اخبار الإقليم والعالم
قطر الاستثناء
دعم خليجي للبحرين في تحقيق توازنها المالي يحمل رسائل إلى قطر وإيران
حصلت البحرين على تأكيدات جديدة من جانب السعودية والإمارات والكويت بالاستمرار في دعم برنامج توازنها المالي، وذلك عقب اجتماع لوزراء مالية الدول الأربع.
ويوجه هذا الدعم إشارات مباشرة إلى إيران وقطر بأن البحرين لا تقف وحيدة في مواجهة التهديدات والمساعي الرامية إلى زعزعة استقرارها، ولا في مواجهة احتياجاتها الاقتصادية.
وغابت قطر عن البرنامج الذي يقدم للبحرين شرائح دعم بقيمة 10 مليارات دولار من الدول الثلاث، استمرارا لقطيعة ما تزال تدفع الدوحة لشن حملة دعائية سياسية مكشوفة ضد المنامة في موازاة حملة التهديدات الأمنية المباشرة التي تشنها إيران.
وعلى الرغم من أن “الأمن الخليجي”، في منظور الدول الأعضاء في مجلس التعاون، هو أمن يخص كل دولة من دوله على حدّ سواء، إلا أن معايير الشراكة الأمنية بالنسبة إلى الدوحة يمكنها أن تذهب إلى دعم طهران وأنقرة، ولكنها لا تصل إلى المنامة.
وتواجه البحرين أوضاعا اقتصادية صعبة منذ أن بدأت صادراتها النفطية في التراجع، إلى نحو 100 ألف برميل يوميا، ممّا يوفر عائدات تبلغ نحو 6 مليارات دولار سنويا فقط.
إلا أن برامج الإصلاح الاقتصادي الهادفة إلى توفير التوازن المالي للبحرين كان لا بد وأن تتطلب جهدا تضامنيا من جانب دول المنطقة الأخرى، لاسيما وهي ترى أن إيران لم تكف عن توجيه التهديدات ودعم أعمال الشغب، أملا بزيادة مصاعب المنامة الاقتصادية.
واتخذت الحملة الدعائية، التي انطلقت من الدوحة، من الانتقادات المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان ذريعة لها، للإعلان عن توجه يقبل المغامرة بتعرض أمن البحرين إلى مخاطر يمكن أن تكون جسيمة، وليست من دون ارتدادات خليجية.
وتعود أصول الخلاف بين البلدين إلى نزاع حدودي استمرت المعركة بشأنه لعشر سنوات ابتداء من العام 1991، وأنهته محكمة العدل الدولية في لاهاي في العام 2001، بأن أعطت المحكمة حق السيادة للبحرين على جزر “حوار” فيما أعطت قطر حق السيادة على “الزبارة” وحق مرور سفنها في المياه بين الجزر البحرينية. كما أقرت المحكمة بقاء قطعة “جرادة” تحت سيادة البحرين. ورفضت قطر القرار رغم أنه أصبح ملزما ونهائيا وغير قابل للاستئناف.
ولئن انتهى هذا الفصل القانوني بما كان يفترض أنه تسوية عادلة بين البلدين، فإن الفصل السياسي ظل مستمرا منذ ذلك الوقت حتى الآن. وتتخذ إيران من خيار البحرين إقامة علاقات سلام مع إسرائيل ذريعة جديدة لتوجيه التهديدات.
وقالت الخارجية الإيرانية غداة افتتاح سفارة لإسرائيل في المنامة، في الثلاثين من سبتمبر الماضي، إنها لن تقبل أيّ وجود إسرائيلي على حدودها. بينما توعد الحرس الثوري الإيراني البحرين بـ”انتقام قاسٍ من قبل المجاهدين الساعين لتحرير القدس ومن شعب هذا البلد المسلم الشامخ”.
وتعد البحرين مقرا للأسطول البحري الأميركي الخامس، وهو ما يبدو وكأنه شوكة في خاصرة إيران، لاسيما وأن هذا الوجود يشكل عائقا أمام اعتداءات الزوارق البحرية الإيرانية.
والهدف الأساسي من وجود “برنامج التوازن المالي للبحرين”، الذي تدعمه السعودية والإمارات والكويت، هو توفير جسر مالي يسمح للمنامة بأن تحقق توازنا بين الإيرادات والمصروفات الحكومية وترشيد الإنفاق من دون أن يتأثر الإنفاق على جوانب الرعاية الاجتماعية والخدمات الأساسية. وهو برنامج من المتوقع أن يحقق الهدف منه في العام 2024.
وحققت البحرين تقدما ملموسا عندما أعلنت في أغسطس الماضي أن عجز موازنة الحكومة بلغ 1.38 مليار دولار في النصف الأول من 2021 بانخفاض 35 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
إلا أن الطبيعة التضامنية ظلت هي الوجه الأهم من البرنامج. ويقول مراقبون إن تخلف الدوحة عن دعم هذا البرنامج ضار بها سياسيا ومعنويا أكثر مما هو ضار بالمنامة ماديا. أما إيران فإن تهديداتها أصبحت جزءا من طبيعة الواقع الذي يجري التعايش معه منذ عدة عقود.