اخبار الإقليم والعالم
التحشيد لم يأت بجديد
إشارات متناقضة من اتحاد الشغل تجاه قيس سعيد
بدا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي حريصا على إظهار أنه أقرب إلى الرئيس قيس سعيد من حركة النهضة الإسلامية وحلفائها الذين تظاهروا الأحد في محيط البرلمان المغلق، لكن أوساطا سياسية تونسية تقول إن المنظمة العمالية الأكبر في تونس ترسل إشارات متناقضة في نفس الوقت، سواء خلال تصريحات أمينها العام نفسه أو من قادة آخرين من المنظمة.
ونشرت مواقع محسوبة على الاتحاد خبرا مقتضبا تحدثت فيه عن اتصال هاتفي بين الطبوبي والرئيس التونسي، وأن الاتصال تناول الوضع العام في البلاد وأهمية الإسراع بمواصلة مسار الخامس والعشرين من يوليو “ليكون فعلا فرصة تاريخية للقطع مع عشرية غلب عليها الفشل”.
وفيما لم ينشر الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية الخبر اعتبرت الأوساط السابقة أن الاتصال تم بناء على مبادرة من الطبوبي، وأن الهدف منه تأكيد وقوف الاتحاد إلى جانب الرئيس سعيد في وجه منظومة ما قبل الخامس والعشرين من يوليو، مشيرة إلى أن الاتحاد حرص في أكثر من مرة على أن يبدو بعيدا عن شبهة التحالف مع النهضة، وأن اختلافه مع قيس سعيد مرتبط بمطالب الاتحاد وليس بحسابات الآخرين.
وتزامن خبر الاتصال الهاتفي الذي سعى له الطبوبي مع تدوينة لسامي الطاهري المتحدث باسم الاتحاد أكد فيها “لا لعودة المجلس النيابي (البرلمان) المجمد الذي عانى منه التونسيون الأمرّين”.
وقال مراقبون إن هذين التصريحين يظهران أن الاتحاد لا يريد أن يبدو في نظر قيس سعيد أو الشركاء المحليين والخارجيين أنه يلعب دورا معارضا، وإن كان لا يخفي عدم رضاه عن العلاقة مع الرئاسة التونسية.
ويشير هؤلاء إلى أن هذه المعادلة الحذرة لا يبدو أن الاتحاد قد التزم بها، حيث بدا الطبوبي نفسه في مناسبات سابقة أكثر راديكالية من بعض المعارضين، ولم يلتزم بالتعبير عن موقف الاتحاد الذي هو أقرب إلى القضايا الاجتماعية ومصالح العمال منه إلى المواقف السياسية الحادة.
وآخر أكتوبر الماضي قال الطبوبي، خلال حضوره مؤتمرا لمناقشة “اتفاق التبادل الحر في قارة أفريقيا”، “نريد نظاما سياسيا لا يقوم على اليد المطلقة، لا عودة إلى الحكم الفردي”، قبل أن يستدرك مؤكدا أنه “لا توجد قطيعة مع الرئاسة ولكن هناك اختلافا في وجهات النظر”.
ومنذ يومين قال الأمين العام المساعد للاتحاد سمير الشفي إن الوضع الاجتماعي في تونس “صعب جدا، وينذر بانفجارات اجتماعية”.
وأضاف في تصريح لإذاعة محلية أن “التنكّر للوضع الاجتماعي بتعلة (بذريعة) صعوبة الوضع الاقتصادي مقاربة فاشلة، ولا يمكن أن تؤدي إلّا إلى المزيد من الأزمات والانفجارات الاجتماعية”.
وتتحدث أوساط سياسية عن خلافات حادة داخل اتحاد الشغل تقف وراء تناقض التصريحات والمواقف، فهناك فريق يريد التهدئة الاجتماعية والنأي بالاتحاد عن الصراع السياسي ويتزعمه الطبوبي وفريق آخر يريد التصعيد، وقد بدا هذا الخلاف واضحا في الموقف من إضراب نقابات التعليم الثانوي.
واعتبر المحلل السياسي رافع الطبيب، في تصريح لـ”العرب”، أن “اتحاد الشغل أرسل العديد من الإشارات، أهمها أنه لا يمكن ترك الدولة وحدها، وأنه إذا ثمة ما يقلق الاتحاد فهو بطء الرئيس سعيّد في اتخاذ قرارات بشأن من أجرموا في حق البلاد”.
وبخصوص الاحتجاجات التي تمت الأحد أمام مقر البرلمان المجمد قال الطبيب “التحشيد لم يأت بجديد، والاتحاد يعبر عن جزء كبير من الشعب”.
وتظاهر المئات من المحسوبين على حركة النهضة وحلفائها مرددين شعارات ضد قيس سعيد وإجراءات الخامس والعشرين من يوليو فيما انتشر في مكان التظاهر عدد كبير من عناصر الشرطة الذين أغلقوا الطرق المؤدية إلى البرلمان الواقع في ضاحية باردو القريبة من وسط العاصمة.
ونشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور سيارات أوقفتها الشرطة لمنعها من الوصول إلى ضاحية باردو.
ويؤكد الرئيس التونسي باستمرار أنه يضمن حقوق وحريات المدنيين، ومن بينهم المحتجون ضده، وأن التدابير التي أعلنها مؤقتة.
وقالت وزارة الداخلية التونسية الأحد إنها ضبطت أسلحة بيضاء بحوزة أشخاص وسط المتظاهرين.
وأشارت الوزارة في بيانها إلى أنه “تم تقديم هؤلاء صحبة المحجوز (الأسلحة البيضاء) والصور الموثقة لذلك، ومراجعة النيابة العمومية لاتخاذ الإجراءات العدلية في شأنهم”.