اخبار الإقليم والعالم

احتقان في شوارع الخرطوم... والعصيان المدني في يومه السابع

وكالات

تتصاعد حدة الاحتقان والغضب في الشارع السوداني جراء استخدام قوات الجيش والأمن الرصاص الحي، ما أدى إلى سقوط 12 قتيلاً وأكثر من 300 جريح من المتظاهرين السلميين، وتواصلت أمس مظاهرات متفرقة في الأحياء السكنية ووضع التروس لإغلاق الشوارع، وذلك بعد يوم من خروج حشود ضخمة من المحتجين إلى الشوارع في العاصمة الخرطوم وعدد من المدن للمطالبة بإنهاء الحكم العسكري واستعادة الحكومة المدنية.

في غضون ذلك، دخل أمس الإضراب العام والعصيان المدني يومه السابع، منذ أن أعلن قائد الجيش في 25 أكتوبر (تشرين الأول) تسلم السلطة وحل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ. وأعلن عدد من النقابات ولجان المقاومة تواصل العصيان المدني والإضراب السياسي الشامل في كل أحياء الخرطوم وعواصم الولايات الأخرى، وتوقف العمل تماماً في جميع المؤسسات الحكومية والبنوك والمصارف لدخول الموظفين والعاملين في العصيان المدني والإضراب عن العمل. وأعلن تجمع المصرفيين السودانيين، الذي يضم كل العاملين في المصارف والبنوك مواصلة الإضراب العام والعصيان المدني، احتجاجاً على استخدام قوات المجلس العسكري القوة والعنف المفرط تجاه المواكب السلمية التي خرجت في الخرطوم وبقية الولايات لمقاومة تولي الجيش للحكم منفرداً. كما دعت لجنة المعلمين ولجنة الأطباء المركزية، أبرز الأجسام المهنية في «تجمع المهنيين السودانيين»، جميع منسوبيها في القطاعين الحكومي والخاص إلى الالتزام الكامل بالإضراب والعصيان المدني حتى العودة إلى التزام الجيش بالوثيقة الدستورية. وكان رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، رفض طلبات متكررة من قادة الجيش بترؤس أي حكومة جديدة، كما رفض أي إجراء يقوض الوثيقة الدستورية واتفاق سلام جوبا، اللذين يمثلان المرجعية الأساسية للفترة الانتقالية.

- وساطات محلية

وأثناء ذلك، تسعى شخصيات وطنية مستقلة في وساطة بين الأطراف لإعادة الأوضاع لما قبل 25 من أكتوبر، تقضي بعودة كل أجهزة السلطة الانتقالية لممارسة مهامها وفقاً للوثيقة الدستورية. ويضع الجيش، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، قيد الإقامة الجبرية بمنزله بضاحية كافوري بالخرطوم بحري، كما منع عدداً من وزراء حكومته من زيارته. ومن جانبها، أعلنت فصائل رئيسية في تحالف «الحرية والتغيير» رفضها التام لأي تفاوض مع الجيش، وطالبت بإبعاده عن الحياة السياسية وعن أي ترتيبات دستورية مقبلة، بل طالب بعضها بتقديم القيادات العسكرية التي «قامت بانقلاب على الوثيقة الدستورية إلى المحاكمة على الجرائم التي ارتكبوها». وطالبت الفصائل بتسليم السلطة فوراً، لرئيس الوزراء الشرعي، عبد الله حمدوك، لمباشرة مهامها في استكمال التحول الديمقراطي في البلاد، ويأتي هذا الموقف التصعيدي الداخلي، في وقت يواجه قادة الجيش ضغوطاً دولية وإقليمية كبيرة للتراجع عن الإجراءات التي أعلنها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان يوم الاثنين الماضي، والتي يعتبرونها تقوض عملية الانتقال وتعيد البلاد للحكم العسكري الشمولي.

