ثقافة وفنون
معزوفات على أوتار قليلة
القنبوس.. عود اليمنيين القديم يعود إلى نغماته
يحيي مشروع مدعوم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) آلة موسيقية يمنية تقليدية قديمة تسمى الطربي في صنعاء أو “القنبوس” أو “القمبوس” في حضرموت، وهي تشبه العود، بعد أن شارفت على الانقراض خلال العقود الماضية.
ويبدو أن اسم الطربي جاء من تصغير كلمة طرب، أما تسمية “القنبوس” فيرجح العارفون بتاريخ هذه الآلة أنها مقتبسة من كلمة “كوموز” وهو اسم آلة شبيهة استخدمها الأتراك ولا تزال مستخدمة خاصة في قرغيزستان.
وتهدف المبادرة إلى تدريب حرفيين من الشباب على صناعة الآلة وتدريب موسيقيين من الشباب أيضا على العزف عليها.
والطربي عبارة عن عود قصير العنق ومغطى بالجلد ومنحوت يدويا من قطعة واحدة من خشب الجوز أو الطنب.
وكان الفنانون اليمنيون يعزفون على “القنبوس” قديماً وهم يتجولون متنقلين بين المجالس يطربون الناس بالأغاني الصنعانية والموشح اليمني التقليدي.
وتظهر النقوش الأثرية المكتشفة، ومنها نقش لامرأة تمسك بآلة العود في وضع العزف إلى أن اليمنيين القدماء عرفوا آلة العود في بداية الألفية الأولى للميلاد. وساهمت الهجرات اليمنية في انتشار “القنبوس” في دول شرق آسيا والهند.
وتراجعت شعبية “القنبوس” في اليمن أوائل القرن العشرين في عهد الإمام يحيى حميدالدين، وبحلول بداية القرن الحادي والعشرين حل العود محله، وأصبح الذين يتقنون العزف على هذه الآلة يعدون على أصابع اليد.
ويرى الموسيقار اليمني عبدالباسط الحارثي، قائد الفرقة الوطنية للموسيقى والإنشاد، أن إحياء الطربي هو إحياء للموروث الموسيقي الشعبي في اليمن.
وقال الحارثي “ما نقوم به الآن هو عبارة عن إحياء لموروثنا الشعبي أو الأصلي اليمني الخاص بنا، يعني موسيقى يمنية خاصة لها مقاماتها ولها مساحاتها ولها مسافاتها، غير الموسيقى العربية المعروفة، بينما هي أيضا تتواكب مع الموسيقى العربية وحتى الموسيقى الغربية”.
وعلى الرغم من أن أذواق الأجيال اليمنية الأصغر سنا أصبحت تدريجيا أكثر تنوعا، حيث تتزايد في أوساطها شعبية الموسيقى الغربية أو العربية الأحدث، فما يزال هناك من يستمتع منهم بهذه الآلة والموسيقى التي تخرج منها.
ومن هؤلاء ريام عبدالله وهي عازفة كمان ومتدربة على الطربي تشارك أربعة طلاب آخرين تعلم الطربي والشغف بالموروث الثقافي اليمني.
وقالت ريام “أجيد آلة الكمان ثم يليها العود والآن ألتحق بفريق الطربي شغفا وحبا بهذه الآلة. لأن آلة الطربي مميزة ذات أربعة أوتار، وتختلف تماما عن العود أو الكمان أو الغيتار أو البيانو أو باقي الآلات. فهي آلة يمنية بحتة تصدر ترانيم ومقامات يمنية، ويعتبر إحياء هذه آلة إحياء للتراث اليمني”.
وبينما يصنع آلة طربي، قال الحرفي فؤاد القديمي “أنا الآن أبدأ في صناعة الطربي وأجهز المفاتيح لهذه الآلة اليمينة، وهذا مشروع نشارك فيه مع البيت اليمني للموسيقى والفنون على تدريب الشباب على هذه الحرفة”.
ويضيف أن الطربي لا يحتاج إلى دوزنة كما في العود العربي فإذا أراد العازف أن يرفع أو يخفض الصوت، هناك في الطربي آلة صغيرة اسمها “الفرسة” بمجرد أن يشدها إلى الأمام أو الخلف يرتفع الصوت أو ينخفض بإتقان.
وقال الفنان فؤاد الشرجبي مدير البيت اليمني للموسيقى والفنون إن “المشروع هو عودة آلة الطربي إلى السطح وينقسم إلى جزأين، الجزء الأول هو إعادة صناعة هذه الآلة بنفس الحرفية وبنفس الشكل القديم المتوارث منذ آلاف السنين، والجزء الثاني هو تعليم الشباب العزف على هذه الآلة والغناء أيضا بنفس التكنيك والغناء اليمني القديم. لأن هناك تكنيك أو ‘ترييش’ خاص بهذه الآلة. فنحن حريصون على أن تعود هذه الآلة إلى المستوى اليمني وإلى المستوى العربي والعالمي إن شاء الله”.