اخبار الإقليم والعالم
العودة بصلاحيات أكبر
صفقة في الأفق تعيد حمدوك إلى رئاسة الحكومة السودانية
يقترب قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان من إقناع رئيس الوزراء المتنحي عبدالله حمدوك بترؤس الحكومة الجديدة، في خطوة تعتبر بمثابة صفقة تمكّن حمدوك من صلاحيات أكبر وتعطي مشروعية لتصحيح المسار الذي تزعمه قائد الجيش ويصفه خصومه بالانقلاب.
وتحدثت مصادر مختلفة بشأن قبول حمدوك من حيث المبدأ المشاركة في الحكومة الجديدة كرئيس للوزراء، وأن الشروط المعلنة -من نوع إطلاق سراح المعتقلين والعودة إلى الوثيقة الدستورية- لا تعدو أن تكون جزءا من حملة لتهيئة الشارع السوداني لقرار حمدوك بترؤس الحكومة الجديدة من موقع قوة وليس تحت الضغط.
وتجري المفاوضات عبر وسطاء محليين ودوليين، وتتضمن مقترحات الوساطة الجارية منح حمدوك سلطات أكبر مع حكومة جديدة أكثر قبولًا من قبل الجيش، وهو مطلب قد يكون هناك توافق عليه بين الطرفين، لكن المشكلة تكمن في إصرار بعض القوى المدنية على العودة إلى خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها لتقاسم السلطة قبل أي مشاورات تقضي بتشكيل حكومة جديدة.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص للسودان فولكر بيرتيس خلال حديثه لصحافيين سودانيين الأربعاء إن “ملامح الاتفاق تزداد وضوحا”.
وكان بيرتيس قد توقع يوم الاثنين أن تؤتي جهود الوساطة السودانية والدولية ثمارها في الأيام القادمة.
وأكد القيادي في حزب الأمة إبراهيم البدوي أن الأطراف المختلفة مازالت تتمسك بمواقفها ولا بد من تنازلات متبادلة شريطة أن ينسجم ذلك مع هوى الشارع، ما يجعل المباحثات الأممية الآن تدور في فلك توازنات بين القوى المختلفة، والأمر يتطلب ما يمكن توصيفه بـ”الإبداع الدبلوماسي” للوصول إلى حل.
وأفضى احتداد المنافسة على إدارة عدة صراعات في منطقة القرن الأفريقي إلى تدخل قوى دولية مختلفة ترغب في تصدّر المشهد السوداني بعد أن أظهر قادة الجيش قدرة على المراوغة مع كل من الولايات المتحدة وروسيا.
وغابت وساطة الاتحاد الأفريقي عن الأزمة السودانية بالرغم من دوره الفعال في المرحلة الأولى من الانتقال السياسي في البلاد.
وذكرت وسائل إعلام سودانية أن مبعوث الاتحاد الأفريقي للسودان أولسون أبوسانغو وصل إلى الخرطوم الأربعاء لعقد لقاءات مكثفة مع بعض الأطراف بعد قرار الاتحاد تعليق عضوية السودان وإصدار قرار يقضي بإرسال مبعوث يساعد على حل الأزمة.
وأوضح البدوي في تصريح لـ”العرب” أن “الوضع الدقيق الذي يمر به السودان الآن يقود إلى صعوبات جمة تعرقل مسعى الاتحاد الأفريقي للقيام بوساطة مماثلة كالتي قام بها عندما كان هناك توافق مدني – عسكري على ضرورة الشراكة في إدارة المرحلة الانتقالية”.
ويختلف تحرك مفوضية الاتحاد الأفريقي المنوط بها حل النزاعات هذه المرة عن تحركها بعد الإطاحة بنظام عمر البشير؛ فقد قاد مبعوث الاتحاد الأفريقي للسودان محمد حسن ولد لبات في التحرك الأول مفاوضات لمدة ثلاثة أشهر بالمشاركة مع المبعوث الإثيوبي محمود دردير، انتهت بتأسيس شراكة بين المدنيين والعسكريين وتوقيع وثيقة دستورية لإدارة المرحلة الانتقالية.
وطرح تقدم الوساطات الأممية على حساب الاتحاد الأفريقي تساؤلات حول ما يمكن وصفه بـ”اختطاف قرار الاتحاد من جانب بلد المقر (إثيوبيا)”، بما انعكس سلبًا على قدرته على التحرك لحل المشكلات المتفاقمة وعدم لجوء المجتمع الدولي إلى الاتحاد.
وقال الخبير في الشؤون الأفريقية هاني رسلان إن وساطة الاتحاد الأفريقي، إذا تقدمت، لن تكون بنفس الزخم السابق باعتبار أن الظروف السياسية والسياقات الإقليمية مختلفة الآن، “وهذه المرة الدور الأهم لوساطة واشنطن والبعثة الأممية في السودان”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الاتحاد الأفريقي لم يعد يُنظر إليه بالشكل الفاعل الذي كان عليه بسبب أن مقره في إثيوبيا وقد بدا متأثرا برؤية حكومتها الاتحادية، ولم يُفعّل ميثاقه الذي يتيح له التدخل في هذه الحالات، ما يضع أزمة جديدة على كاهله بعد أن بات يتعامل مع الأزمات بمعايير مزدوجة، ويتراجع دوره في السودان لصالح وساطات أخرى”.
ولا تبعد تطورات الأوضاع في إثيوبيا عن موقف الاتحاد الأفريقي من السودان، لأنه سيكون في موقف حرج إذا تحرك بشكل فاعل في السودان دون أن يقوم بالأمر ذاته على مستوى الأزمة الإثيوبية المتفاقمة، وهو ما وجدت فيه دولة جنوب السودان أرضية مناسبة للقيام بدور بديل عن الاتحاد الأفريقي، بالتوازي مع التحرك الأممي.