تقارير وحوارات
دور وحدات المقاومة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية في تشكيل مستقبل إيران الديمقراطي
ظهرت جلیاً الرغبة الملحة لدي الشعب الایراني في إسقاط النظام الديني وإقامة جمهورية ديمقراطية في مكانه. وأن إيران تقف عند لحظة محورية في تاريخها. ففي الفترة ما بين ديسمبر/كانون الأول 2017 وسبتمبر/أيلول 2022، اجتاحت البلاد ست انتفاضات وطنية، مما ألقى الضوء على الرغبة الملحة لدى الشعب في اسقاط نظام الملالی.
كيف تعمل وحدات المقاومة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية على تشكيل مستقبل إيران الديمقراطي
وترددت أصداء هتافات “الموت لخامنئي” و”لا للشاه، لا للملالي” في الشوارع، رافضةً كلاً من النظام الملكي السابق والحكم الديني الحالي. وقد استمرت هذه الرغبة ونمت على الرغم من 45عاماً من القمع الوحشي، بما في ذلك التعذيب والإعدامات على نطاق واسع بهدف سحق المعارضة.
يواجه كل من يتابع الشأن الإيراني وأولئك الذين يشاهدون النضال ثمة الآن سؤالًا حاسمًا وهو: أي قوة وإستراتيجية ومسار عمل يمكن أن ينجح في إسقاط النظام الحالي وتوجيه إيران نحو مستقبل ديمقراطي؟
وفي السنوات الست الماضية، ظهرت ظاهرة جديدة أثرت بشكل كبير على الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد. لقد لعبت “وحدات المقاومة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية” وهي شبكة من الناشطين الذين يدعمون حركة المعارضة الإيرانية – منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، دوراً متزايداً بوضوح. تمثل هذه الوحدات قوة منظمة وحافزة، تعكس الاعتقاد الراسخ للمقاومة الإيرانية بأن التغيير الحقيقي في إيران يجب أن يأتي من الداخل، وذلك من قبل الشعب الإيراني نفسه.
وما يميز وحدات المقاومة هو تنوعها ونطاقها الواسع. تتألف هذه الحركة من خلايا صغيرة من الناشطين الإيرانيين الذين اتخذوا موقفاً جريئاً ضد النظام الحالي، من شوارع طهران الصاخبة إلى المناطق النائية في بلوشستان، ومن إقليم خوزستان الغني بالنفط إلى المناطق الجبلية في أذربيجان. وتضم صفوفها إيرانيين من جميع مناحي الحياة، من الطلاب والعمال والمهنيين، وحتى منتمين للنظام الذين أصيبوا بخيبة الأمل من النظام. وما يوحدهم هو رؤية مشتركة: إسقاط الدكتاتورية الثيوقراطية وإقامة جمهورية ديمقراطية علمانية تحترم حقوق الإنسان والحريات الفردية.
أنشطة وحدات المقاومة
تقوم وحدات المقاومة بمجموعة واسعة من الأنشطة التي تهدف إلى تقويض سلطة النظام وإلهام الأمل بين الشعب الإيراني.
وتشمل الأنشطة الرئيسية لوحدات المقاومة ما يلي:
1. تنظيم وقيادة الاحتجاجات: تنسق الوحدات المظاهرات وتساعد في تقديم التوجيه التكتيكي والحفاظ على زخم الاحتجاجات.
2. نشر رسائل المقاومة: من خلال المنشورات واللافتات والأنشطة في الشوارع، يروجون شعارات داعية إلى الحرية والديمقراطية، ويكسرون أجواء الخوف التي يفرضها النظام.
3. إحياء ذكرى الشهداء: يكرمون أولئك الذين ضحوا بأرواحهم من أجل حرية إيران من خلال الملصقات لإحياء ذكراهم وحملات وسائل التواصل الاجتماعي.
4. استهداف رموز النظام: أثناء الاحتجاجات والعمليات المنفصلة، يركزون على تدمير صور وتماثيل زعماء النظام، ويقوضون قوة النظام المفترضة.
5. تضخيم أصوات المعارضة: ينشرون رسائل من قادة المقاومة الإيرانية، وخاصة خطة مريم رجوي المكونة من عشر نقاط من أجل إيران ديمقراطية وعلمانية.
6. التوثيق والإعلان: في بلد تعريض فيه صحافة مستقلة للقيود والحظر، يصورون ويشاركون لقطات من المظاهرات وانتهاكات حقوق الإنسان والحياة اليومية في ظل النظام.
وتأثير وحدات المقاومة واضح بشكل خاص في تشكيل حركة الاحتجاج في إيران منذ عام 2017. كما ساعد ترويجهم المستمر لشعارات مثل “لا للشاه، لا للملالي” في تشكيل خطاب حركة الاحتجاج.
