اخبار الإقليم والعالم
استبعاد جورج قرداحي أولى خطوات فتح المجال للوساطات
خارطة طريق لبنانية لإنهاء الخلاف مع السعودية
أعلن لبنان الخميس عن خارطة طريق للخروج من الأزمة الدبلوماسية مع السعودية دون إعلان تفاصيلها، فيما رجحت مصادر سياسية أن بيروت تعول على الوساطات الدولية والإقليمية في مساعيها.
وتؤكد أوساط خليجية أن استبعاد وزير الإعلام جورج قرداحي، المدعوم من حزب الله، من الكابينة الحكومية هو أولى الخطوات لاستيعاب الخلاف وفتح الباب أمام المساعي الدبلوماسية الإقليمية لرأب الصدع.
ويشير هؤلاء إلى أن استقالة أو إقالة قرداحي المتمسك بالتصعيد ورفض دعوات رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إلى “تغليب المصلحة الوطنية” لن تنهي الأزمة اللبنانية السعودية، لكنها قد توقف الأزمة الدبلوماسية التي قد تتصاعد لتصبح مقاطعة خليجية كاملة للبنان، وما يحمله ذلك من آثار مدمرة على بيروت المثقلة بالأزمات.
وأشارت مصادر خليجية إلى أن معظم الدول التي توسطها لبنان لمعالجة الأزمة مع السعودية، لاسيما الإمارات وقطر والكويت، أكدت أن أي معالجة يجب أن تبدأ أولا باستقالة قرداحي، ليبدأ بعدها أي كلام في المعالجة.
وأكدت سلطنة عمان وقوفها إلى جانب لبنان واستعدادها للمساعدة، فيما أكدت قطر أنها ستبدأ بمسعى وسيزور وزير خارجيتها لبنان قريبا للبحث مع المسؤولين اللبنانيين في ما يمكن أن تقوم به لتطويق الأزمة ومعالجتها.
وحذرت أوساط سياسية من الإصرار على التعاطي مع العاصفة التي تضرب علاقةَ لبنان بدول مجلس التعاون الخليجي على طريقة تهدئة الغضب، وعدم القيام بأيّ خطوة استيعابية بمعزل عن محاولة مقايضتها مسبقا بمعرفة مفعولها لدى هذه الدول.
والخميس قال قرداحي إنه “لن يستقيل وموقفه لن يتغير”، لكنه ربط استقالته من الحكومة بضمان تبدل الموقف الخليجي من لبنان، وهي مقايضة تأتي بعد تجديد كتلة حزب الله النيابية دعمها للوزير، فيما يخشى ميقاتي إقالة الوزير الذي قد تطيح إقالته بحكومته.
وتحذّر هذه الأوساط من ترك حزب الله يقود مسالك هذه الأزمة، راسما خطوطا حمرا أمام إقالة قرداحي أو استقالته، ورافعا سقف المواجهة مع السعودية.
واعتبرت أن استغراق لبنان الرسمي في قياس منسوب التوافق المطلوب حيال أي خطوة بحق وزير الإعلام، عوض بدء تدارك الموقف وإدارة الأزمة بما يتلاءم مع جوهرها المتصل بإحكام حزب الله سيطرته على مفاصل القرار، لن يؤدي إلا إلى المزيد من التعقيدات على هذه الأزمة التي تسير بلبنان إلى العزلة.
وما زال الموقف الأميركي – الفرنسي يعكس رغبة واضحة وشديدة في دعم حكومة رئيس الوزراء ميقاتي، وتجاريه في ذلك سائر دول المجتمع الدولي، إلا أن واشنطن في المقابل متفهّمة جدا للموقف السعودي، وتشارك السعودية النظرة إلى حزب الله الذي يقف خلف كل التوترات الحاصلة في لبنان، ويشكّل العائق الأساس أمام خروج هذا البلد من أزماته الصعبة.
وتوترت العلاقات بين السعودية ولبنان منذ سنوات بسبب تنامي دور جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران، وتقول الرياض إن تصريحات قرداحي دليل على هيمنة الجماعة.
ويرى مراقبون أن أي خارطة طريق لبنانية من أجل تجاوز الأزمة مع السعودية لن تكون ذات معنى، إن لم تستجب للمطلب السعودي الرئيسي بتحجيم نفوذ حزب الله ورفع يده على القرار السيادي اللبناني، وهو أمر استبعده الأربعاء وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب حينما قال “السعودية تملي شروطا مستحيلة من خلال مطالبة الحكومة بالحد من دور حزب الله”.
ويصف هؤلاء الخارطة اللبنانية التي لم تذكر الحكومة اللبنانية تفاصيلها بـ”المتملقة” للرياض، ما لم تستجب لجوهر الأزمة، وهو ما يجعل حظوظها ضئيلة في استرضاء الرياض التي قد تعدل عن القطيعة الدبلوماسية، لكن موقفها من الدعم المالي للبنان لن يتغيّر.
وأنفقت السعودية ودول الخليج العربية الأخرى في ما مضى المليارات من الدولارات مساعدات للبنان، وما زالت تقدم فرص عمل وملاذا للكثير من المغتربين اللبنانيين وعددهم ضخم. لكن هذه الصداقة توترت منذ سنوات نتيجة تنامي نفوذ جماعة حزب الله.
وبذلت الرياض كل ما في وسعها على مدى سنوات مضت لدعم لبنان وحث الفرقاء على منع ارتهانه إلى أيّ جهة خارجية، لكن اللبنانيين ظلوا ينظرون إلى المملكة كجهة مهمتها ضخ الأموال وتحريك الاقتصاد والسياحة دون أيّ التزام سياسي تجاهها، وهو خيار لم يعد يتماشى مع سياسات الرياض الجديدة.
وبدأت الأزمة الدبلوماسية بين لبنان والسعودية على خلفية تصريحات أدلى بها قرداحي سجلت قبل توليه مهامه، وتم بثّها في الخامس والعشرين من أكتوبر، وقال فيها إنّ المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن “يدافعون عن أنفسهم” في وجه “اعتداء خارجي” من السعودية والإمارات.
واستدعت السعودية على الإثر سفيرها لدى بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض، وقرّرت وقف كل الواردات اللبنانية إليها. وقامت البحرين والكويت بالخطوة ذاتها، وقرّرت الإمارات سحب دبلوماسييها ومنع مواطنيها من السفر إلى لبنان.