اخبار الإقليم والعالم
إيران لا تريد تعميق عزلة حلفائها سياسيا بعد عقوبة الانتخابات الشعبية
بوادر مواجهة تلوح في العراق بين الصدر والميليشيات
تلوح بوادر مواجهة في العراق بين التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر مع طرفين تدعمهما إيران هما الميليشيات الشيعية ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، بعد انتخابات عامة لم تفض إلى نتائج حاسمة تسمح للفائزين بتشكيل حكومة جديدة.
وحصل الصدر بمفرده على 74 مقعدا في البرلمان العراقي المكون من 329 نائبا، ليحقق المركز الأول على المستوى الوطني، بفارق يزيد على الضعف عن أقرب منافسيه.
لكن هذه الحقيقة تبدو خادعة بعدما لجأت القوى الشيعية الأخرى، وهي ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي وتحالف الفتح الذي يضم ميليشيا بدر بزعامة هادي العامري وميليشيا عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي وحركة حقوق الجناح السياسي لميليشيا كتائب حزب الله وقائمة العقد الوطني بزعامة فالح الفياض، إلى تشكيل تجمع مواز لكتلة الصدر على الصعيد العددي تحت عنوان “الإطار التنسيقي”، مفرغة فوز الأخير من مضمونه.
وتصر قوى الإطار، التي تحوز مجتمعة نحو سبعين مقعدا برلمانيا على إقصاء مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء الحالي، من قائمة المرشحين لتشكيل الحكومة المقبلة، خلافا لرغبة الصدر الذي أجرى تفاهمات في وقت سابق مع الأطراف السنية والكردية الفائزة في الانتخابات لضمان الأغلبية السياسية.
وتعوّل قوى الإطار على الدعم الإيراني لضمان تمثيلها في الحكومة بثقل يوازي ثقل الكتلة الصدرية، وهو ما ترك المشاورات السياسية بشأن تقاسم السلطات في السنوات الأربع القادمة عند طريق مسدود.
ولوّحت أطراف ضمن الإطار التنسيقي بإمكانية تحجيم الدور السياسي للصدر في حال النجاح في منعه من تشكيل الحكومة المقبلة، ما فجّر ردا صدريا مفاجئا.
وجاء الرد عبر تسجيل صوتي للقيادي البارز في الكتلة الصدرية ونائب رئيس فريق الصدر التفاوضي نصار الربيعي الذي قال إن بإمكان التيار الصدري اعتقال المالكي والخزعلي والعامري خلال عشر دقائق إذا طُلب منه ذلك.
ووضع الربيعي هذا التسجيل الصوتي بنفسه في مجموعة إلكترونية تضم العشرات من الأعضاء، معظمهم من الساسة والصحافيين، ما يؤكد بأنه أراد أن يوصله إلى الإطار التنسيقي.
وقال الربيعي إن التيار الصدري يملك عددا من الأذرع المسلحة العلنية مثل جيش المهدي ولواء اليوم الموعود وسرايا السلام، ويملك أيضا جيشا سريا قوامه مليونا مقاتل مسلح، بإمكانهم لجم الميليشيات وقادتها إذا ما تطلب الأمر.
وانتقد الربيعي السلوك الميليشياوي لتجمع القوى الخاسرة في انتخابات أكتوبر الماضي، وقال إن قادة الميليشيات “فارغون”، ويتّبعون أسلوب الغدر في التعاطي مع خصومهم.
وأضاف أن منظمة بدر بزعامة هادي العامري كانت عميلة لإيران وتورطت في قتل الأسرى العراقيين إبان حرب الثمانينات مع إيران، مشيرا إلى أن المنظمة نفسها عادت بعد 2003 إلى العراق لتشن حملة اغتيالات كبيرة ضد الطيارين والأطباء ومختلف الكفاءات العراقية.
وقال الربيعي إن الصدر لا يعبأ بالمالكي ولا قادة الميليشيات ولا يضعهم في اعتباره، ولو فعل ذلك لقضى عليهم في ساعة واحدة، متحديا إياهم بالرد على أيّ شيء يقوله زعيم التيار الصدري.
ويقول مراقبون إن الوضع السياسي في المساحة الشيعية يقترب من صدام بين أطراف تملك السلاح، فيما تعجز الدولة، عن لعب أيّ دور فيه.
ويترجم حديث الربيعي الإشارات الصادرة عن إيران مؤخرا، بشأن عدم رغبتها في المضيّ خلف رغبات الخاسرين الشيعة في انتخابات أكتوبر، وصولا إلى تفجير اقتتال شيعي – شيعي.
وقالت مصادر مطلعة لمراسل “العرب” في بغداد إن الرسائل التي تسلمها مختلف قادة الميليشيات من إيران مؤخرا تدعو إلى القبول بنتائج الانتخابات والتوافق مع الصدر على شكل المشاركة في الحكومة الجديدة، مؤكدة أن إيران حذرت زعماء الميليشيات الشيعية صراحة من الانزلاق إلى مواجهة مسلحة مع الصدر أو الحكومة.
ويشير المراقبون إلى أن صراع الإرادات غير متوازن، إذ يريد الصدر، مدعوما بجميع القوى السنية والكردية، إعادة تكليف الكاظمي بتشكيل الحكومة، مقابل اعتراض الإطار التنسيقي الذي يملك أقل من ربع عدد مقاعد البرلمان العراقي، وهو ما يفسر الموقف الإيراني.
ولا تريد إيران، وفقا لمراقبين، تعميق العزلة التي يعيشها حلفاؤها في العراق سياسيا، بعد العقوبة الشعبية الكبيرة التي تلقّوها عبر نتائج الانتخابات.
كذلك تريد إيران ضمان مصالحها عبر أطراف شيعية جديدة، حققت فوزا كاسحا في الانتخابات، ما يؤكد ركونها إلى قواعد شعبية رصينة.
ويؤكد المراقبون أن إيران تفتقر إلى لاعب مؤثر في الساحة العراقية، بعد خسارتها الجنرال قاسم سليماني، الذي كان يدير الشأن السياسي في بغداد بسلاسة تضمن مصالح طهران على الدوام.
لكنهم يحذرون من التسرع في الحكم على الموقف الإيراني، الذي يمكن أن يستخدم العديد من المناورات، قبل الكشف عن طبيعة خياراته.