ثقافة وفنون

فرق الهواة تحيي التراث الشعبي المصري رغم الصعوبات

وكالة أنباء حضرموت

حينما كانت بينكي سليم تقف أمام التلفزيون في طفولتها تقلد استعراضات فوازير رمضان وحركات الرقص الشرقي في أفلام الأبيض والأسود المصرية، لم تكن تتخيل أنها ستؤسس يوما من الأيام فرقة راقصة تهدف إلى إحياء الفلكلور المصري.

كانت بينكي محبة للرقص بكل أنواعه منذ الصغر، وبدأت في تعلم فن الباليه وهي في الرابعة من عمرها واستمرت في ممارسته لمدة 12 عاما، ثم مارست أنواعا مختلفة من الفنون الراقصة مثل الرقص المعاصر، والهيب هوب والرقص اللاتيني.

عندما بدأت دراستها في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فوجئت بينكي وهي العاشقة لمحمود رضا مصمم الرقصات والراقص الاستعراضي المصري، بوجود ناد للفلكلور كأحد النشاطات الطلابية، وكان انضمامها إلى هذا النشاط أمرا مسلما به، إذ تصف الرقص بأنه “في دمها” وتؤمن بأنه “لغة في حد ذاتها… ممكن تعبري عن حزن أو فرحة أو اشتياق أو زعل بالرقص، الرقص تعبير لجمال الموسيقى اللي بتسمعيها على جسم إنسان”.

شاركت بينكي مع نادي الفلكلور بالجامعة الأميركية في العديد من المسابقات الفنية بداخل مصر وخارجها وحازت في إحدى مسابقات الجمهورية للعروض المسرحية على جائزة أفضل راقصة.

بعد تخرجها عملت بأحد البنوك لكن واصلت شغفها من خلال تقديم دروس الرقص المختلفة.

وفي عام 2013 أسست بينكي فرقة هواة خريجي الجامعة الأميركية للفلكلور لمتابعة هوايتها المفضلة وأيضا لمجابهة انجذاب الأجيال الصغيرة لكل ما هو غربي وتفضيله على تراث بلدها.

وتقول بينكي “من كتر ما الإنترنت أثر على الأجيال الصغيرة في مصر بقت كل الأجيال دي مهتمة جدا بكل ما هو غربي… فلكلور لأ يعني إيه؟ ده فن بلدك، فن لازم تحبه وتحترمه وتفهمه وتطلعه للناس برا، مش تقول إن إنت عايز تروح لجلد حد تاني”.

وتشتهر المجتمعات المصرية باحتضانها لحصيلة من الإرث الفلكلوري بأشكال كثيرة تختلف باختلاف ثقافة كل منطقة من البلد، فالفلكلور وفق طبيعته يتأثر بالثقافة الشعبية كونه لا يقتصر على نوع واحد، لكن الكثير منها، وجميعها مرتبطة ارتباطا وثيقا بثقافة المنطقة كونها نابعة منه.

ويرجع أصل الفلكلور المصري إلى العصر الفرعوني القديم، وهو ما تم توثيقه في نقوش المعابد التي تدل على عظمة المصريين القدامى وإبداعهم، وحظي هذا التاريخ الثقافي والتراثي اللامادي باهتمام كبير عبر الأجيال، وذلك في المناسبات الاجتماعية وانتشار فرق الفنون الشعبية في مناطق مختلفة توثّق وتعمل على الحفاظ على هذا الإرث عبر إقامة الفعاليات والأنشطة ذات الطابع الشعبي والفلكلوري التي تعكس الهوية المصرية.

ومن أشهر الرقصات التراثية المصرية رقصة البمبوطية، التحطيب، التنورة، الحجالة، التربلة، الأراجيد وغيرها، والمناطق المصرية المشتهرة بهذه الأنماط من الرقص كثيرة منها الصعيد، النوبة، الإسكندرية، مناطق الصحراء الشرقية والغربية، وغيرها، أمّا أشكال الرقص فتختلف باختلاف المنطقة، منها ما هو بدوي، ومنها ما هو فلاحي، وغيرهما من الرقصات.

