اخبار الإقليم والعالم
4 جبهات قد «تقوض» العلاقات الأمريكية–الصينية في 2026
تدخل العلاقات الصينية–الأمريكية عام 2026 وهي معلقة بين هدنة هشة وتصعيد مؤجل، أشبه بوقف إطلاق نار لا يبدد أسباب التوتر بقدر ما يؤجل انفجاره.
فخلف الابتسامات الدبلوماسية وخطابات «الاستقرار»، تتراكم ملفات شديدة الحساسية: تجارة تُدار بمنطق الضغط، وسلاسل إمداد قابلة للاختناق، وتايوان تقف على حافة الاشتعال، وقوة عسكرية صينية تتقدم بثبات في قلب المجال الحيوي الأمريكي.
إلا أن الرسالة الصادرة من الكابيتول هيل، من الحزبين معًا، واضحة: استعدّوا لعودة العلاقات الأمريكية مع الصين إلى دوّامة التصعيد مجددًا مع بداية العام الجديد.
فالهدنة التجارية لمدة عام، التي جرى التوصل إليها في أكتوبر/تشرين الأول بين الرئيس دونالد ترامب والزعيم الصيني شي جين بينغ، تبدو بالفعل «هشّة»، فيما يستعد المشرّعون لاستئناف الاشتباكات حول التجارة وتايوان والاختراقات السيبرانية عند عودتهم في يناير/كانون الثاني المقبل، بحسب صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية.
وقال النائب غريغ ستانتون (ديمقراطي – أريزونا)، عضو لجنة مجلس النواب المختارة المعنية بالصين، في مقابلة: «الأمر أشبه بنزال للوزن الثقيل؛ نحن في الفترة القصيرة الفاصلة بين الجولتين، لكن على الطرفين الاستعداد لما سيأتي بعد الهدنة».
وتحدّثت «بوليتيكو» إلى أكثر من 25 مشرّعًا، بينهم أعضاء في لجنة الصين المختارة بمجلس النواب، واللجنة الفرعية لشرق آسيا في لجنة الشؤون الخارجية، ولجنة الكونغرس التنفيذية المعنية بالصين، لمعرفة آرائهم بشأن متانة الاتفاق التجاري. وحذّر جمهوريون وديمقراطيون على حد سواء من اضطرابات مقبلة.
وقال أكثر من 20 مشرّعًا إنهم يشككون في أن يفي شي بتعهدات رئيسية قالت إدارة البيت الأبيض إنه قطعها في أكتوبر/تشرين الأول، ومنها تقليص تدفّق المواد الكيميائية الأولية إلى المكسيك التي تعالجها عصابات المخدرات لإنتاج الفنتانيل، وشراء الكميات المتفق عليها من المنتجات الزراعية الأمريكية.
يأتي هذا التشاؤم رغم تراجع حدّة التوترات الأمريكية–الصينية منذ لقاء ترامب–شي في كوريا الجنوبية.
إلا أن البيت الأبيض، كان أكثر تفاؤلًا بشأن آفاق العلاقات التجارية الأمريكية–الصينية، فقال في بيان: «العلاقة الوثيقة بين الرئيس ترامب والرئيس شي تساعد على ضمان أن يواصل البلدان البناء على التقدم المحرز وحل القضايا العالقة»، مضيفًا أن الإدارة «تواصل مراقبة امتثال الصين لاتفاقنا التجاري». وامتنع عن التعليق على صفقة «تيك توك».
ومع ذلك، حدّد المشرّعون الذين تحدثت إليهم «بوليتيكو» أربع قضايا قد تطيح بالعلاقات الأمريكية–الصينية في العام الجديد:
فول الصويا.. قنبلة موقوتة
اعتماد مزارعي فول الصويا الأمريكيين على السوق الصينية يمنح بكين سلاحًا تجاريًا قويًا غير جمركي — ولا يبدو أن الصين تفي بوعودها باستئناف الشراء.
بدأ الخلاف في مايو/أيار عندما أوقفت الصين مشترياتها، ما أثار شبح الانهيار المالي في ولايات زراعية تشمل إلينوي وآيوا ومينيسوتا ونبراسكا وإنديانا — وهي دوائر انتخابية رئيسية للحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي المقبلة.
وقال البيت الأبيض الشهر الماضي إن شي تعهّد بشراء 12 مليون طن متري من فول الصويا الأمريكي في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، لكن حتى الآن لم تشترِ بكين سوى جزء ضئيل من الإجمالي المتفق عليه، بحسب تقرير لـ«إن بي سي».
يأتي هذا الاختبار في 28 فبراير/شباط — الموعد النهائي الجديد لشراء 12 مليون طن متري، الذي أعلنه وزير الخزانة سكوت بيسنت هذا الشهر.
ورفضت السفارة الصينية في واشنطن التعليق على ما إذا كانت بكين ستلتزم بهذا الموعد. وقال البيت الأبيض إن من بين جوانب الاتفاق التجاري التي يراقبها مسألة مشتريات فول الصويا خلال هذا الموسم.
تايوان.. صندوق الاشتعال
تهديدات بكين بـ«غزو تايوان»، تمثل نقطة اشتعال محتملة قريبة، حتى وإن لم تُعطِ الولايات المتحدة هذه القضية أولوية في استراتيجيتها للأمن القومي أو في محادثات شي–ترامب، بحسب «بوليتيكو».