وشهدت العاصمة الخرطوم ومدن الولايات، أول من أمس، مظاهرات حاشدة شارك فيها الملايين، تطالب برحيل «الانقلابيين»، خصوصاً القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي»، وكل من شارك في الانقلاب وتقديمهم لمحاكمات فورية، بسبب الانقلاب وما صاحبه من أعمال القتل والعنف والترهيب للمواطنين العزل في مدن السودان المختلفة.

وقال مكتب وزارة الثقافة والإعلام في الحكومة الانتقالية الشرعية، على صفحته الرسمية على «فيسبوك» إن قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح البرهان، يتحمل مسؤولية سلامة وحياة المعتقلين من أعضاء مجلس السيادة والوزراء والقيادات السياسية والناشطين وأعضاء لجان المقاومة، وطالب بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين. ودانت الوزارة بشدة في بيان صحافي أمس «الاغتيالات والعنف تجاه المحتجين السلميين الذين خرجوا للدفاع عن ثورتهم ومكتسباتها منذ صبيحة الانقلاب العسكري وحتى خروج الملايين في 30 من أكتوبر الرافضة لهذا الانقلاب».

وقالت اللجنة في بيان: «تأكدت مصادرنا من ارتقاء روح الشهيد جمال عبد الناصر (22 سنة) إثر تعرضه لطلق ناري في الرأس من قبل ميليشيات المجلس العسكري الانقلابي صبيحة يوم الانقلاب، في مواكب الرفض السلمية بمنطقة بري (شرق الخرطوم)»، وبذلك ترتفع حصيلة القمع الدامي للاحتجاجات إلى 12 قتيلاً منذ الاثنين ونحو 300 جريح، وفق اللجنة.

من جانبها نفت قوات الشرطة السودانية في بيان وقوع قتلى وسط المتظاهرين، واتهمت بعضهم بعدم السلمية وحصب رجال الشرطة بالحجارة. كما أعلنت الشرطة فتح عدد من الجسور عدا جسر النيل الأزرق الرابط بين بحري والخرطوم وجسر النيل الأبيض، الذي يربط مناطق واسعة من أحياء أم درمان بالخرطوم.

- تصعيد في الشارع

وأعلنت لجان المقاومة الشعبية بمدن العاصمة الثلاث، (الخرطوم، بحري وأم درمان) استمرار العصيان المدني وإغلاق كل الشوارع والطرق الرئيسية بالتروس، والحشد والتعبئة السياسية للخطوات المقبلة حتى عودة الحكم المدني. وحذرت لجان المقاومة، وهي فصائل متقدمة في قيادة وتنظيم المظاهرات والاحتجاجات في الشارع، القوى السياسية الثورية من الدخول في «تفاوض أو حوار أو مساومة مع قادة الانقلاب»، كما طالبت بتسليم السلطة كاملة للمدنيين، وإطلاق سراح المعتقلين والقادة المدنيين الذين تحتجزهم القوات العسكرية.

وأكد حزب المؤتمر السوداني، والتجمع الاتحادي، وفصائل رئيسية في قوى «الحرية والتغيير»، في بيانات منفصلة، الرفض التام لأي تفاوض مع قادة الجيش، والشروع فورا في تسليم السلطة لحكومة مدنية خالصة «يقودها رئيس الوزراء الشرعي، عبد الله حمدوك». وطالب «التجمع الاتحادي» بإطلاق سراح جميع المعتقلين فوراً، على رأسهم، رئيس الوزراء وأعضاء حكومته، والقيادات السياسية التي تم اختطافها من قبل قوات الدعم السريع، التي يتزعمها نائب رئيس المجلس العسكري السابق، محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي».

