منوعات
صحة
الأنظمة الغذائية قليلة اللحوم تقلّص الإصابة بالسرطان
أثبتت الدراسة العلمية أن الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يصيب بسرطان القولون والمستقيم، في حين أن الأنظمة الغذائية النباتية يمكن أن يكون لها العديد من الفوائد الصحية. وأوصت الخدمة الوطنية للصحة البريطانية الأشخاص الذين يأكلون أكثر من 90 غراما من اللحوم الحمراء واللحوم المعالجة يوميا بتخفيض الكمية إلى 70 غراما أو أقل.
لندن ـ أظهرت مجموعة كبيرة من الأبحاث أن الأنظمة الغذائية النباتية يمكن أن يكون لها العديد من الفوائد الصحية، بما في ذلك تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل مرض السكري النوع 2 وأمراض القلب. واقترحت دراستان كبيرتان أن الأنظمة الغذائية النباتية قد تكون مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالسرطان بشكل عام.
وأظهرت أبحاث محدودة ما إذا كانت هذه الأنظمة الغذائية يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان. وهذا ما تهدف دراسة كودي واتلينغ باحث دكتوراه من وحدة وبائيات السرطان، وأورورا بيريز-كورناجو كبير علماء الأوبئة التغذوية، وتيم كي أستاذ علم الأوبئة من جامعة أكسفورد، إلى الكشف عنه.
ووجد الباحثون أن تناول كميات أقل من اللحوم يقلل من خطر إصابة الشخص بالسرطان، حتى أكثر أنواعها شيوعا.
كما أشارت دراسة حديثة إلى ارتباط الطفرات الجينية، التي تشير إلى تلف الحمض النووي، بزيادة استهلاك اللحوم الحمراء وزيادة الوفيات المرتبطة بالسرطان لدى مرضى سرطان القولون والمستقيم.
وأظهرت الدراسة وجود ارتباط جزيئي مباشر بين اللحوم الحمراء وسرطان القولون.
الأشخاص الذين يتناولون اللحوم بشكل منخفض لديهم خطر أقل بنسبة 9 في المئة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم
وشرحت الدراسة الآلية التي تسمى “الألكلة”، وهي شكل من أشكال تلف الحمض النووي. وبيّنت أن هذا الارتباط أكثر مع سرطانات القولون والمستقيم التي بها نوع معين من الطفرات.
ولتحديد التغيرات الجينية المرتبطة بتناول اللحوم الحمراء، قام الباحث ماريوس جياناكيس دكتوراه في الطب وأستاذ مساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد وزملاؤه، بتحليل تسلسل الحمض النووي من أنسجة أورام طبيعية وأورام القولون والمستقيم المتطابقة من 900 مريض بسرطان القولون والمستقيم.
وكشف تحليل بيانات تسلسل الحمض النووي عن وجود العديد من الطفرات في أنسجة القولون الطبيعية والسرطانية، بما في ذلك الألكلة. وارتبطت الألكلة ارتباطا وثيقا مع تناول اللحوم الحمراء المصنعة أو غير المصنعة، ولكن ليس مع تناول الدواجن أو الأسماك أو مع عوامل نمط الحياة الأخرى.
وقال جياناكيس إن تناول اللحوم الحمراء يفرز مركّبات كيمياوية يمكن أن تسبب الألكلة، وهذه المركّبات ناجمة عن الحديد الموجود بكثرة في اللحوم الحمراء أو من النترات الموجودة غالبا في اللحوم المصنعة، وفقا لتصريح لوكالة الصحافة الفرنسية.
وفي دراسة كودي واتلينغ، أجرى الباحثون تحليلا واسع النطاق للنظام الغذائي ومخاطر الإصابة بالسرطان باستخدام بيانات من دراسة البنك الحيوي في المملكة المتحدة (قاعدة بيانات للمعلومات الوراثية والصحية التفصيلية لما يقرب من 500 ألف بريطاني).
