تقارير وحوارات
ترجمات: حيفا على خط النار.. استنفار رسمي وسكان يتحدون الخوف
مع احتمال تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله، تواجه حيفا، المدينة الساحلية الشمالية، خطر التعرض لقصف مكثف قد يصل إلى مئات الصواريخ يوميا، ويمتد لأسابيع، وفقا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وبينما تتخذ السلطات تدابير وقائية تحسبا لأي تصعيد محتمل، كإخلاء المناطق الصناعية من المواد الخطرة، أفادت الصحيفة أن سكان المدينة بدوا، الأحد، غير مكترثين بالوضع، متأرجحين بين عدم الاكتراث والاستسلام للقدر.
يقول إيال ليفكوفيتش، 42 عاما، الذي يملك مكتبة بالمدينة: "لقد تعبت من القلق. مهما سيحدث سيحدث. أنا هنا، ومكتبتي مفتوحة".
بدوره، يدرك شاي هوفري، 49 عاما، صاحب متجر الأدوات المنزلية في سوق تلبيوت بحيفا، إمكانية تعرض المدينة لهجوم صاروخي كبير.
وبعد أن عاش من حرب 2006، حين أمطر حزب الله حيفا بالصواريخ، يقول هوفري: "إيماني يخفف قلقي. أثق بحماية الله. لكن حتى لو لم أكن مؤمنا، فقد تعبنا من القلق المستمر. خزنّا ما يكفي منذ أشهر، والآن نحن في مرحلة تجاوزنا فيها الخوف".
وتأتي حالة التأهب بإسرائيل بعد أن تعهدت إيران وحليفها اللبناني حزب الله بالرد على مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في طهران والقائد العسكري لحزب الله، فؤاد شكر، في بيروت، مصدّرة تهديدات قال عنها رئيس بلدية حيفا يونا ياهاف علناً إنها ذات مصداقية.
وقال ياهاف لـ"القناة 12"، الجمعة، متحدثا عن حسن نصر الله، زعيم حزب الله: "للأسف، أصدقه. في كل مرة هدد فيها بضرب مكان ما في مدينتي، تم ضربه. لذلك أستمع إليه وأجهز الأماكن التي يهدد بها لجعلها جاهزة قدر الإمكان".
وأضاف ياهاف أن البلدية ألغت العديد من الفعاليات العامة لتجنب التجمعات الكبيرة.
وقالت قيادة الجبهة الداخلية في جيش الدفاع الإسرائيلي في فيديو للخدمة العامة بعد عمليات الاغتيال إنها لم تصدر توجيهات جديدة لمنطقة حيفا.
وقيادة الجبهة الداخلية هي الجناح في الجيش الإسرائيلي الذي يهتم بحماية المدنيين في الحالات الطارئة وأوقات الحروب، ويشمل ذلك أيضا الكوارث الطبيعية.
واقتصرت الاحتياطات الأمنية الأخيرة، التي وجهتها قيادة الجبهة الداخلية، نقل بعض المواد الكيميائية الخطرة خارج المجمعات الصناعية شمال مركز المدينة والميناء، بما في ذلك مطار حيفا وحول مصفاة النفط بازان وحتى مصنع شتراوس للآيس كريم بالقرب من عكا، والذي أغلق مؤقتا بسبب خزانات الأمونيا التي يضمها، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وبحسب الصحيفة، يستذكر سكان حيفا القدامى، مثل هوفري، حرب 2006 بوضوح. وفي ظل التوترات الأخيرة، تتوقع السيناريوهات العسكرية الإسرائيلية هجمات أكثر كثافة ودقة في حال نشوب حرب جديدة مع حزب الله.
وتضم حيفا، التي يقطنها نحو 280 ألف نسمة، 110 ملجأ عاما بحالة جيدة، إضافة إلى مئات الملاجئ الخاصة داخل المباني السكنية. منذ أحداث 7 أكتوبر، بنى العديد من السكان ملاجئ خاصة في منازلهم.
ومع بداية الصراع الحالي، هرع الإسرائيليون لتخزين المؤن والمستلزمات وغيرها من السلع المتعلقة بالطوارئ . ومع ذلك، يبدو أن هذا التهافت على التخزين قد تراجع مؤخرا، حسبما عاينت الصحيفة الإسرائيلية.
"تحدي أكبر"
وفي مقابل "حالة الهدوء الحذر" التي تطبع هذه المدينة الإسرائيلية، يكشف تحليل لصحيفة "هآرتس"، أن تهديد إيران الوشيك لإسرائيل سيشكل تحديا أكبر من هجومها السابق في أبريل الماضي.
