رياضة وشباب
رغم إنفاق مليار دولار، الدوري السعودي بحاجة إلى العمل
لم يرتق الدوري السعودي لكرة القدم إلى مستوى انتظارات الجماهير العربية التي كانت تمني النفس بمشاهدة دوري قوي ينافس أقوى البطولات الأوروبية بالنظر إلى قيمة الإنفاق واستقطاب أبرز الأسماء العالمية في عالم المستديرة الساحرة على غرار البرتغالي كريستيانو رونالدو والبرازيلي نيمار.
ويقول مراقبون إنه على الرغم من مشاهدة مباريات في مستوى فني جيد خصوصا بين نوادي النصر والاتحاد والهلال، وغيرها من النوادي التي جلبت أسماء رنانة كانت تنشط في أبرز النوادي الأوروبية، إلا أن النتائج كانت دون التطلعات العالمية.
واصطحب المصري أحمد أسامة طفليه إلى الملعب لأوّل مرّة لمشاهدة البرتغالي كريستيانو رونالدو خلال إحدى مباريات الدوري السعودي لكرة القدم الذي اجتذب العام الماضي عشرات النجوم الكبار كلّفوا المملكة نحو مليار دولار، لكنّ هذه الفورة لم تحقق النتائج المرجوّة بعد.
ورغم قوّة الكثير من المباريات المحلية لم ينعكس إنفاق صندوق الاستثمارات العامة السعودي 957 مليون دولار قياسية على انتقالات لاعبين جدد، على حدّة المنافسة على لقب الدوري والحضور الجماهيري أو فوز ناد سعودي ببطولة قارية أو حتى تقدّم المنتخب بعيداً في كأس آسيا التي ودّعها مبكراً من دور الـ16.
لكنّ بالنسبة إلى أسامة، المهندس الأربعيني في شركة حكومية، فقد دفعته حدة المنافسة إلى مشاهدة مباراة في الدوري السعودي من الملعب للمرة الأولى في 9 سنوات، كغيره من المقيمين الأجانب الذين باتوا أكثر اهتماما بالمسابقة.
صندوق الاستثمارات جلب إلى الأندية الأربعة نجوما مميزين، لكن وحده الهلال غرّد خارج السرب مع ضعف المنافسة
وقال أسامة “ذهبنا إلى الملعب لمجرد أن يشاهدا (طفلاه) على الحقيقة رونالدو الذي يعشقانه”.
وأكد أن طفليه آسر 9 سنوات وآدم 6 سنوات “باتا يلعبان في فريق رونالدو النصر السعودي عبر (لعبة) بلاي ستايشن بدلاً من برشلونة وريال مدريد”.
ويعكس هذا الأمر السمعة المتزايدة عالمياً التي تكتسبها تدريجيا الأندية السعودية، التي بات مشجّعون حول العالم يحرصون على ارتداء قمصانها بسبب قوة أسماء لاعبيها.
وقال سايمون تشادويك الأستاذ المحاضر في الرياضة والاقتصاد الجيوسياسي في كلية سكيما للأعمال في باريس إنّ “إنفاق الصيف الماضي انصب حول إنشاء أساس للتطوّر في المستقبل، ورفع مستوى الدوري، وزيادة الوعي وبناء السمعة”.
لكنه أضاف أنّ “الكرة السعودية لم تكن هذا الموسم بشكل أو بآخر على رادار المشجّعين” عبر العالم.
وتابع “يجب أن تعتاد كرة القدم السعودية على حقيقة أن المال واللاعبين وحدهم غير كافين لضمان النجاح الدائم”.
واجتذب صندوق الاستثمارات نجوماً مميزين إلى الأندية الأربعة التي استحوذ عليها، الهلال والنصر والأهلي والاتحاد، لكن وحده الهلال غرد خارج السرب مع ضعف المنافسة.
وإلى جانب سيطرته الكاسحة على الدوري فاز الهلال، الذي أصيب نجمه نيمار مبكراً وغاب عن الموسم، بالكأس السوبر وتأهل إلى نهائي الكأس أمام غريمه النصر.
منذ السماح بتسجيل الأندية السعودية 8 لاعبين أجانب، انتاب البعض القلق على المنتخب الوطني، خصوصاً مع تراجع دقائق لعب عدد من اللاعبين السعوديين
وفيما اجتذب النصر والأهلي والاتحاد لاعبين في نهاية مسيراتهم على غرار السنغالي ساديو مانيه (32 عاماً)، والجزائري رياض محرز (33) والهداف الفرنسي كريم بنزيمة (36) على التوالي، ضمّ الهلال البرازيلي مالكوم (27) والبرتغالي روبن نيفيش (27) والصربيين سيرغي ميلينكوفيتش – سافيتش (29) وألكسندر ميتروفيتش (29) المليئين بالطاقة والذين ساهموا في حسم الدوري.
