اخبار الإقليم والعالم

فرنسا تتجاهل مطالب الجزائريين بالاعتذار عن الحقبة الاستعمارية

فرنسا تكشف أرشيف حرب الجزائر: الجرائم منا ومنكم

الجزائر

تصاعدت في الجزائر التحذيرات من استدراج فرنسا للجزائريين إلى معركة ليسوا مستعدين لها تتعلق بالجرائم التي ارتكبت خلال الحرب، وكأنما فرنسا تريد أن تقول لهم يا من تعيشون على التاريخ، فإننا نتساوى في الجرائم، وهو ما قد يجعلها ورقة ضغط فرنسية ضد النظام الجزائري الذي يستمر في مزايداته بشأن الماضي.

ويأتي التخوف الجزائري بعد صدور قرار فرنسا بجعل الأرشيف في متناول المهتمين والمطلعين قبل 15 عاما عن الموعد المحدد للكشف عنه. ويقول الجزائريون إن المسألة تنطوي على نية غير بريئة للمساواة بين الفرنسيين والجزائريين، كون الجزء الذي يراد الكشف عنه هو ما اتصل بتحقيقات المصالح الأمنية الفرنسية خلال حرب التحرير (1954 – 1964).

وإذا كانت السلطات الفرنسية، قد عبّرت بهذه الخطوة عن استعدادها لكشف الأعمال الاجرامية التي قامت بها مصالحها الأمنية والعسكرية (الدرك)، في إطار مقاربتها الجديدة لمعالجة ملف الذاكرة المشتركة بين البلدين، فإن مخاوف النخب الجزائرية تصاعدت بسبب ما أسمته بـ”إمكانية التلاعب الفرنسي بالأرشيف”، وبـ”عدم استبعاد نية فرنسية لاستدراج الجزائريين إلى معارك جانبية، لأن الكشف عن الأرشيف في هذا الوقت قد يراد منه إماطة الستار عن أسرار تاريخية لشخصيات وربما قيادات تاريخية جزائرية ما زالت على قيد الحياة، أو هي في السلطة حاليا، تكون قد قدمت خدمات للفرنسيين بشكل ما سواء تحت التعذيب أو من خلال تعاون غير معلن”.

وجاء القرار الفرنسي المعلن عنه من طرف وزيرة الثقافة روزلين باشلو غداة الزيارة التي قام بها وزير الخارجية جون إيف لودريان إلى الجزائر من أجل تهدئة التوتر القائم بين البلدين خلال الأشهر الأخيرة، ولا يستبعد أن يكون في إطار فرض باريس لمقاربتها في معالجة الملف التاريخي، بصيغة تساوي بين أعمال الجيش الفرنسي في الجزائر، وبين أعمال جيش التحرير الجزائري الذي كان يقاومه.

وما زالت فرنسا تتجاهل مطالب الجزائريين، بـ”الاعتراف والاعتذار عن الحقبة الاستعمارية”، واكتفى الرئيس إيمانويل ماكرون في العديد من المناسبات بالتنديد وانتقاد جزئي لأعمال الجيش الفرنسي في حق الجزائريين، وأعطى الانطباع خلالها بأن “أعمالا مماثلة أو مرفوضة ارتكبها الجزائريون”.

ولذلك لا يستبعد أن يكون الغرض من قرار الكشف عن الأرشيف بحسب مختصين، هو الإيقاع بين الجزائريين وإحراج نخب رسمية، بتقديم التاريخ في طبق يساوي بين أعمال الجيش الفرنسي وبين أعمال قام بها جيش التحرير الجزائري، أو خدمات قدمتها نخب أو مقاومون للاستعمار.

وحذر المؤرخ والباحث في التاريخ رابح لونيسي مما أسماه بـ”تلاعب الفرنسيين بملف الأرشيف الخاص بالثورة التحريرية وجعله بمثابة موقعة أخرى لـ’لابلويت’ التاريخية، للإيقاع بين الجزائريين من خلال التلاعب بالأرشيف وإدخالهم في حرب الذاكرة بين صفوفهم”.

وعملية “لابلويت” هي فخ استخباراتي نفذته السلطات الفرنسية خلال حرب التحرير لزرع الخلافات بين صفوف جيش وجبهة التحرير الوطني، ما قاد إلى مواجهات وتصفيات بين الثوار.

وذكر المؤرخ في تصريح صحافي بأن “إماطة اللثام عن أرشيف الثورة التحريرية يمكن أن يكون سلاحا ذا حدين في حالة ما إذا وقع بين أيدي العامة عوض الباحثين والمؤرخين”.

ويرى مراقبون بأن القرار الذي جاء بعد زيارة جون إيف لودريان إلى الجزائر، يبدو وكأن الطرف الفرنسي يريد تحييد ملف الذاكرة الذي كان سببا في الأزمة الأخيرة في العلاقات بين البلدين، كما أن توقيته المصادف لليوم العالمي لحقوق الإنسان وتركيزه على فتح أرشيف التحقيقات القضائية من طرف الدرك والشرطة وما تتضمنه عملية انتزاع الاعترافات من تعذيب، قد يكون رغبة في تبرئة الذمة من الانتهاكات الإنسانية في هذا اليوم العالمي الرمزي.

ولم يستبعد رابح لونيسي أن تقدم بعض الوثائق اعترافات لبعض الثوار وإدلائهم بمعلومات تحت التعذيب، محذرا من أن “وقوع هكذا اعترافات بين أيدي العامة من شأنه أن يوقع حروب ذاكرة فيما بين الجزائريين وما بين العروش والعائلات وتقاذف التهم، وهو ما يمكن أن ينقلب سلبا ويحول الكشف عن الأرشيف من أداة للدراسة بيد الباحثين إلى أداة للتدمير”.

وكانت وزيرة الثقافة روزلين باشلو قد صرحت لمحطة “بي أف أم تي في” الفرنسية بالقول “لدينا أشياء يجب إعادة بنائها مع الجزائر ولا يمكن إعادة بنائها إلا بناء على الحقيقة، بداية بفتح أرشيف التحقيقات القضائية لقوات الدرك والشرطة المتعقلة بحرب الجزائر”.

وأضافت “أريد ذلك بخصوص هذه المسألة المزعجة والمثيرة للغضب وفيها مزوّرون للتاريخ يعملون أن نكون قادرين على مواجهتها. لا يمكن بناء رواية تاريخية على كذب”.

ولفتت المتحدثة، إلى أن ” التزوير هو ما يقود إلى التخبط والمشاكل والكراهية. منذ اللحظة التي تكشف فيها الحقائق ويُعترف بها ويتم تحليلها، منذ تلك اللحظة يمكننا أن نقيم تاريخا آخر، مصالحة، ومن مصلحة البلاد الاعتراف بها”.

وتابعت “عندما أقام إيمانويل ماكرون العدالة في قضية أودان، وضع بذلك فرنسا في مواجهة الحقيقة، وعليه يتوجب ألا نخاف أبدا من الحقيقة، علينا أن نضعها في سياقها.. لكن علينا أن نواجهها”.

تباين حاد في أسعار صرف العملات الأجنبية باليمن اليوم الثلاثاء


الأرصاد تحذر: تفاوت كبير بدرجات الحرارة في محافظات اليمن


إعلامي يتهم شركة أدوية بعدن بالتزوير واستغلال حالته الصحية


انخفاض نسبي في أسعار الذهب باليمن مع تباين واضح بين عدن وصنعاء