ثقافة وفنون

قصة قصيرة

لن يطول أنتظارك

ارشيفية

وكالة أنباء حضرموت

في اللحظات القليلة .. التي كنت أجلس فيها ، أمام البيت مقعدا علي كرسي متحرك . وقت الأصيل ، تكون الشمس قد افلتت ، وتبحث  لها عن مكانا ، تختبئ فيه خلف السحب المتراكمة . وانا ارى تلك النظرات من عيون الاخرين ، وهم يمرون من امامي . ولايكتثرون او يحسون بوجودي . مثل شئ جامد ليس فيه روح . حجر من حجار الارض . او  عمود نور ثابته ، او سيارة متوقفه امام منزل . حينها كانت تتملكني الشفقة على نفسي . والرغبة في البكاء كنت اريد أن اصرخ كا المجنون . لكني اظل صامت هنا وحدي ، بمشاعر مؤلمة وبنبرات الحزن و الاسئ واحاسيسي الممزقة . لم أكن أعلم اني خارج نسيج هذا العالم . ولا يحق  لي  الصحبة مع الاخرين ،  للعب معهم او للحديث معهم . فا أنا لست مسؤلا اني خلقت بخلل عضوي ولدت به . ولست مسؤلا عنه . اي عالم هذا الذي لا يبالي ، ولا يكثرث لشخص مقعد معوق . بحاجة إلى عالم اخر . يغوص فيه ، يتفاعل معه ويشاركه حياته . كنت لا اجد نفسي الا في الاحلام . عالم من الخيال حياة اخرى . موجودة في مخيلتي ولكنها لا تكفي . أما هذا العالم الحقيقي المنقطع عني . فاجد نفسي مقهور فيه ، عاجز لامكان لي بين الاحياء . فقدت طعم الحياة بكل الوانها . أجدهم يضحكون يلعبون يركضون ،  تأخذهم الاماني . وأنا أسمع خلجات أنفاسهم مثل ضربات الفأس . تحفر جسدا متهالك  في معركة الحياة ..


عندما تكون معاق وجسدا لا يستطيع الحراك . لن تأتي المعجزة في  ولد صغير عاطل عن الحركه . هكذا ولدت وهكذا وجدت نفسي . جثة هامدة لا تستطيع الحراك . ولكن ليس كل الامهات مثلك .. ياأمي . منذو ولدت وأنا مخلوق معوق مشوها . لكني كنت لابث  بين احضانك . يمتص رحيق تدثيك متشبت بالحياة. وهو لا يعلم انه نكرة في هذا العالم المترفع . كنت منبوذا صغيرا  . في بلد ليس فيه مكان للمعاقين . مجتمع يتأفف من المشوهين خلقا . لايحتاجه وليس له مكان بين الاسوياء . لو كنت غادرت هذا العالم لم ينتبه لي احد . سيقولون ارتاح .. وأراح .. ينظرون الناس الى المعاق بالاسئ والحزن . بعين الرحمه والشفقة . وهم يلوون رؤسهم من التأفف . لكنك لا تستطيع التحكم بمشاعر الاخرين . ان نظرات الناس هي اكثر ايلاما و اذئ  من الاعاقة . قد لا أستطيع أن اسرد لك حياتي كلها . ولكن هناك أشياء كان عليا البوح بها  ..

 

كنت لا أستطيع أن اتعلم الاشياء ، بنفس الطريقة التي يتعلم الاخرون بها . كانت هيا الوطئة التى حملت على عاتقها كل ذلك . هي الام و الطبيب والمعلم والمرشد .  هي من كانت تحملني بين ذراعيها وأنا صغير يتوسل ثديها . وهي من تضعني في الحمام وتغسلني من الاذى . رغم بلوغي سن الثلاثين عام . رجل ولكن اي الرجال أنا . وهي من تلبسني الثياب وتضع العطر في اكناف ثيابي . وهي من تضعني على السرير عند النوم  . اه كم كنت  عبئ ثقيلا عليك يا امي . أعرف انها ليس شفقة ولا منة منها . كان ذلك هو الحب .. حب الغريزة والامومه التى خلقها الله فيها . ولكن ليس كل الامهات مثلك يا امي ... 

