اخبار الإقليم والعالم
أفق التصعيد مسدود
توافقوا واحكموا: وصفة إيران المثالية لأذرعها في العراق
يروج ممثلون عن الإطار التنسيقي الذي يجمع ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس حزب الدعوة الإسلامي نوري المالكي وتحالف الفتح الذي يجمع الميليشيات الموالية لإيران، لحكومة توافقية مع التيار الصدري، مشددين على أنه الخيار الواقعي للخروج من الأزمة التي تبعت إعلان المفوضية العليا للانتخابات عن النتائج الأولية للاستحقاق الذي جرى في العاشر من الشهر الجاري في العراق.
وطرأ في اليومين الأخيرين تغيير على مواقف ممثلي الإطار التنسيقي بخصوص أزمة الانتخابات التشريعية، ما يشي باختراق جرى بين هذا التكتل الشيعي الموالي لإيران والتيار الصدري.
واعتبرت مصادر سياسية عراقية أن التصريحات بشأن الحكومة التوافقية من قبل الإطار التنسيقي تتّسق مع الرغبة الإيرانية ورغبة مرجعية النجف أيضا.
وقالت المصادر في تصريحات لـ"العرب" إن الرسائل الإيرانية مستمرة لتحذير التيار الصدري من تشكيل حكومة تستثني حلفاءها حتى وإن تحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني وتحالف تقدم السني.
وأكدت المصادر لمراسل "العرب" في بغداد أن طهران سبق وأن حذرت عبر مبعوث من قيادة فيلق القدس زار سرا أربيل كلا من البارزاني ومحمد الحلبوسي من التحالف مع الصدر بشأن الانفراد بتشكيل الحكومة.
وترى طهران أن الحكومة التوافقية حل يرضي الجميع وعلى الصدر القبول به والاتفاق سياسيا مع قائمتي دولة القانون والفتح على تشكيل الحكومة.
ولا تشجع مرجعية النجف بزعامة آية الله علي السيستاني بدورها انفراد التيار الصدري بتشكيل الحكومة، وترى أن التوافق مع الكتل الشيعية الأخرى يساعد على استقرار الحكومة.
ولا تستبعد أوساط سياسية حصول مفاوضات خلف الكواليس بين ممثلين عن الإطار التنسيقي والتيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، خصوصا وأن الأخير أبدى مؤخرا رغبة في التعاون مع كل المكونات للتوصل إلى اتفاق.
وتقول الأوساط إن تشكيل حكومة توافقية في حال تحقق سيعني تكريس نظام المحاصصة، وتراجع الصدر عن تعهداته لناخبيه بتحقيق إصلاح سياسي حقيقي، وهذا أمر غير مفاجئ حيث سبق وأن نكث الصدر بتعهداته وانقلب على مواقفه في أكثر من مرة.
وأفرزت نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة عن موعدها ببضعة أشهر فوزا مهما للتيار الصدري بـ73 مقعدا، فيما حلت كتلة تقدم التي يقودها رئيس مجلس النواب المنتهية ولايته محمد الحلبوسي في المرتبة الثانية بـ38 مقعدا، يليها ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بـ34 مقعدا، ثم الحزب الديمقراطي الكردستاني بـ33 مقعدا.
في المقابل تكبد تحالف الفتح المظلة السياسية للميليشيات الشيعية الموالية لإيران هزيمة قاسية حيث حصل على 17 مقعدا بعدما حل في المرتبة الثانية في انتخابات 2018 بـ48 مقعدا.
ولم يقبل التحالف الذي يقوده زعيم منظمة بدر هادي العامري الهزيمة كما العديد من القوى الشيعية الأخرى، وسعى للانقلاب على هذا الواقع عبر التلويح بالشارع والتصعيد الكلامي، بتوجيه اتهامات في كل الاتجاهات بحصول تزوير واسع في الانتخابات.
ويدرك تحالف الفتح أن محاولاته لتغيير هذا الواقع بالضغط على المفوضية العليا للانتخابات أو بحشد الشارع لن تؤتي أكلها، وأن الأفضل هو ترك المجال للحوار مع الضغط باتجاه تحسين وضعه التفاوضي.
