تقارير وحوارات
مقاربة جديدة لحسم الصراع
ألوية العمالقة أساس استراتيجية جديدة لمواجهة الحوثيين في شبوة ومأرب
وصفت مصادر سياسية يمنية وصول قوات من ألوية العمالقة الجنوبية إلى محافظة شبوة بعد ساعات من تعيين عوض الوزير العولقي محافظا لها خلفا للمحافظ السابق المحسوب على حزب الإصلاح محمد صالح بن عديو بأنه خطوة تأتي ضمن استراتيجية عسكرية جديدة يتبناها التحالف العربي بقيادة السعودية لتغيير قوات مواجهة الميليشيات الحوثية، وتصويب أخطاء الشرعية في الحرب.
وأشارت المصادر إلى أن انتقال قوات كبيرة من ألوية العمالقة من الساحل الغربي لليمن إلى محافظة شبوة يأتي في إطار تحضيرات لتحرير مديريات بيحان وعين وعسيلان التي سقطت بين أيدي الحوثيين دون مواجهة تذكر، في ظل مخاوف من مخطط لتسليم المحافظة الغنية بالنفط والغاز إلى الميليشيات الحوثية نكاية بالتحالف العربي.
ورجحت المصادر أن تمتد عمليات ألوية العمالقة بدعم من التحالف العربي إلى محافظات مجاورة بعد استكمال تحرير مديريات شبوة الغربية المحاذية لمحافظة مأرب، حيث من المتوقع أن تشرع تلك القوات في فتح جبهات جديدة نحو محافظات مأرب والبيضاء والجوف.
وفي تصريح لـ”العرب” قال الباحث العسكري اليمني وضاح العوبلي إن معركة تحرير مديريات شبوة الثلاث لن يقتصر تأثيرها على النطاق الجغرافي والعملياتي لمحافظة شبوة وحدها، بل ستمتد التأثيرات والعوائد الإيجابية لمعركة كهذه إلى الجبهات الجنوبية لمأرب.
ولفت العوبلي إلى أن الترابط الجغرافي والعملياتي بين المديريات التي يسيطر عليها الحوثي في شبوة والمديريات الجنوبية من مأرب كمديريات “حريب والعبدية وماهلية والجوبة” يشير إلى أن معركة تحرير مديريات شبوة ستكون لها أبعادها وتأثيراتها الإيجابية والفعالة على الجبهات الجنوبية لمأرب، وبالتالي فتح جبهة عسكرية على البوابة الشمالية والشمالية الشرقية لمحافظة البيضاء.
وتابع “الضرورة العملياتية هي من ستفرض على هذه القوات تأمين عمق كاف في مديريات البيضاء ومأرب لتأمين المناطق المحررة في شبوة وتحييدها وتحييد التحركات العسكرية فيها، بعيداً عن أنظار العدو الحوثي وخارج دائرة نيرانه، وهذه ستكون المرحلة الأولى باعتقادي”.
ويشير العوبلي إلى وجود عدد من المعطيات التي تؤكد أن “الجبهة الشرقية للجغرافيا التي يسيطر عليها الحوثي، يقابلها تمركز لقوات من ذات الطراز ومنسجمة معها في التشكيل والتدريب والتوجه في الجبهة الغربية لنفس الجغرافيا المحتلة، وهو ما يفتح الباب أمام المُخطِط العسكري لخوض معركة ناجزة ذات طابع استراتيجي تنتهي بتحرير جغرافيا أربع من المحافظات الوسطى والجنوبية من اليمن بعملية عسكرية واحدة”.
وأضاف “أعتقد أن المجال متاح لتحقيق نصر استراتيجي كبير، ومن الغباء أن يُقزّم القادة خططهم، ويختصرون هذا الانتشار العملياتي بمعركة تكتيكية وتعبوية تنتهي بتحرير بضع مديريات من شبوة”.
وجاء قرار تعيين محافظ جديد لشبوة استكمالا لتنفيذ اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، في إطار تحرك جديد من قبل التحالف لدفع الاتفاق قدما وضمن استراتيجية سياسية وعسكرية جديدة يتبناها التحالف لمواجهة الميليشيات المدعومة من إيران في اليمن، عبر تمتين جبهة المناوئين للمشروع الإيراني ودعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في الجانب الاقتصادي بالتوازي مع تكثيف الضغط العسكري على الحوثيين جوا واستثمار حالة النقمة الدولية تجاههم.
كما تشير المعطيات إلى رغبة التحالف في تفعيل دور القوات والفصائل اليمنية العسكرية المناوئة للحوثيين والدفع بقوات وفصائل جديدة أثبتت قدرتها الميدانية على تحقيق إنجازات على الأرض في مواجهة الحوثيين كما هو حال قوات العمالقة الجنوبية التي ستلعب وفقا لمراقبين دورا حاسما في المعركة التي يتم التحضير لها لاستعادة المناطق التي سيطر عليها الحوثيون في شبوة ومأرب والبيضاء والجوف وضم قوات أخرى إلى المعركة في وقت لاحق.
ويكون ذلك بالتوازي مع الدفع نحو إجراء إصلاحات سياسية وإدارية وعسكرية في منظومة الشرعية تضمن مشاركة كل المكونات وتحدّ من سيطرة جماعة الإخوان على قرار الحكومة الشرعية وخصوصا في الشق العسكري منها الذي تسيطر عليه قيادات فشلت طوال السنوات الماضية في تحقيق أيّ إنجاز عسكري فضلا عن فشلها الذريع في الحفاظ على المناطق والمحافظات المحررة كما حدث في جبهات نهم ومأرب والجوف والبيضاء وشبوة.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ”العرب” أن الفترة القادمة ستشهد صدور المزيد من القرارات الرئاسية التي سيتم بموجبها تعيين قيادات جديدة مدنية وعسكرية بما يخدم استراتيجية معالجة الأخطاء في مؤسسات الشرعية وإعادة خيار الحسم العسكري إلى واجهة الأزمة اليمنية.
ويسعى التحالف العربي، بالتوازي مع التحولات العسكرية، للدفع بالمسار السياسي والاقتصادي في معسكر الشرعية من خلال دعم الجانب الاقتصادي وإحياء اتفاق الرياض عبر تفاهمات مع الأطراف والمكونات المناهضة للحوثيين.
ويعتبر مراقبون للشأن اليمني أن نجاح استراتيجية التحالف في محافظة شبوة، التي كان الحوثي يراهن على تحويلها إلى بوابة لاستهداف المحافظات الجنوبية المحررة، سيسهم في تغيير موازين القوة في المشهد اليمني ويكثف الضغط السياسي والعسكري على الحوثيين الذين شعروا خلال العام 2021 بنوع من القوة الفائضة في مقابل أداء متعثر سياسيا واقتصاديا للحكومة اليمنية وحالة ترقب إقليمي ودولي لمآلات الحرب اليمنية.