حين رفضتني المدرسة .. لاني لا أستطيع أن اتعلم ، بنفس الطريقة التي يتعلم بها الاخرون ..ولا يمكن للنظام ان يتغير لأجلي . لكنها  ادخلتني المدرسه بعد أن رفضتني المدارس كلها .. لاتوجد مدارس خاصة لذوي الاحتياجات في بلد فقير يعاني من كل شئ . لكن باصرارها وعزمها ورجائها وتوسلها للمسئولين .. دخلت المدرسه . فكنا نذهب معا سويا ونعود معا سويا . وفي الطريق كانت النظرات مؤلمه وهي ترمقنا . الا نظراتك انت . كانت هي من تجاملني بابتسامة منها . ليس من شى في هذا العالم مثل امي . لولا امي ما اكملت الطريق في هذه الحياة . لولا امي ما استطعت المشى ولو قليلا الى دورة المياه . ولولا امي ما أستطعت الجلوس على هذا  الكرسي المتحرك . ولولا أمي ما استطعت القرأئة والكتابة .  


كنت أسال نفسي دوما ، لماذا الموت اختارك انت من دون العالم . لم أكن أعرف الموت من قبل . كنت اراه شيئا عاديا حين يمس الناس الاخرين . لكنه جاء فجأة ودون انذار . مثل الصدمة التى لم يكن أحدا  يتوقعها. ويالها من صدمة . نهاية لم اكن اتوقعها . الم يعلم الموت أنه أخطأ الطريق اليك . لماذا لم يصوب سهامه الى جسدي المنهك الذائب الذي لايقوى على شئ .. الا بك . لماذا أختارك أنت ، أذا مافائدة الحياة دونك . يااااااه لقد قتلتني أنا ايضا أيها الموت . ويالها من طريقة لقتلي أيها الموت . أطفأة النور الذي كان يضئ . لم أعد ارى الاشياء بعدك . لقد أظلم الكون أمامي ، لا أرى شئ كل شئ حولي أصبح ظلاما. فأنا لست أنا من دونك . أنا من بعدك  لا اكون أنا .وهل للكون شئ بعدك .كنت ارى العالم بعينك أنت . أنت الحياة بعد ان رفضتني . كنت أعتقد أني قادر على الحياة من دونك . ياه كم كنت ساذجا . لا أعرف شئ مافي الحياة . لم استطع أن أفعل ماكنت تفعلين . كنت تذهبين العمل في الصباح كل يوم . وتعودين ومعك كل تلك الأشياء. كنت اعرف أنها أشياء نحتاجه نحن ويحتاجه البيت . ولكني أجهل كيف تبتاعيها . حتى ذلك الرجل الجشع  صاحب البقالة الذي تشتكين منه كل يوم وهو يزيد في السعر . أعتذر لي اليوم وهو يبيع لي الحليب  وقدم لى نصيحه . وقال لماذا لم تذهب الى دار رعاية للعجزة . كلماته كانت صادقه ولكنها قاسيه  أوجعتني كثيرا . وجارتنا التى كانت تأتي لتأخذ الاطباق ولا ترجعها . في البدايه كانت تجلب لي الطعام ثم توقفت . لااعرف لماذ . ولا ألوم أحد على شئ . الشئ الوحيد الذي استوعبته.  أني اصبحت  عاله على الناس . شخص عاجز يحتاج من يخدمه ويرعاه . أنها الحقيقة الذي تغافلت عنها يوما. ولكن الحقيقة أني انتهيت لحظة موتك .. كنت أعرف أنها النهاية . أذا كان الموت أختارك . فأنا أيضا سأختار ان اكون معك . لن أبقئ عالة مشوها لايتقبلها الناس . لهذا أخترتك أنت .أنتظريني أني قادم اليك ..  أوعدك . أوعدك .. انه لن يطول انتظارك لي .

«فاتح 110».. حزب الله يخفي صاروخه الأقوى لهذه الأسباب


إضاءة أبرز معالم أبوظبي باللون الأخضر احتفاء باليوم الوطني السعودي


الإمارات وأمريكا.. شراكة استراتيجية ديناميكية في الاقتصاد والتكنولوجيا والمناخ


تفاصيل إنشاء منصة إلكترونية للغة لإشارة في مصر.. التضامن تحتفل باليوم العالمي