وترجح الأوساط السياسية أن تكون طهران لعبت دورا على هذا المستوى، خصوصا وأنها لم تكن راضية عن حالة التخبط والارتباك التي ظهرت على قيادات التحالف بعد إعلان النتائج.
وتقول الأوساط السياسية إن أفضل وصفة بالنسبة إلى تحالف الفتح المدعوم إيرانيا هو حكومة توافقية تبقيه داخل المعادلة السياسية مع الحفاظ على حصصه الحكومية، غير ذلك فإن الوضع ليس لصالحه بما في ذلك التصعيد الذي يهدد به.
ويؤيد قياديون في ائتلاف دولة القانون خيار حكومة توافقية، معتبرين أنه من غير الممكن اختيار رئيس وزراء جديد بدون اتفاق بين الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية.
ولم ينف عضو الائتلاف كاطع الركابي في تصريحات لشبكة “رووداو” الجمعة حصول مفاوضات بين الجانبين لكنه أشار إلى أن "اللقاءات حتى الآن لم تصل إلى مرحلة يكون فيها على مستوى تشكيل الحكومة أو اختيار رئيس للوزراء”، مبينا أن “كل اللقاءات الموجودة هي لقاءات تمهيدية للقاءات قادمة والتي ستكون بعد إعلان نتائج الانتخابات النهائية".
واعتبر الركابي أن "كل ما يطرح من اتفاقات بين المكون الواحد أو مع المكونات في ما بينها ليس ذا مصداقية، وحتى الآن لم ترتق هذه اللقاءات إلى مستوى المفاوضات أبداً، وإنما هي لقاءات تمهيدية حيث أن الجميع بانتظار النتائج وما ستفضي إليه في نهاية المطاف".
وشرعت مفوضية الانتخابات الجمعة في عمليات إعادة العد والفرز اليدوي لعدد من المحطات المطعون فيها الخاصة بمحافظة بغداد، وكانت أنهت عملية العد والفرز اليدوي للصناديق المطعون فيها بمحافظة نينوى وجاءت النتائج مطابقة للعملية الإلكترونية.
ويستبعد أن تفضي عمليات الفرز اليدوي إلى تغيير كبير في نتائج الاستحقاق، وهو ما يبدو أن الإطار التنسيقي ومن خلفه إيران بدآ يتهيآن له من خلال طرح خيار تشكيل حكومة توافق مع التيار الصدري الذي سيكون أمام اختبار حقيقي بين القبول بهذا الخيار الذي يعني تكريس المنظومة الحالية القائمة على الفساد والمحسوبية، أو الانتصار لمطالب ناخبيه بحكومة تتبنى المطالب الإصلاحية، وتنتهج سياسة خارجية منفتحة على الجميع ولا تدور في الفلك الإيراني.
وقال مقتدى الصدر في وقت سابق إن “تياره في حال تولى رئاسة الوزراء سيعمل على أن يكون هناك حوار جاد وفاعل مع الولايات المتحدة في ما يخص بقاء القوات الأميركية في العراق". وشدد على أنه "لا يعارض التعامل مع الولايات المتحدة اقتصاديا أو على أصعدة أخرى"، وهذا أول تصريح يبدي فيه رجل الدين الشيعي رغبة في الانفتاح على واشنطن.
وبخصوص التعامل مع دول الجوار شدد الصدر على أن الدول التي لم تتدخل في شؤون العراق سيسعى لتوطيد العلاقات معها والعمل على إيجاد مشاريع مشتركة على المستويين الاقتصادي والأمني.
ولفت إلى أن "الدول التي تتدخل بوضوح في الشأن العراقي سيتم فتح حوار عالي المستوى معها لمنع هذه التدخلات، وإذا فشلت سيتم اللجوء إلى الطرق الدبلوماسية الدولية المعروفة لمنع ذلك".
وتعهد الصدر بالقيام بإصلاحات هيكلية ضخمة تشمل الزراعة والصناعة والنفط، وأكد على "ضرورة تطبيق القانون".