وأوضح المصدر ذاته، أن إسرائيل قد تواجه هجمات محتملة من كل اتجاه.
واعتبرت أن حزب الله يشكّل تهديدا خاصا نظرا لقربه الجغرافي وامتلاكه ترسانة ضخمة من الأسلحة، تشمل صواريخ وقذائف وطائرات مسيّرة، بعضها ذات دقة عالية.
وفي ظل هذا الوضع، تضيف "هآرتس" سيكون نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي أمام تحدٍ غير مسبوق، يفوق بكثير ما واجهه في أبريل الماضي".
وأوضحت الصحيفة، أن المسؤولين الأمنيين لا يتوقعون أن تتراجع إيران وحزب الله والمنظمات الأخرى في المحور الذي تقوده إيران عن تهديداتها بالانتقام، مشيرة إلى أنهم "يتنبأون بأن الهجمات ستحدث قريبا، وستركز على المنشآت العسكرية والدفاعية في شمال ووسط إسرائيل".
وبينما تؤكد التقييمات الاستخباراتية، أن إيران وحزب الله لا زالتا غير مهتمين حاليا بحرب إقليمية شاملة، تقول "هآرتس"، إن "الخوف هو أن يؤدي تبادل الضربات بين الجانبين، من خلال هجوم إيراني، رد إسرائيلي (..) إلى تصعيد يصعب إيقافه".
وأفاد الجيش الإسرائيلي، الأحد، أن سياسة الدفاع لدى قيادة الجبهة الداخلية لم تتغير"، موضحا أنه يرد بذلك على "تقارير مختلفة وشائعات" تحدثت عن وضع البلاد في حال تأهب.
وأعلن المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري، ومسؤولون آخرون كبار في الجيش والحكومة، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، مرارا أن البلاد مستعدة لمواجهة أي هجوم.
لكن المتحدث باسم الجيش لاحظ أن الحماية "ليست كاملة"، وقال "لهذا السبب، مطلوب من كل مواطن أن يعرف التعليمات مهما كان مكان وجوده، وأن يكون يقظا".
وأعلن أيضا أن قيادة الجبهة الداخلية أطلقت الأحد نظاما جديدا لتحذير السكان عند حصول طارئ.
وأوضح أن "التحذير سيتم إرساله على الهواتف الجوالة في المنطقة المهددة"، لافتا إلى أن "ذلك سيتم من دون الحاجة الى استخدام تطبيق، ومن دون أي خطوة يقوم بها المواطن".
تعزيزات أميركية وجهود دبلوماسية
وفي سياق متصل، عززت الولايات المتحدة منظومتها العسكرية في المنطقة، ونشرت مزيدا من السفن الحربية والطائرات المقاتلة لحماية جنودها وحليفتها إسرائيل.
ومن المتوقع أن يصل قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل كوريلا، إلى إسرائيل، الاثنين، لوضع اللمسات الأخيرة على الاستعدادات مع الجيش الإسرائيلي قبل الهجوم المحتمل من إيران وحزب الله، بحسب تصريحات مسؤولين إسرائيليين لأكسيوس.
وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، اجتماعا مساء الأحد مع وزير الدفاع، يوآف غالانت، ورؤساء الجيش وأجهزة الاستخبارات.
وتحدث غالانت أيضا، الأحد، مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.
وتزامنا مع هذه التطورات المقلقة، تعمل دول أخرى في المنطقة أيضا لتفادي أي صعيد دراماتيكي، وتسعى جاهدة لمحاولة منعه.
وفي إطار جهود دولية تبذل لنزع فتيل انفجار إقليمي محتمل، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل الأردني عبد الله الثاني، الأحد، إلى تجنب تصعيد عسكري في الشرق الأوسط "بأي ثمن".
وزار وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، طهران، الأحد في أول زيارة في نوعها منذ ما يقرب من عقد.
من جهتها، دعت مجموعة السبع، الاثنين، إلى ضبط النفس وخفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، قائلة إن الأحداث الأخيرة "تهدد بإذكاء نيران صراع أوسع نطاقا في المنطقة".
ودعت المجموعة في بيان "جميع الأطراف مرة أخرى إلى التوقف عن الانخراط في دوامة العنف الانتقامي المدمر الحالية، وخفض التوتر والمضي بشكل بناء نحو خفض التصعيد".