ودعا التجمع كل القوى والكيانات الثورية الرافضة للانقلاب في تحالف عريض يقود ما تبقى من الفترة الانتقالية وفق ميثاق وبرنامج سياسي يتم التوافق عليه في أسرع وقت ممكن. كما رفض حزب المؤتمر السوداني، بقيادة عمر الدقير، أي دعوات للتفاوض مع المكون العسكري، ومباشرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وحكومته مهامها فوراً، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين. وشدد المؤتمر السوداني، على حل جميع الميليشيات المسلحة، والشروع في إعادة هيكلة قوات الشعب المسلحة فوراً، وفق عقيدة وطنية، وعدم الزج بها في العملية السياسية نهائياً. وأكد الحزب على ضرورة إكمال هياكل السلطة الانتقالية في فترة أقصاها شهر وفي مقدمتها المجلس التشريعي الانتقالي. ورغم انقطاع خدمة الإنترنت بشكل كلي وتوقف الاتصالات الهاتفية في معظم أنحاء البلاد، نقل النشطاء لحظة بلحظة بالصور والفيديوهات المظاهرات الحاشدة في مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك وتويتر» في العاصمة الخرطوم، أظهرت بعضها الانتهاكات والعنف المفرط الذي استخدمته القوات النظامية في مواجهة المواكب السلمية.

- تغير المشهد

ومنذ الاثنين الماضي، تغير المشهد تماماً في السودان بعد سنتين من حكم انتقالي وشراكة هشة بين المدنيين والعسكريين. ففي عام 2019، اتفق العسكريون الذين تولوا السلطة بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير إثر حركة احتجاجات شعبية عارمة غير مسبوقة، والمدنيون الذين قادوا تلك الاحتجاجات، على تقاسم السلطة لمرحلة انتقالية مدتها 4 سنوات، يتم في نهايتها تسليم الحكم إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطياً. كما اتفق الطرفان على أن يكون النصف الأول من المرحلة الانتقالية بقيادة المكون العسكري الذي يرأس مجلس السيادة المشترك ثم يتولى المدنية رئاسة المجلس في النصف الثاني من الفترة.

ومع اقتراب موعد تسلم المدنيين للسلطة، أعلن الفريق البرهان فجر يوم الاثنين الماضي، حل مؤسسات الحكم الانتقالي، مطيحاً بشركائه المدنيين من السلطة، وأيضاً بآمال التحول الديمقراطي، رغم أنه أعلن أنه ما زال يتمسك بإجراء انتخابات في نهاية الفترة الانتقالية. لكن المدنيين يتهمونه بالتخطيط لإجراء انتخابات غير نزيهة تنتج عنها «حكومة موالية للجيش وتعمل بإمرته من خلف ستار».

واعتقلت قوات عسكرية القادة المدنيين فجر الاثنين، كما اقتحمت مقر التلفزيون الرسمي الذي أعلن من خلاله البرهان بعد ساعات حل كل المؤسسات السياسية للمرحلة الانتقالية في البلد الذي يعد من بين الأفقر في العالم، بعد 30 عاماً من حكم الرئيس السابق البشير بمعاونة حزبه من جماعة «الإخوان المسلمين»، المتهمة بإفقار البلاد عبر تفشي الفساد ونهب الأموال ودعم الإرهاب، ما دفع الولايات المتحدة إلى فرض حظر اقتصادي على البلاد دام 27 عاماً.

وفور إطاحة البرهان بالمدنيين، بدأ السودانيون «عصياناً مدنياً» وأقاموا متاريس في الشوارع لشل الحركة في البلاد، ما دفع قوات الأمن إلى استخدام الرصاص والغاز المسيل للدموع ضدهم.

ويقول خبراء إن الناشطين أصبحوا أكثر تنظيماً الآن بفضل تجربة 2019، ويحظون بدعم المجتمع الدولي الذي فرض عقوبات على العسكريين بوقف دعم قدره 700 مليون دولار، كما طالب مجلس الأمن الدولي يوم الخميس الماضي، في بيان صدر بإجماع أعضائه، بـ«عودة حكومة انتقالية يديرها مدنيون»، مبدياً «قلقه البالغ حيال الاستيلاء العسكري على السلطة».

فيفا يواصل تجديده المذهل لكأس العالم للأندية


ستة معايير لتشخيص الإدمان


طفرة وشيكة في إمدادات الألومنيوم توقف الارتفاع القياسي للأسعار


المبادرة الأميركية لم تمنع الغارات الإسرائيلية على الضاحية في بيروت