحو الغرق.

وبدا الحوثيون غير عابئين بالخطر البيئي الكبير للعملية على اليمن بحدّ ذاته، وتحديدا على المنطقة التي يسيطرون عليها ويمثّل البحر الأحمر وميناء الحديدية المقام عليه عصب اقتصادها وشريان حياتها الأوّل.

وتجلّى ذلك في احتفائهم باستهداف الناقلة التي تشكّل قنبلة موقوتة من خلال مقطع فيديو قاموا ببثه على شبكات التواصل الاجتماعي ويظهر وقوع ثلاثة انفجارات في جسمها.

وأنقذت سفينة تابعة لمهمة أسبيدس الأوروبية طاقم الناقلة سونيون المؤلف من 25 بحارا هم 23 فيليبينيا وروسيان.

ونسبت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تأخّر جهود إنقاذ الناقلة ومنع تسرب نفطي في البحر الأحمر إلى ما سمته “لامبالاة بعض البلدان”، نافية أن يكون ذلك بسبب خوف المنقذين من التعرض للاستهداف أثناء عملياتهم.

وشدّدت البعثة على أن الحوثيين سيواصلون تنفيذ ضرباتهم للسفن والناقلات طالما أن الحرب مستمرة في قطاع غزة.