وتشتهر منطقة صعيد مصر أيضا برقصة العصا، والتي تتم بين رجلين يرقصان وهما يحملان العصي في حفلات الزفاف المصرية، إذ تُشير العصي إلى سعي الرجال الدائم لإثبات قوتهم.

ولا تكون هذه الرقصات التي تؤديها فرقة بينكي والفرق الموسيقية التي سبقتها مبهرة لوحدها، بل تشترك في ذلك مع الأزياء التقليدية التي تحاول الحفاظ عليها والتعريف بها.

ويتمثل الزي التقليدي المصري للرجال بالجلابية، وهي عبارة عن قميص طويل فضفاض بأكمام طويلة ضيقة وياقة مثلثة، وسروال وهو عبارة عن بنطال تقليدي، والقفطان وهو قطعة خارجية طويلة من الملابس تشبه المعطف، ولها أكمام طويلة وواسعة، كما يرتدي الرجال كلا من القلنسوة والعمامة والطربوش لتغطية الرأس.

أما بالنسبة إلى النساء فيتمثل الزي التقليدي لهنّ بالجلابية الطويلة التي تصل إلى الكاحل ذات الأكمام الطويلة، وفي المدن كان يتم ارتداء قطع خارجية أخرى من الملابس فوقها، ومن الملابس التقليدية كذلك السراويل الفضفاضة التي كانت تُستخدم كملابس داخلية تحت الجلباب، وهي عبارة عن ملابس قطنية فضفاضة، كما وضعت النساء الحجاب والنقاب والبرقع على الرأس. وبدأت بينكي سليم الفرقة وحدها وأصبحت الآن تضم 30 فردا تتراوح أعمارهم بين 15 و50 عاما، جميعهم من الهواة وتقدم الفرقة حفلين كل عام على مسرح إيوارت، بالجامعة الأميركية بالقاهرة.

ونسبت بينكي الفضل في تأسيس الفرقة إلى مكتب مشاركة الخريجين بالجامعة الأميركية بالقاهرة وقالت إنهم تعاونوا معها لتتواصل مع أعضاء سابقين بنادي الفلكلور من مختلف الأجيال حتى تتمكن من تحقيق حلمها. كما ساعدوها في العثور على أستوديوهات للتدريبات وتوفير مسرح للعروض.

وتقول ريموندا رائف، المدير التنفيذي لمكتب مشاركة الخريجين وصندوق دعم الجامعة الأميركية بالقاهرة، إن عائد حفلات فرقة هواة الجامعة الأميركية للفلكلور يذهب إلى صندوق دعم الجامعة لمساعدة الطلاب غير القادرين وهو ما وصفته بأنه “تجربة فريدة من نوعها”، إذ يدعم الخريجون المشاركون بالفرقة بعض الطلاب الحاليين في مواصلة تعليمهم في الجامعة.

وتواجه بينكي وفرقتها التحدي الأصعب وهو نقص الدعم المادي دون وجود راع رسمي للفرقة أو من خلال دعم وزارة الثقافة.

وذكرت “أي شركة أو هيئة عشان تدي فلوس لازم تبقى مؤمنة بالرسالة اللي بنقدمها، حد عايز ينمي التراث المصري أو الفلكلور المصري في المجتمع، بس مش هو ده اللي واخد الانتباه الكافي للأسف”.

وترى بينكي أن السبيل إلى رفع التوعية بأهمية الفنون الشعبية يأتي من خلال الاهتمام بالأطفال وتعليمهم في المدارس عن رموز التراث المصري “فالأطفال تكبر فاهمة إحنا تاريخنا جاء من أين”.

لدى بينكي ثلاثة أحلام، أولها أن تقدم عرضا بصحبة فرقتها يوما ما بدار الأوبرا المصرية، وأن تصطحب الفرقة في عروض خارج مصر، “وحلم إن الناس تفتكرني في يوم من الأيام، زي ما كان في محمود رضا وفريدة فهمي، كان في واحدة اسمها بينكي سليم حاولت”.

مدير صندوق النظافة والتحسين بأحور يناشد محافظ محافظة أبين


قوات الحزام الأمني مسنوداً بالمشتركة الجنوبية تكبد الحوثي خسائر كبيرة شمال غرب المسيمير الحواشب


دولة عظمى تقرر إعادة فتح سفارتها في عدن


رفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في عاصمة شبوة