وزادت الصين استعداداتها لعملية عسكرية محتملة في تايوان هذا العام. ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عرض الجيش الصيني نظام عبارات عسكرية جديدًا يعالج بعض تحديات الإنزال على شواطئ الجزيرة عبر نشر جسر يتيح لسفن الشحن تفريغ الدبابات أو الشاحنات مباشرة إلى الساحل.
وقال النائب رو خانا (ديمقراطي – كاليفورنيا)، الذي شارك في وفد برلماني ثنائي الحزب إلى الصين في سبتمبر/أيلول وعاد داعيًا إلى تحسين قنوات الاتصال بين الجيشين الأمريكي والصيني: «الصين تشدّ الخناق حول الجزيرة».
ويمتد بعض التوتر حول تايوان إلى الإقليم الأوسع، مع سعي بكين لتوسيع مدى قوتها العسكرية ونفوذها. فقد قامت مقاتلات صينية هذا الشهر بقفل الرادار — تمهيدًا محتملًا لإطلاق النار — على طائرات يابانية في بحر الصين الشرقي.
وتتبع الولايات المتحدة منذ عقود سياسة «الغموض الاستراتيجي» التي ترفض فيها تحديد كيفية ردها على أي خطوة صينية باتجاه تايوان. وقد التزم ترامب بهذه السياسة أيضًا. وقال في مقابلة مع برنامج «60 دقيقة» في نوفمبر: «ستعرفون إذا حدث ذلك».
قيود تصدير جديدة
خفّفت بكين قيود تصديرها على العناصر الأرضية النادرة — وهي معادن أساسية للاستخدامات المدنية والعسكرية — لكنها قد تعيد فرضها في أي وقت.
وقال عشرة من أصل 25 مشرّعًا تحدثوا إلى «بوليتيكو» إنهم يشتبهون في أن بكين ستعيد فرض تلك القيود كنقطة ضغط مناسبة خلال الأشهر المقبلة.
النائب أندريه كارسون (ديمقراطي – إنديانا)، أضاف: «في صميم الشرخ في الهدنة تكمن قدرة الصين على فرض قيود تصدير، لا سيما قبضتها الخانقة على الإمدادات العالمية من العناصر الأرضية النادرة والمعادن الحرجة الأخرى».
ويخشى آخرون أن توسّع الصين ضوابط التصدير إلى فئة منتجات أخرى تهيمن عليها سوقيًا — وهي الأدوية. إذ توفّر بكين 80% من إمدادات الولايات المتحدة من المكوّنات الدوائية الفعّالة، وهي أساس أدوية شائعة لعلاج كل شيء من ارتفاع ضغط الدم إلى السكري من النوع الثاني.
وقال النائب ناثانيال موران (جمهوري – تكساس): «بين ليلة وضحاها، يمكن للصين أن تغلق الصنبور، وتختفي كثيرًا من الأدوية الأساسية، بما فيها أشياء مثل الأسبرين، من سلسلة الإمداد في الولايات المتحدة».
وقد استأنفت الصين تصدير العناصر الأرضية النادرة في وقت سابق هذا الشهر، وتعهدت وزارة التجارة بـ«الموافقة في الوقت المناسب» على هذه الصادرات بموجب نظام ترخيص جديد، بحسب وسائل إعلام رسمية.
ولم تُشر بكين إلى نيتها تقييد تصدير الأدوية أو مكوناتها كسلاح تجاري. لكن لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأميركية–الصينية حثّت إدارة الغذاء والدواء على تقليص اعتماد الولايات المتحدة على المصادر الصينية للأدوية في تقريرها السنوي الشهر الماضي.
تصاعد القوة العسكرية الصينية
قد يؤدي سعي الصين لتطوير جيش عالمي المستوى قادر على تحدي الهيمنة الأمريكية التقليدية في المحيطين الهندي والهادئ إلى تقويض العلاقات بين واشنطن وبكين في 2026.
فالأسطول البحري الصيني المتنامي — الذي يضم أكثر من 200 سفينة حربية، وهو الأكبر في العالم — يساعد بكين على استعراض قوتها في أرجاء المنطقة.
وكان محور هذا الجهد في 2025 إضافة حاملة الطائرات الثالثة «فوجيان»، التي دخلت الخدمة الشهر الماضي. وتبلغ «فوجيان» نحو ثلثي حجم حاملة الطائرات الأميركية «جيرالد آر. فورد»، لكنها — مثل «فورد» — مزودة بمقاليع كهرومغناطيسية متطورة لإطلاق مقاتلات J-35 وJ-15T.
وترى إدارة ترامب في ذلك تهديدًا. إذ تسعى الولايات المتحدة إلى تحصين الحلفاء والشركاء في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ضد احتمال «عدوان عسكري صيني مستدام وناجح» مدفوع بـ«حشد عسكري تاريخي» لبكين، وفق ما قاله وزير الدفاع بيت هيغسيث هذا الشهر في منتدى ريغان الوطني للدفاع.
وقال خمسة مشرّعين إنهم يرون أن البصمة العسكرية الإقليمية الصينية المتزايدة لا تنسجم مع جهود الولايات المتحدة للحفاظ على علاقة مستقرة مع بكين في الأشهر المقبلة.
وقال موران: «نعلم أن الهدف الطويل الأمد للصين هو الهيمنة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية حول العالم، وهم يرون الولايات المتحدة خصمًا».