تقارير وحوارات
شرعية بلا بوصلة.. كيف تصنع قرارات «الرئاسي اليمني» صراعات عبثية؟
حين تنقلب القرارات من أدوات لإدارة المعركة إلى عوامل لإرباكها، تدخل الشرعية اليمنية «أخطر» مراحلها.
فخطوات مجلس القيادة الرئاسي الأخيرة، التي اتُّهمت بالانفراد والتفرد، لم تعزز موقع الشرعية في مواجهة الحوثي، بل زجّت بها في صراعات جانبية عبثية، مسّت جوهر الشراكة السياسية، ونسفت التوافق الذي تشكّل عليه المجلس، محوِّلة الخلافات الداخلية إلى معارك مفتوحة داخل المعسكر نفسه.
وانتفض 4 أعضاء بمجلس القيادة الرئاسي اليمني، ضد الإجراءات والقرارات «الانفرادية»، التي اتخذها رئيس المجلس رشاد العليمي.
ففي بيان مشترك صادر عن أعضاء مجلس القيادة الرئاسي (اللواء عيدروس الزُبيدي – اللواء أبو زرعة المحرمي – اللواء فرج البحسني – الفريق طارق صالح)، أكدوا «عدم قانونية الإجراءات المتخذة؛ وإن ما صدر عن رئيس مجلس القيادة يُعد مخالفة صريحة لإعلان نقل السلطة، الذي نص بوضوح على أن مجلس القيادة الرئاسي هيئة جماعية، تُتخذ قراراتها بالتوافق، أو بالأغلبية عند تعذر التوافق، ولا يجيز بأي حال التفرد باتخاذ قرارات سيادية أو عسكرية أو سياسية مصيرية».
وشملت القرارات الانفرادية التي اتخذها الرئاسي اليمني: «إعلان حالة الطوارئ، وإطلاق توصيفات سياسية وأمنية خطيرة، وصولًا إلى الادعاء بإخراج دولة الإمارات من تحالف دعم الشرعية ومن الأراضي اليمنية»، بحسب البيان.
فهل تزج القرارت بـ«الشرعية» في صراعات عبثية؟
يقول حسن بوزيدان المحلل السياسي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن المجلس الرئاسي أدخل الملف اليمني في منحنى آخر بعيدًا عن المنحنى الأساسي الذي تداعت له كافة القوى الموجودة المسيطرة على أرض الواقع في معارك أصبحت ليس لها معنى.
وأوضح المحلل السياسي، أن «الرئاسي اليمني» هاجم المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يعد طرفاً بالغ الأهمية في الخارطة السياسية اليمنية ككل؛ لأنه يمتلك البعد أولاً الجغرافي والعسكري الذي قاتل رفقة تحالف دعم الشرعية، وحرر عددا كبيرا جداً من الأراضي التي كانت في يوم ما تحت سيطرة الحوثيين.
إلا أن خطوة المجلس الرئاسي أصبحت تسير وفق آلية ليست معروفة وآلية فيها نوع من الارتباك والذي سينعكس بالضرورة على القضايا ذات الأهمية وأهمها مشكلة الانقلابيين الحوثيين بصنعاء، بحسب المحلل السياسي اليمني.
حروب عبثية
ويضيف بوزيدان، أن دور مجلس القيادة الرئاسي أصبح الآن «مجيراً بشكل أو بآخر ضد الأركان الوطنية التي هي موجودة على أرض الواقع، في خطوة ارتجالية خطيرة جداً ستقوم بتحوير هذه القضية الأساسية التي قام من أجلها أو شُكّل لأجلها مجلس القيادة الرئاسي».
في السياق نفسه، اعتبر سيلان حنش العولقي الكاتب السياسي اليمني، خطوة رشاد العليمي «الانفرادية تزج باليمن بشكل عام والمنطقة في حروب عبثية لا يدرك تبعاتها»، مشيرًا إلى أن «هذه الخطوة كانت تجسيدًا لعقلية غير مسؤولة ومتهورة وغير محسوبة العواقب».
وأوضح الكاتب السياسي اليمني، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن هذه الخطوة ستؤدي إلى توسع الصراع بين الأطراف في داخل الشرعية، وستوسع فجوة الخلافات والتباينات التي كان ينبغي حلها بالتوافق والحوار.
«لكن خطوة الرئاسي كانت متوقعة، لكون رشاد العليمي يرغب في إذكاء الصراع في الجنوب، وإحداث فجوة بين دول التحالف»، يقول العولقي.
مغامرة بدون حسابات
بدوره، اعتبر صالح علي الدويل باراس الخبير والمحلل السياسي اليمني، أن قرارات العليمي، بمثابة «مغامرة بدون حسابات.. مغامرة تخدم أعداء اليمن شمالا وجنوبا بشكل عام»، مستائلا: لمصلحة من فتح جبهة في الجنوب واستعداء الإمارات وهي إحدى الدول المسؤولة عن ملف الأزمة من يومها الأول وشاركت في كل شيء: المال السلاح والدم.
وشن هجومًا على المجلس الرئاسي، قائلا: هذا الاستعداء لا تفسير له وأهدافه غير واضحة، إلا أنه صدر عن حسابات ذاتية أو أنه بإيعاز.
وأشار إلى أن العليمي، ظن، أن الخطوة قد تعزز موقفه مع بعص أعضاء المجلس، لكنها ستزيد من تعقيدات الوضع في اليمن ولن تجعل الجنوبيين يتنازلون عن حقهم، بل ستزيد من إضعاف موقف الشرعية وهو ضعيف لعوامل ذاتية وموضوعية فيه، وتفيد الحوثيين وإرهاب القاعدة، وإرهاب الإخوان، فيما ستقوّض اي جهود دولية لتحقيق حل سياسي.