مصر تضع اللمسات الأخيرة على صفقة شاملة بين حماس وإسرائيل

حملت تصريحات أدلى بها وزير المخابرات المصري اللواء عباس كامل لصحافيين إسرائيليين، على هامش مؤتمر المناخ بغلاسكو، رسالة مفادها أن القاهرة على وشك الانتهاء من توقيع صفقة بين حركة حماس وإسرائيل، وأنها “تعمل ليل نهار” من أجل إتمامها.

وكشفت مصادر فلسطينية لـ”العرب” أن “مصر توصلت إلى ما يشبه الاتفاق الكامل بين حماس وإسرائيل خلال الفترة الماضية على توقيع صفقة شاملة”، مضيفة أن “تصريحات الوزير عباس كامل في هذا التوقيت غرضها التمهيد للإعلان عن تفاصيل الصفقة قريبا”.

وأشارت هذه المصادر إلى أن الجولة الأخيرة من الزيارة التي قام بها وفد حماس إلى القاهرة وضعت كل الملفات على الطاولة بصراحة تامة، وأن التهدئة طويلة المدى التي تريدها إسرائيل اشترطت حماس أن تشمل صفقة الأسرى.

وذكرت المصادر ذاتها لـ”العرب” أن “مصر على وشك أن تتسلم شريطا -إن لم يكن قد تسلمته بالفعل- من حماس يشير إلى حقيقة وضع الأسرى الإسرائيليين، وكلما زاد عدد الأحياء بينهم حصلت الحركة على مزايا بشأن عدد ونوعية الذين سيتم إطلاق سراحهم من الفلسطينيين المعتقلين في سجون إسرائيل”.

وجاءت تصريحات عباس كامل، التي نشرتها صحيفة “يديعوت أحرنوت” الجمعة، في سياق ما أُنجِزَ على مستوى ما تم التوصل إليه مؤخرا وتجري بلورته حاليا بين حماس وإسرائيل برعاية القاهرة.

ومن المنتظر أن يقوم كامل بزيارة إلى إسرائيل قبل نهاية نوفمبر الجاري، وستصبح الزيارة الثانية له منذ تولي حكومة نفتالي بينيت الجديدة السلطة، ومن المحتمل أن يزور رام الله أيضًا.

ويقول متابعون إن الحديث عن الزيارة من الآن مسألة غير معتادة، وهو ما يشير إلى وجود طبخة سياسية تتم هندستها بما يعيد زخم الصفقة المتوقعة بين حماس وإسرائيل.

وأكد رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة سمير غطاس أن تصريحات كامل تضمنت إشارة إلى وجود تطورات على مستوى وضع حد للجمود الحاصل منذ اتفاق وقف إطلاق النار في مايو الماضي بين حماس وإسرائيل.

 وأضاف لـ”العرب” أن “الإعلان عن زيارة إسرائيل والضفة الغربية نهاية الشهر الجاري يؤكد أن الاجتماعات التي عقدتها حماس في القاهرة خلال أكتوبر الماضي والتقاء بينيت بالرئيس عبدالفتاح السيسي في شرم الشيخ خلال سبتمبر الماضي خرجا بنتائج جيدة، وأذابا جانبا من الجليد السياسي الذي تراكم خلال حكومة بنيامين نتنياهو”.

وقالت مصادر لـ”العرب” إن كامل يعتقد أن المسافة بين بينيت ونتنياهو شاسعة شساعة ما “بين السماء والأرض”، وأن هناك فرصة لتسوية بعض الملفات العالقة منذ عهد نتنياهو وهو ما يتم العمل عليه الآن.

وحددت تصريحات عباس كامل لأول مرة أعداد الجنود (أربعة) الإسرائيليين لدى حماس، وهو ما يضع حدّا لمماطلات الحركة التي تصر على مطالب تدرك صعوبة تنفيذها على الأرض، لأن إسرائيل ترفض الإفراج عمن تقول إن “أياديهم ملطخة بالدماء” في حين أن حماس تسعى للإفراج عن المحكوم عليهم بالحبس مددا طويلة.

وأفادت تقارير بأن حماس تحتفظ بأربعة إسرائيليين، من بينهم جنديان أُسرا خلال الحرب على غزة صيف عام 2014، أما الآخران فقد دخلا القطاع في ظروف غير واضحة، ولم تفصح الحركة عن مصير المحتجزين أو وضعهم الصحي.

وأوضح كامل أن صفقة تبادل الأسرى “يجب أن تشمل في البداية إطلاق سراح سجناء فلسطينيين مسنين، والنساء الفلسطينيات والأطفال المحتجزين في سجون إسرائيل”.

وسبق أن تحدثت إسرائيل عن هدنة شاملة وبنودها ولم تعترض حماس سوى على مطالبتها بالمزيد من الضمانات للوصول إلى التسوية المطلوبة، غير أن هناك عراقيل تعترض الوصول إلى تلك التسوية على رأسها توظيف حماس لأي اتفاقات وفقًا لمصالحها السياسية في غزة، وعدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى مستقبل الحكومة الإسرائيلية.

وشدد رئيس المخابرات المصرية في تصريحاته للصحافة الإسرائيلية على أن الأزمة في غزة “يجب أن تحل بصفقة واحدة كبيرة وشاملة، تضم وقف إطلاق نار طويل الأمد، وإغاثة إنسانية إضافية للسكان، وإعادة تأهيل القطاع، وحل قضية الأسرى والمفقودين”.

وبدا حديث عباس كامل لأول مرة عن عودة رمزية للسلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة أمرا غريبا في نظر متابعين، لأنه يقوض إمكانية الوصول إلى اتفاق سلام شامل بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ويتماهى مع رغبة حماس في رفض أي حضور مادي للسلطة في غزة، وبذلك قد تواجه الجهودُ المصرية لحل القضية أزمات أخرى حال جرى التوافق على ذلك.

ولفت سمير غطاس لـ”العرب” إلى أن “التحركات المصرية بحاجة إلى المزيد من تحديد الرؤى لنجاح أي مباحثات مستقبلية، وعلى مصر تجاوز فخ ‘السلام الاقتصادي’ الذي تتحدث عنه إسرائيل وتقبل به الولايات المتحدة، ويتعلق بإفساح المجال أمام المكاسب المالية لحماس والضفة الغربية على حساب الحلول السياسية للقضية”.