وقال محمد مندور، الصحافي في موقع “سبورتس داتا” الفرنسي، إنّ “ارتفاع أعمار بعض اللاعبين المتعاقد معهم أثر على المستوى”، وتابع “كذلك عدم وجود توزيع جيد للاعبين بين كل الفرق خلق فجوة واضحة بين الفرق الكبيرة والصغيرة وقتل المنافسة لصالح الهلال”.
واشتكت أندية سعودية علنا من غياب العدالة في توزيع اللاعبين الأجانب بين الأندية. وحقق الهلال انتصارات كبيرة؛ 9 – 0 على الحزم و7 – 0 على أبها و6 – 1 على الرياض.
كما حقّق سلسلة انتصارات هي الأطول في تاريخ كرة القدم بالوصول إلى الفوز رقم 34 توالياً في مختلف المسابقات، قبل أن يوقفه العين الإماراتي خلال دوري أبطال آسيا ومن ثم أُقصي.
وشكّل الإقصاء القاري للهلال ومن قبله النصر والاتحاد الذي خرج على يد الهلال نفسه، نقطة سلبية للأندية السعودية التي كانت تمني النفس بتعزيز ألقابها القارية.
أما دوليّا فقد خرج بطل الموسم الماضي الاتحاد، المدجّج بالفرنسيين بنزيمة ونغولو كانتي، من كأس العالم للأندية التي استضافها بالخسارة أمام الأهلي المصري 1 – 3 في الدور الثاني.
وأضاف الخبير تشادويك “من المرجّح أن مسؤولي كرة القدم السعوديين يشعرون بخيبة أمل بسبب الأداء في دوري أبطال آسيا هذا العام”، لأنّ الاستثمار يهدف أيضا إلى “الفوز بالبطولات في المسابقات الدولية”.
وقال “مع كل الاستثمارات السعودية، يبدو أنه يجب أن يكون هناك حد أدنى، وهو عائد الاستثمار، وبالتالي فإن الضغط سيكون على الفرق (السعودية) في الموسم المقبل”.
ورغم ذلك اعتبر مدير تحرير صحيفة “الرياضية” السعودية مقبل الزبني أن الموسم الكروي “ناجح بكل المقاييس”.
وقال “من حيث الإثارة في المباريات والحضور الجماهيري المحليّ وحضور النجوم الكبار، هذا موسم غير مسبوق”.
ومنذ السماح بتسجيل الأندية السعودية 8 لاعبين أجانب، انتاب البعض القلق على المنتخب الوطني، خصوصاً مع تراجع دقائق لعب عدد من اللاعبين السعوديين.
وتصدّر المنتخب السعوديّ، المُلقب بـ”النسور الخضر”، مجموعته في كأس آسيا بأداء عادي قبل أن يتعادل مع كوريا الجنوبية في دور الـ16 ويُقصى عبر ركلات الترجيح.
ولم يقدم الفريق الأداء المأمول تحت قيادة مدرّبه الإيطالي بطل أوروبا روبرتو مانشيني القادم بعقد باهظ.
ورأى المحلّل مندور أنّ “خروج المنتخب السعودي كان متوقعاً، لأن مشاركة اللاعبين السعوديين تضاءلت بقدوم المحترفين الكبار”.
والسعودية المرشح الوحيد لاستضافة كأس العالم 2034 وهو قرار قد يعلن عنه نهاية العام الجاري. وتستهدف أنّ يكون دوريها المحليّ ضمن أقوى 10 دوريات في العالم وأنّ يجتذب مشاهدة عالمية.
وأعلنت رابطة الدوري السعودي مطلع الموسم إبرام عقود لبث الدوري في 160 دولة، لكن يظل صعبا تحديد مدى متابعة الدوري السعودي عالمياً.
وقال الخبير تشادويك “يُعدّ النجوم والأبطال أمرًا أساسيًا في جذب الجمهور (العالمي) والشركاء التجاريين. لذلك يبدو أن المزيد من التعاقدات مع الأسماء الكبيرة أمر لا مفر منه”.
وتابع “لا يزال على كرة القدم السعودية القيام بالكثير من العمل”.