اخبار الإقليم والعالم
«إم 23» والانسحاب من أوفيرا الكونغولية.. إعلان مؤجل أم «عهد مفخخ»؟
أعلنت حركة "إم 23" عزمها الانسحاب من ثاني أكبر مدن جنوب كيفو الكونغولي لكن دون جدول زمني محدد، في خطوة يخشى مراقبون أن تكون «عهدا مفخخا».
وفي بيان صدر أمس الثلاثاء، أعلن كورناي نانغا، رئيس الجناح السياسي لحركة «إم 23» المسلحة في الشرق الكونغولي، أن الحركة "ستسحب قواتها من جانب واحد من أوفيرا، بناء على طلب الوساطة الأمريكية".
وبدا الغموض مهيمنا على إعلان يكتنفه الغموض ما أثار العديد من التساؤلات، من بينها ما هو الجدول الزمني للانسحاب؟ ما هو نطاقه؟ وبأي "قوة محايدة" ستراقب وقف إطلاق النار؟
فمع أن الحركة المتمردة أبدت رغبتها في "إعطاء عملية الدوحة للسلام كل فرصة ممكنة" وتقول إنها تستجيب لطلب من الوسيط الأمريكي، تبقى العديد من التساؤلات قائمة بشأن تنفيذ قرارها.
ويتعلق الأمر بالخصوص بالجدول الزمني الدقيق لهذا الانسحاب: حيث لم تُقدم الجماعة أي جدول زمني، ومن الجدير بالذكر أن مقاتليها كانوا لا يزالون متواجدين في شوارع أوفيرا حتى أمس الثلاثاء وفق ما رصده مراسلو إذاعة «آر أف آي» الفرنسية.
وعلاوة على ذلك، لم تُقدم الجماعة أي مؤشر واضح على مدى انسحابها: فقد تحدثت عن الانسحاب من مدينة أوفيرا فقط، دون الإشارة إلى إقليم أوفيرا، وهو كيان إداري أكبر بكثير.
وإذا اقتصر انسحابها على مدينة أوفيرا فقط، فستحتفظ بالتالي بجزء كبير من المكاسب الإقليمية التي حققتها في الأيام الأخيرة، وتحديدا في لوفونجي، التي لطالما كانت نقطة استراتيجية للقوات المسلحة الكونغولية بالمنطقة، بالإضافة إلى سانجي شمالا، وماكوبولا ومبوكو جنوبا.
إعلان ضبابي
في تعقيبه على الموضوع، تساءل خوسيه كايي، وهو عضو في المجتمع المدني بجنوب كيفو، قائلا: «ستنسحب حركة إم 23 من أوفيرا، ولكن إلى أي مدى؟ هل ستصل إلى كامانيولا؟ أم إلى بوكافو؟ لا نعلم على وجه الدقة».
وتابع كايي، في تصريحه للإذاعة الفرنسية: «علاوة على ذلك، فإن هذا القرار مشروط بنزع السلاح من المنطقة: هل يعني هذا أن الدولة الكونغولية ستستعيد السيطرة دون ترسيخ سلطتها؟ هذا مستحيل: سترغب الحكومة الكونغولية حتما في نشر قواتها العسكرية والأمنية لحماية السكان المدنيين».
وأضاف: «يمكننا بالتأكيد الدعوة إلى إنشاء قوة محايدة، ولكن من هو المحايد في السياق الحالي؟».
وبموجب عدة شروط تعتبرها الحركة ضمانات أمنية، فإن انسحابها من أوفيرا سيعتمد الآن على كيفية قيام ضامني اتفاقية السلام الموقعة بين الكونغو الديمقراطية ورواندا في واشنطن بتطوير آلياتها الملموسة بالتعاون مع الأطراف المعنية.
وعند سؤالها عن الموضوع في كينشاسا، أشارت السفيرة الأمريكية، لوسي تاميلين، إلى أن أعلى السلطات الأمريكية أُطلعت على القضية.
وتابعت: "سنواصل الحوار مع جميع الأطراف، ونؤكد على أهمية العودة إلى إطار المفاوضات القائم".
ويتضمن هذا الإطار آليتين: أولا، آلية التنسيق الأمني المشتركة، ذات التركيز العملياتي بين الكونغو الديمقراطية ورواندا؛ وثانيا، لجنة المراقبة المشتركة، التي تتلقى الدعم من الولايات المتحدة وقطر والاتحاد الأفريقي، وتتمثل مهمتها في مراقبة التنفيذ الشامل للاتفاقية، ودراسة الشكاوى، وتسوية النزاعات.
«لا أدلة موثوقة»
أعلنت الولايات المتحدة الأربعاء أنها لم تجد "أدلة موثوقة" على أن الحركة المتمردة تعتزم الانسحاب من مدينة أوفيرا الإستراتيجية، ودعت رواندا إلى وقف دعمها لها.
وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية لوكالة فرانس برس «لم نرَ أي دليل موثوق يشير إلى أن حركة 23 مارس (إم23) تتخذ خطوات للانسحاب من أوفيرا والمناطق المحيطة بها».
والأسبوع الماضي، سيطرت حركة «إم 23» على مدينة أوفيرا، ما مكنها من بسط سيطرتها على الحدود البرية مع بوروندي، الحليف العسكري للكونغو الديمقراطية.
وتابع المتحدث «لا تزال الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء العنف المستمر في الشرق الكونغولي والذي يتسبب في نزوح السكان ويلحق معاناة بعدد لا يحصى من العائلات».
وأضاف «يجب على رواندا التي لا تزال تدعم حركة إم 23 أن تنهي هذا الدعم وتنسحب بسرعة من شرق الكونغو الديمقراطية، وفق أحكام اتفاقات واشنطن»، في إشارة إلى اتفاق السلام المبرم بين كينشاسا وكيغالي برعاية الرئيس دونالد ترامب.
ولم تعترف رواندا رسميا بدعمها لحركة «إم 23»، لكن واشنطن اتهمتها بشكل مباشر بعد الهجوم على أوفيرا.
وكان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تعهد السبت الرد على «الانتهاك الواضح» لحركة «إم 23» لاتفاق السلام، وفي الأمم المتحدة، اتهم السفير الأمريكي رواندا "بجر المنطقة إلى حرب".
وعانت منطقة الشرق الكونغولي، الغنية بالموارد الطبيعية والمتاخمة لرواندا، من النزاعات المسلحة لثلاثة عقود، لكن الوضع ازداد سوءا مع حمل حركة «إم 23» السلاح مجددا عام 2021.