منوعات
«الصحة العالمية»: ضحايا «كورونا» قد يتضاعفون بنهاية 2022
حذّرت منظمة الصحة العالمية من أن عدد ضحايا جائحة «كوفيد - 19» الذي بات قاب قوسين من تجاوز خمسة ملايين، قد يتضاعف قبل نهاية العام المقبل إذا لم تسارع الدول الغنيّة إلى الوفاء بالالتزامات والوعود التي قطعتها لتوفير اللقاحات والمساعدات التي تحتاج إليها الدول الفقيرة والنامية لتحصين سكانها ضد الفيروس الذي ينذر انتشاره بموجات جديدة في معظم هذه البلدان.
وجاء هذا التحذير على لسان سفير المنظمة للتمويل الصحي العالمي والرئيس الأسبق للحكومة البريطانية غوردون براون، الذي قال: «إن عدم حصول البلدان الفقيرة والنامية على اللقاحات الكافية سوف يؤدي إلى ارتفاع عدد الوفيّات الناجمة عن الإصابة بكوفيد إلى عشرة ملايين قبل نهاية السنة المقبلة، ما سيشكّل فشلاً عالمياً وضرباً لمصالحنا وأمننا جميعاً». وكان المسؤول عن برنامج «كوفاكس» الذي تشرف عليه منظمة الصحة لتوزيع اللقاحات على البلدان النامية، قد نبّه إلى أن البرنامج لن يتمكّن من تحقيق الأهداف الدنيا التي وضعها لنهاية العام الجاري بالنسبة إلى التغطية اللقاحية في هذه البلدان، والتي كانت الدول الغنيّة قد تعهدت بتقديم المساعدات لتحقيقها.
من جهته عاد المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إلى التذكير بأن مستويات التلقيح المتدنية جداً في البلدان النامية تُنذر بعاصفة وبائية في الوقت الذي أطلقت معظم الدول الغنية حملاتها لتوزيع الجرعة الثالثة من اللقاح على السكان. وناشد غيبريسوس هذه الأخيرة مضاعفة الجهود لمساعدة الدول الفقيرة «من منطلق المصلحة الذاتية، اقتصادياً وأمنياً، وكخطوة لا بد منها للسيطرة بشكل كامل على الوباء». في موازاة ذلك نبّه الاتحاد الأوروبي من بروكسل أمس (الجمعة)، إلى أن التباطؤ في بعض حملات التلقيح، أو عدم إنجاز جميع مراحلها، في بعض البلدان الأعضاء في الاتحاد، من شأنه أن يبدّد الجهود اللوجيستية والصحية الكبيرة التي بذلها الأوروبيون مذ بداية العام الجاري لاحتواء الوباء والسيطرة عليه.
وجاء هذا التنبيه من القمة التي عقدها القادة الأوروبيون يومي الخميس والجمعة في العاصمة البلجيكية، حيث تضمّن وثيقة الاستنتاجات النهائية إشارة إلى «ضرورة تكثيف الجهود من أجل تبديد المخاوف والشكوك التي ما زالت تساور كثيرين حول موضوع اللقاحات، والتصدّي للمعلومات المضلّلة بالقرائن العلمية وحملات الإرشاد والتوعية، خصوصاً على منصّات التواصل الاجتماعي التي تنشط عليها الجماعة المناهضة لتناول اللقاح». وتصف الوثيقة الوضع في بعض الدول الأعضاء بأنه «خطير جداً»، وتدعو إلى تعزيز الترصّد والمراقبة إزاء «احتمال ظهور متحورات جديدة للفيروس».
وكان المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها قد ذكّر بأن احتمالات التحوّر الفيروسي مرتبطة بشكل مباشر بوتيرة وعدد الإصابات الجديدة، وأنه رغم عدم خطورة معظم هذه التحورات ليس مستبعداً ظهور متحوّر أشد خطراً يفلت من الحماية المناعية مع تراجع فاعلية اللقاحات. وفي خريطة المشهد الوبائي الأوروبي التي وضعها خبراء المركز أمام القادة الأوروبيين أمس، تظهر بلدان أوروبا الشرقية باللون القاتم الذي يدلّل على مستويات مرتفعة من الإصابات الجديدة بعكس دول الغرب الأوروبي التي تراجعت فيها هذه الإصابات بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة. وتفيد بيانات المركز بأن المعدل التراكمي للإصابات الجديدة خلال 14 يوماً لكل مائة ألف مواطن في كرواتيا والمجر وبلغاريا يقترب من 500، فيما يتجاوز الألف في رومانيا، وثلاثة أضعاف هذا العدد في إستونيا وليتوانيا التي تشهد حالياً إحدى أعنف الموجات الوبائية. وتجدر الإشارة أن هذا المعدّل يتراوح بين 50 و80 إصابة في بلدان أوروبا الغربية والجنوبية.
ورغم أن الوثيقة الأوروبية لا تسمي أياً من البلدان التي يشكّل وضعها الوبائي مصدر قلق بالنسبة للاتحاد، فإن الأنظار كانت موجّهة إلى رومانيا وبلغاريا وليتوانيا حيث لا تزال نسبة التغطية اللقاحية أدنى بكثير من المعدّل الأوروبي الذي تجاوز 70% أواخر الصيف، وبلغ 80% في بعض البلدان مثل إسبانيا وإيطاليا والبرتغال. وكانت المفوضية الأوروبية قد أعلنت أول من أمس (الخميس)، عن إرسال حزمة ضخمة من المساعدات الطبية والصحية إلى رومانيا التي تشهد موجة وبائية قاسية، وتعاني من عجز في الأدوية وأجهزة التنفّس الصناعي ومركّزات الأكسجين. وإلى جانب هذه المساعدات بدأت رومانيا هذا الأسبوع بإرسال مصابين بحالات خطرة إلى مستشفيات مجاورة في المجر، بعد أن استنفدت مستشفياتها قدرتها الاستيعابية. ويُذكر أن بيانات جامعة أكسفورد أفادت يوم الخميس بأن رومانيا حلّت الأسبوع الماضي في المرتبة الثانية عالمياً، بعد سانت فينسنت، في عدد الوفيات الناجمة عن كوفيد مقارنةً بعدد السكان.
وينبّه التقرير الدوري للمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية إلى أن تفاقم المشهد الوبائي ليس مرتبطاً بمعدّل التغطية اللقاحية بقدر ما يتأثر بتخفيف تدابير الوقاية والاحتواء التي خففتها تلك الدول قبل بلوغ الحد الأدنى من التغطية اللقاحية لتخفيفها، مشيراً إلى أن اللقاحات تؤثر بشكل خاص على خفض الحاجة للعلاج في المستشفيات. وتخشى المفوضية الأوروبية أن يؤدي تفاقم المشهد الوبائي في بعض بلدان الاتحاد إلى انتكاس الانطلاقة الاقتصادية التي مهّد لها احتواء الفيروس في البلدان التي سجّلت معدلات عالية من التغطية اللقاحية، ما دفع الدول الأعضاء، أمس، إلى إعطاء إشارة البدء بتخفيف القيود التي كانت قد فرضتها على التنقّل والحركة خلال الموجات الوبائية الأولى.