اخبار الإقليم والعالم
هل تستطيع أنقرة تقديم دعم للبنان بحجم ما كانت تقدمه الرياض؟
تركيا لا تحتاج إلى الإخوان لتملأ الفراغ العربي السني في لبنان
تعمل تركيا على خلق نفوذ لها في لبنان بعيدا عن الضجيج الذي عرفتها أدوارها في دول أخرى مثل سوريا وليبيا وأذربيجان. وتستفيد أنقرة بشكل مباشر من الانسحاب العربي من الملف اللبناني، وخاصة غياب السعودية، لتبدو تركيا وكأنها راعية السنّة في مقابل رعاية إيران للمجموعات الشيعية وعلى رأسها حزب الله.
ولعل هذه هي المرة الأولى التي تستطيع فيها تركيا مد نفوذها بعد فراغ تركه الآخرون دون الاعتماد على تنظيم حاضر للإخوان المسلمين.
وقالت أوساط سياسية لبنانية إن الفراغات المتولدة من الغياب العربي وخصوصا الخليجي لا تتلقفها إيران عبر سيطرتها شبه الكاملة على الطائفة الشيعية وجزء كبير من الموارنة، بل هي فرصة استثنائية لتركيا لمد نفوذها لدى الطائفة السنيّة التي تصنف نفسها الآن "يتيمة" بعد رفع اليد السعودية عن لبنان.
وتوظف أنقرة العديد من الآليات لاختراق الطائفة السنية واستثمار شعورها بالمظلومية عبر توظيف خطاب التضامن والاستعداد للدعم واللعب على مفردات التاريخ والدين، وكذلك من خلال المساعدات الإنسانية المحدودة، فضلا عن التركيز على انتقاد التخلي السعودي والعربي عموما عن سنّة لبنان.
وقالت الأوساط السياسية اللبنانية إن زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى بيروت، وتأكيده على استعداد بلاده لدعم لبنان من أجل إيجاد حلول للأزمات التي يواجهها، محاولة واضحة للعب دور يجلب الأنظار خاصة بعد الانسحاب شبه التام للسعودية من لبنان وتوقف دعمها المالي والاستثماري والسياحي للبلد الواقع تحت سيطرة حزب الله وإيران.
وأضافت هذا الأوساط أن تركيا لا تفكر في منافسة إيران، التي زارها جاويش أوغلو وانتقل منها مباشرة إلى لبنان، وأن الهدف هو ملء الفراغ الذي تركه غياب السعوديين، متسائلة إن كانت أنقرة قادرة على تقديم دعم بحجم ما كانت تقدمه الرياض، خاصة أن اللبنانيين شبعوا من الوعود ولم تعهد تغريهم أيا كانت الجهة التي تطلقها.
ولفتت هذه الأوساط إلى أن أنقرة لا تفكر بلعب دور الرافعة لإخراج لبنان من أزمته، وأن ما يهمها هو وضع أسس لبقاء طويل في البلاد، مشيرة إلى ضبابية تصريحات وزير الخارجية التركي الذي لم يقدم أيّ أفكار أو مشاريع للتعاون سوى اللعبة على مفردات الماضي المشترك.
وقال جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اللبناني عبدالله بوحبيب، في بيروت، إن تركيا ولبنان يشتركان في الجغرافيا والمصير، فضلا عن العلاقات التاريخية والثقافية والإنسانية المتجذرة.
وأكد أن تركيا تولي أهمية دائمة لسيادة لبنان وأمنه واستقراره وازدهاره، مشيرا إلى الدعم اللازم والتضامن الذي قدمته أنقرة بعد انفجاري مرفأ بيروت وعكار.
وقال "ينبغي على الجميع تقديم الدعم للحكومة اللبنانية من أجل إيجاد حلول للأزمات التي تواجهها البلاد وتنظيم الانتخابات العامة في أقرب وقت".
وأضاف "الشعب اللبناني ينتظر حلا عاجلا لمشاكله، ويجب ألا يدفع ثمن المساومات الإقليمية"، في انتقاد خفي لموقف السعودية على خلفية تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي بشأن اليمن.
وتعليقا على الأزمة بين لبنان والخليج قال جاويش أوغلو "نأمل في حل هذه المشكلة في أقرب وقت ممكن عبر الدبلوماسية والحوار على أساس الاحترام المتبادل، نحن على استعداد للقيام بالدور الذي يقع على عاتقنا".
كما ذكّر بدعم بلاده للجيش اللبناني وقوى الأمن من أجل الأمن والاستقرار، مبينًا أن تركيا مددت مساهمتها في قوة الأمم المتحدة المؤقتة الخاصة بلبنان (يونيفيل) إلى سنة أخرى.
بدوره قال وزير الخارجية اللبناني إن بلاده حريصة على أفضل العلاقات مع تركيا، معربا عن تطلعه إلى تقديم تسهيلات لفتح الأسواق التركية أمام المنتجات اللبنانية.
وقال بوحبيب إن "لبنان وتركيا يستضيفان، إضافة إلى الأردن والعراق، العدد الأكبر من النازحين السوريين، ولذلك فإن مصلحتهما توحيد الجهود ودعوة المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته للتوزيع العادل للأعباء والعمل على العودة الآمنة للنازحين".
والتقى وزير الخارجية التركي بأبرز المسؤولين اللبنانيين مثل الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري.
ووجه جاويش أوغلو دعوة رسمية إلى رئيس الحكومة اللبنانية لزيارة تركيا للبحث في مجالات التعاون.