ومن أحد أهم إنجازاتهم هو كسر حاجز الخوف الذي اعتمد عليه النظام منذ فترة طويلة، وذلك من خلال تحدي النظام باستمرار على الرغم من المخاطر الشديدة، فإنهم يلهمون الآخرين للانضمام إلى النضال.
وتم إثبات الأنشطة الواسعة النطاق لوحدات المقاومة وتعهدها بمستقبل ديمقراطي لإيران بقوة، خلال التجمع العالمي إيران الحرة 2024، حيث أرسلوا أكثر من 20000رسالة تدعم المقاومة الإيرانية وتؤيد خطة مريم رجوي المكونة من عشر نقاط.
ومن خلال أنشطتها، لعبت وحدات الانتفاضة أيضًا دورًا حاسمًا في تدويل النضال. وتوفر توثيقاتها وتقاريرها أدلة ثمينة على انتهاكات النظام لحقوق الإنسان ورغبة الشعب الإيراني في التغيير، مما يساعد في حشد الدعم الدولي لقضية الحرية الإيرانية.
خوف متزايد للنظام الإيراني من وحدات المقاومة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية
لقد بات القلق المتزايد للنظام الإيراني بشأن وحدات المقاومة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية واضحًا بشكل متزايد من خلال التصريحات الرسمية والتغطية الإعلامية الحكومية.
وعززت انتفاضة عام 2022 العارمة اعتبار النظام لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية كتهديد وجودي. وعلى الرغم من اعتقال أو اختفاء أكثر من 3600عضو من وحدات المقاومة، إلا أن نفوذهم لا يزال يتزايد.
ويتجاوز رد فعل النظام على وحدات المقاومة مجرد الخطابة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك المحاكمة الصورية الأخيرة غيابيًا لـ 104من أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. إن هذا الأداء المسرحي، بعيدًا عن كونه إجراءً قانونيًا مشروعًا، هو تعبير واضح عن خوف النظام ويأسه. ومع ذلك، فإن هذه التكتيكات الوحشية لم تخدم إلا في تعزيز عزم وحدات المقاومة وأنصارها.
وهزت قدرة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية على توحيد مختلف شرائح المجتمع الإيراني تحت مظلة قضية مشتركة للحرية والديمقراطية النظام بوضوح. كما اعترف أحد خبراء النظام، “إن قضيتنا الرئيسية في البلاد هي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، ويجب علينا أن نتعامل معها”.
وروج النظام الإيراني لسنوات رواية مفادها أن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية تفتقر إلى الدعم الشعبي داخل البلاد. وقد استخدم هذا الزعم الذي غالبًا ما يردده المتعاطفون مع النظام وبعض صناع السياسات الغربيين، لتبرير الاستمرار في التعامل مع النظام الديني الحالي.
ويأتي ذلك بينما يروي توسع وحدات مقاومة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في جميع أنحاء إيران قصة مقنعة تتناقض مع رواية النظام.
مستقبل حركة المقاومة الإيرانية
بينما تعيش إيران على أبواب ثورة اجتماعية واسعة النطاق، أصبح دور وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية محورياً بشكل متزايد. فالمجتمع الإيراني، الذي يوصف بحق بأنه برميل بارود جاهز للانفجار في أي لحظة، يجد نفسه أمام حافز قوي في هيئة خلايا المقاومة المنظمة المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد.
ويوفر الموقع الاستراتيجي لوحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية في مختلف أنحاء النسيج الاجتماعي الإيراني المتنوع ميزة فريدة من نوعها. فهذه الوحدات تعمل كنيسج قادر على تحويل الاحتجاجات المحلية بسرعة إلى انتفاضات وطنية. كما أن وجودها في مختلف قطاعات المجتمع، من المدن إلى المناطق الريفية، داخل الجامعات والمصانع والأحياء، يسمح بالتواصل السريع وتنسيق الاحتجاجات.
كما وأن الطبيعة اللامركزية لوحدات المقاومة تجعلها قادرة بشكل خاص على الصمود في وجه اعمال القمع. ونظرًا لانتشار هذه الوحدات في مختلف أنحاء البلاد وتغلغلها في طبقات اجتماعية مختلفة، فإن النظام يواجه معركة شاقة في محاولة تحييد نفوذها.
ومع استمرار وحدات المقاومة في تهيئة الأجواء والساحة لانتفاضات أكبر، فإنها تضع الأساس فعليًا لإطاحة محتملة بالنظام الحالي. وكل عمل ناجح من أعمال التحدي، وكل احتجاج منسق، بمثابة حجر الأساس نحو إنشاء جمهورية ديمقراطية في نهاية المطاف. وبالنظر إلى المستقبل، من المرجح أن يصبح دور وحدات المقاومة أكثر أهمية. إنهم بمثابة شهادة نهائية على حقيقة مفادها أن الشعب الإيراني قادر على إسقاط نظام الملالي وإقامة جمهورية ديمقراطية في إيران.