اخبار الإقليم والعالم
أدانت طردهم «بشكل تعسفي» وطالبت بمحاكمة الجناة
الأمم المتحدة تتهم ليبيا بالتخلي عن اللاجئين في الصحراء
رفضت السلطات الأمنية الليبية اتهامات أممية بتورطها في طرد مهاجرين سودانيين غير نظاميين، وعدد من طالبي اللجوء قسرياً من البلاد، ونقلهم عبر الصحراء «قبل أن يتم تركهم لمصيرهم المجهول على الحدود مع السودان».
وقال مسؤولون بجهاز الهجرة غير المشروعة في ليبيا، أمس، إنهم يعملون مع المنظمة الدولية للهجرة على ترحيل المهاجرين الراغبين في مغادرة البلاد، عبر برنامج «العودة الطوعية»، الذي ترعاه هيئة الأمم المتحدة، مشيرين إلى «أنهم نجحوا في ترحيل مئات الأشخاص خلال الأشهر الماضية إلى دولهم، أو إلى دولة ثالثة مستضيفة».
غير أن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف تحدث عن تعرض المهاجرين في ليبيا إلى مأساة «تستوجب التحقيق مع المتورطين فيها». وقال المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان، روبرت كولفيل، أول من أمس، إنه «بحسب معلومات حصل عليها فريقنا في الميدان، منتصف الأسبوع الماضي، فقد طردت الأجهزة الليبية 18 سودانياً دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، بعد نقلهم من مركز توقيف قنفودة في مدينة بنغازي (شرق) إلى مركز توقيف الكفرة بجنوب شرقي ليبيا».
ويخضع هذان المركزان لإدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية، التابعة لوزارة الداخلية الليبية. وسبق لوزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، توجيه انتقادات لاذعة للتعاطي الأوروبي مع ملف المهاجرين، وقالت أمام مؤتمر «حوارات البحر المتوسط» بإيطاليا: «من فضلكم لا تدفعوا بالمشكلة في حضننا، ورجاءً لا توجهوا أصابعكم نحو ليبيا، ولا تصورونا على أننا دولة تسيء إلى اللاجئين وتزدري احترامهم... لقد سئمنا من المراوغة، ومن كل هذه الحلول السطحية التي يتم تقديمها. لقد حان الوقت لذكر المشكلة ومواجهتها».
وأوضح كولفيل أنه تم نقل المهاجرين عبر الصحراء الكبرى إلى المنطقة الحدودية بين ليبيا والسودان، حيث تم «إلقاؤهم» هناك، مضيفاً أنه «في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تم أيضاً ترحيل مجموعة أخرى تتألف من 19 سودانياً إلى السودان، أيضا من قنفودة عبر مركز توقيف الكفرة».
وبحسب مكتب حقوق الإنسان، فقد احتجز مهاجرون آخرون من السودان وإريتريا والصومال وتشاد، بينهم أطفال ونساء حوامل في الأشهر الماضية، و«تم طردهم بالفعل، أو سيتم طردهم في أي لحظة»، وهو ما نفاه جهاز الهجرة غير المشروعة، بقوله: «نحن نتبع جميع الإجراءات المنصوص عليها دولياً أثناء ترحيل المهاجرين، وذلك يتم عادة بحضور مندوبين من المنظمات الدولية أو البعثات الدبلوماسية، التي ينتمي إليها المهاجرون المُرحلون».
ورحل جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، فرع طرابلس، 46 مهاجراً غير نظامي من نزلاء مركز إيواء طرابلس إلى النيجر، نهاية الأسبوع الماضي، وفق برنامج «العودة الطوعية» عبر مطار معيتيقة الدولي مباشرة إلى مطار العاصمة نيامي، بالتعاون مع السفارة النيجرية بطرابلس والمنظمة الدولية للهجرة.
وفيما يتعلق بعملية «طرد السودانيين»، أضاف كولفيل أنه «أُفيد باعتقالهم واحتجازهم وطردهم بشكل تعسفي بعد ذلك، دون أن يُمنح لهم تقييم فردي لظروفهم واحتياجاتهم للحماية، مثل خطر الاضطهاد والتعذيب وسوء المعاملة، أو أي أذى آخر لا يمكن إصلاحه في ديارهم».
وتابع كولفيل موضحاً: «لم يُمنح هؤلاء إمكانية الحصول على المساعدة القانونية، ولم يتمكنوا من الطعن في قانونية أمر الطرد. كما لم يتم السماح لهم بالوصول إلى منظمات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك خدمة حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا خلال فترة احتجازهم».
ومضى كولفيل يقول: «تتعارض عمليات الطرد هذه لطالبي اللجوء، وغيرهم من المهاجرين بحثاً عن الأمان والكرامة في ليبيا، دون الإجراءات القانونية الواجبة والضمانات الإجرائية، مع حظر الطرد الجماعي، ومبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين».
وأبرز كولفيل أن مجموعة أخرى تتألف من 24 إريترياً، «يبدو أنها تتعرض لمواجهة نفس المصير»، وقال بهذا الخصوص: «مصدر القلق الفوري الآن مجموعة مؤلفة من 24 إريترياً، كانت محتجزة في نفس مركز الاحتجاز قنفودة، ويُعتقد أنها معرضة لخطر الترحيل الوشيك». لافتاً إلى أن هذا النمط يعكس تجربة «السودانيين المطرودين»، الذين تم نقلهم إلى مركز احتجاز الكفرة تمهيداً لترحيلهم، لذا «ندعو السلطات الليبية إلى حماية حقوق جميع المهاجرين في البلاد، بغض النظر عن وضعهم، والتحقيق في جميع مزاعم الانتهاكات والإساءة، وتقديم الجناة إلى العدالة في محاكمات عادلة».
وفي 25 من نوفمبر الماضي، أصدر مكتب حقوق الإنسان تقريراً بعنوان «غير آمن وغير كريم... الطرد القسري للمهاجرين من ليبيا»، سلط الضوء على طالبي اللجوء وغيرهم من المهاجرين في ليبيا، وكشف كيف يتعرضون بشكل روتيني لخطر الطرد التعسفي، أو الجماعي من الحدود البرية الخارجية لليبيا، بطريقة لا تحترم حظر الطرد الجماعي ومبدأ عدم الإعادة القسرية.
كما أوضح التقرير كيف أن عمليات الطرد من ليبيا غالباً ما تضع المهاجرين في أوضاع هشة للغاية، بما في ذلك رحلات العودة الطويلة، والمحفوفة بالمخاطر على المركبات المزدحمة عبر الامتدادات النائية من الصحراء الكبرى، وهي واحدة من أقسى الصحاري في العالم، حيث تفتقر إلى مقومات السلامة والطعام والماء والرعاية الصحية.