وعندما تم تجنيد المشاركين أكملوا استبيانات حول نظامهم الغذائي، بما في ذلك عدد المرات التي تناولوا فيها أطعمة مثل اللحوم والأسماك. وتتبع الباحثون المشاركين لمدة 11 عاما باستخدام سجلاتهم الطبية لفهم كيف تغيرت صحتهم خلال هذا الوقت.
ثم صُنّف المشاركون إلى أربع مجموعات حسب نظامهم الغذائي. وكان حوالي 53 في المئة من أكلة اللحوم بانتظام (بمعنى أنهم كانوا يأكلون اللحوم أكثر من خمس مرات في الأسبوع). وكان 44 في المئة من المشاركين من ذوي الأكل المنخفض للحوم (يأكلون اللحوم خمس مرات أو أقل في الأسبوع).
وبالمقارنة مع من يأكلون اللحوم بانتظام، وجد الباحثون أن خطر الإصابة بأي نوع من السرطان كان أقل بنسبة 2 في المئة لمن يتناولون اللحوم بشكل منخفض، و10 في المئة أقل لدى الأشخاص الذين يتناولون اللحوم، و14 في المئة لدى النباتيين.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يتناولون اللحوم بشكل منخفض لديهم خطر أقل بنسبة 9 في المئة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم مقارنة بمن يتناولون اللحوم بانتظام. وأظهرت الأبحاث السابقة أيضا أن تناول كميات أكبر من اللحوم المصنعة على وجه الخصوص يرتبط بارتفاع مخاطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.
ووجد الباحثون أيضا أن النباتيين لديهم مخاطر أقل للإصابة بسرطان القولون والمستقيم، ولكن هذا لم يكن مهما من الناحية الإحصائية.
كما أن النباتيين لديهم مخاطر أقل للإصابة بسرطان البروستات. ولكن ليس من الواضح ما إذا كان هذا بسبب النظام الغذائي، أو ما إذا كان بسبب عوامل أخرى، مثل ما إذا كان الشخص يسعى إلى فحص السرطان أم لا.
ونظرا لأن الدراسة كانت قائمة على الملاحظة، فهذا يعني أننا لا نستطيع أن نعرف على وجه اليقين ما إذا كانت الروابط التي رأيناها ناجمة مباشرة عن النظام الغذائي، أو إذا كانت بسبب عوامل أخرى.
وعلى الرغم من تعديل النتائج بعناية لمراعاة الأسباب المهمة الأخرى للسرطان، مثل التدخين واستهلاك الكحول، لا يزال من الممكن أن تكون العوامل الأخرى قد أثرت على النتائج.
ومن المهم ملاحظة أن التخلص من اللحوم ببساطة لا يجعل بالضرورة النظام الغذائي أكثر صحة. على سبيل المثال، قد يستمر بعض الأشخاص الذين يتبعون نظاما غذائيا نباتيا في تناول كميات قليلة من الفاكهة والخضروات وكميات كبيرة من الأطعمة المكررة والمعالجة، ما قد يؤدي إلى تدهور الصحة.
ويبدو أن معظم الأدلة التي تظهر ارتباطا بين انخفاض مخاطر الإصابة بالسرطان والأنظمة الغذائية النباتية تشير أيضا إلى أن زيادة استهلاك الخضار والفواكه والحبوب الكاملة قد يفسر هذا الخطر المنخفض.
وأوردت خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا توصية صريحة واضحة، إذ في صفحتها عن “اللحوم الحمراء وخطر الإصابة بسرطان الأمعاء”، تقول إن تناول الكثير من اللحوم الحمراء واللحوم المعالجة يزيد من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء (سرطان القولون وسرطان المستقيم).
ولهذا السبب يُوصى الأشخاص الذين يأكلون أكثر من 90 غراما (الوزن مطبوخ) من اللحوم الحمراء واللحوم المعالجة يوميا بتخفيض الكمية إلى 70 غراما أو أقل، وتقول إن ذلك قد يساعد على تقليل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء