اخبار الإقليم والعالم

قوات فرنسية في بنين.. إنقاذ حليف أم إعلان نفوذ؟

وكالة أنباء حضرموت

البعض يرى في تدخل فرنسا العسكري في بنين خطوة ضرورية لإنقاذ حليف، فيما يعتقد آخرون أنه حركة رمزية لإعلان وجود لم يندثر في غرب أفريقيا.

قراءات متباينة للتدخل الفرنسي لإنقاذ نظام باتريس تالون بالبلد الأفريقي من محاولة انقلاب كادت أن تطيح بحكمه في منطقة باتت تحكم معظم دولها أنظمة عسكرية منبثقة عن انقلابات.

ونجحت بنين، في 7 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، في إحباط محاولة انقلاب وذلك بفضل دعم عسكري قدمته نيجيريا تحت مظلة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس).

ولم يذكر على الفور لفرنسا أي دور في إحباط الانقلاب، باستثناء مصدر من البلد الأفريقي تحدث لإذاعة فرنسا الدولية (آر إف آي)، قائلا إنه إذا كان التدخل ضد مدبري الانقلاب سريعا وفعالا، فإن ذلك يعود أيضا إلى مساهمة فرنسا الرئيسية في مجال الاستخبارات على الأرض.

ولم يقدم المصدر أي تفاصيل إضافية حول الجزئية المذكورة.

لكن الأربعاء الماضي، كشف قائد الحرس الجمهوري في بنين ديودونيه دجيمون تيفودجري أن فرنسا نشرت قوات خاصة لدعم الجيش في صد محاولة الانقلاب.

فيما اكتفت الرئاسة الفرنسية بالقول قبلها بيوم إن باريس قدمت دعما لوجستيا واستخباريا للقوات المسلحة في بنين لمواجهة محاولة الانقلاب.

"علامة" و"رسالة"
وفي قراءته للخطوة الفرنسية، يرى نيكولا نورماند، الدبلوماسي الفرنسي السابق بالساحل الأفريقي، أن "تدخل باريس في بنين يمثل علامة فارقة في السياسة الفرنسية تجاه القارة السمراء".

ويقول نورماند، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "تدخل القوات الفرنسية الخاصة لإحباط محاولة الانقلاب أظهر قدرة فرنسا على حماية حلفائها دون الانجرار إلى مواجهة عسكرية واسعة".

واعتبر أن "هذا النهج الرمزي والذكي يعكس إدراك باريس للدروس المستفادة من الانقلابات السابقة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، ويؤكد التزامها بالاستقرار الإقليمي وحماية الشركاء الاستراتيجيين".

وأضاف أن "الدعم الفرنسي لم يكن فقط عسكريا، بل رسالة سياسية مفادها أن باريس لن تتخلى عن حلفائها، وهو ما يعزز نفوذها في المنطقة بطريقة حذرة ومتوازنة".

وبالنسبة لباريس، تابع: "كان صعود الانقلابي مثلما بدا عليه الملازم كولونيل باسكال تيغري (قائد الانقلاب) إلى السلطة في بنين يمثل نكسة جديدة للقارة".

ووفق الخبير، فإنه "بعد مالي وبوركينا فاسو والنيجر، والتي شكلت تحالف دول الساحل وانحازت إلى روسيا، فقد كان أي تحول مماثل في بنين ليشكل اضطرابًا إقليميًا كبيرًا، خصوصًا أنه مع ميناء كوتونو كان سيتيح للأنظمة العسكرية في الساحل منفذًا بحريًا استراتيجيًا طالما سعوا للحصول عليه".

خبايا 
وسلطت صحيفة "لوموند" الفرنسية الضوء على المعسكر الذي انطلقت منه محاولة الانقلاب في بنين، موضحة أن "المعسكر مع أسواره العالية الرمادية المشبكة بأسلاك شائكة، وجنوده المتمركزين في أبراج المراقبة المحصنة، يبدو في توغبين غرب كوتونو كقلعة وسط المدينة".

وأوضحت "لوموند" أن الجنود في بنين تحصنوا داخل هذه المنشأة التابعة للحرس الوطني في 7 ديسمبر (كانون الأول الجاري).

وأضافت أنه لمواجهة المتمردين استعانت سلطات بنين بمنظمة "إيكواس"، وبالأخص نيجيريا المجاورة التي شنت طائراتها المقاتلة ضربات على معسكر توغبين.

كما لجأت السلطات إلى فرنسا التي نشرت للمرة الأولى منذ سلسلة الانقلابات التي أطاحت بحلفائها بين 2020 و2023 في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، قوات عسكرية للدفاع عن أحد شركائها في المنطقة.

ويعتبر باتريس تالون، الذي يتعاون مع باريس في مجالات متعددة من بينها الدفاع، واحدا من أقرب الرؤساء الأفارقة لإيمانويل ماكرون، وفقاً للصحيفة الفرنسية.

وبعد يومين من الانقلاب الفاشلة، أشار الإليزيه إلى أن فرنسا قدمت دعمًا من حيث المراقبة والرصد والدعم اللوجستي لقوات بنبن.

وشدد الإليزيه، في بيان صدر حينها، على أن كل ذلك جاء في "منطق الدعم الإقليمي" وبالتنسيق مع "جهود إيكواس"،دون الكشف بالتفصيل عن الدور الذي قامت به القوات الفرنسية في كوتونو.

هكذا كان التدخل
مع ذلك، لم يكن دور القوات الفرنسية هامشيًا بالمرة، فقد حلقت في 7 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، من حوالي الساعة الثانية ظهراً حتي التاسعة مساء، طائرة خفيفة فرنسية للمراقبة والاستطلاع في بنين لجمع المعلومات والإشراف على العمليات.

وبحسب "لوموند"، كانت تلك القوات موجودة أساسًا لأداء مهام في شمال البلاد الذي يتعرض لهجمات مستمرة من جماعات إرهابية صحراوية.

وفي الوقت نفسه، قام الرئيس ماكرون بالاتصال عدة مرات بنظيره تالون المحاصر في مقرّه الذي هاجمه المتمردون، وأعطى الضوء الأخضر لنشر وحدة صغيرة من القوات الخاصة على الأرض لدعم رد فعل الحرس الجمهوري الموالي للرئيس.

وقد كان هناك عدد قليل من الجنود الفرنسيين المتواجدين وسط البلاد لتدريب وحدات من بنين لم يتم استدعاؤهم في هذه العملية.

ووفقًا لمسؤولين عسكريين من البلدين، تألفت وحدة القوات الخاصة الفرنسية المرسلة إلى كوتونو من 15 رجلًا على الأقل جاءوا من أبيدجان في كوت ديفوار، حيث كانوا في مهمة "تدريب وتكوين" مع القوات الإيفوارية، وفق مصدر فرنسي.

وقال ضابط كبير في بنين، طلب عدم الكشف عن هويته: "هبطوا حوالي الساعة السادسة مساء وانضموا إلينا مباشرة حول ثكنة توغبين. كانوا عناصر مسلحة شاركت معنا في التمشيط، رغم أننا كنا قد أنجزنا جزءًا كبيرًا من المهمة بالفعل".

وغادرت هذه الوحدة فرنسا بنين في صباح اليوم التالي.

وأضاف الضابط الفرنسي: "هذه القوة المحدودة كانت كافية لاحتياجاتنا، لم يكن من الضروري نشر المزيد من الوسائل. الهدف كان مساعدة مواطني بنين الذين تصرفوا بشكل ممتاز، دون أن نكون مرئيين جدًا".

وأشارت "لوموند" إلى أنه في أفريقيا الناطقة بالفرنسية، حيث يقاوم الناس أي تدخل من القوة الاستعمارية السابقة، كانت باريس تدرك حساسية نشر قوات عسكرية حتى لو كانت خفيفة لمساعدة رئيس حليف على البقاء في السلطة، ولكن هذه المرة، قرر ماكرون تحمل المسؤولية.

درس النيجر؟
بعد الانقلابات في مالي عام 2020، ثم في بوركينا فاسو عام 2022، والتي قادها عسكريون أطاحوا بالجيش الفرنسي وتوجهوا نحو روسيا، ترددت باريس في التدخل عسكريًا عندما وقع انقلاب آخر في 26 يوليو/ تموز 2023 في النيجر ضد الرئيس محمد بازوم، آخر حليف لها في الساحل.

وكانت وحدة قوات خاصة موجودة في نيامي كجزء من إعادة الانتشار العسكري الفرنسي في المنطقة جاهزة لتنفيذ عملية لتحرير بازوم المحتجز من قبل حرسه الرئاسي، إلا أن الرئيس ماكرون لم يوافق على تنفيذ العملية خوفا على حياة نظيره.

وبعد عامين، لم يتردد الرئيس الفرنسي في التدخل رغم أن عملية كوتونو كانت أقل خطورة من تلك التي كانت مقررة في نيامي، وهذا ما يجعل الصحيفة تعتبر أن هذا التغيير في موقف باريس في دولة من حوض نفوذها القديم في أفريقيا، خطوة مهمة.

وقال ضابط فرنسي للصحيفة: "هذا التدخل يمثل نقطة تحول. يبدو أن الفرنسيين أخيرًا أدركوا أنهم كانوا يفقدون نفوذهم بعد تقاعسهم في السنوات الأخيرة".

وأضاف: "لسنا في 2023 بعد الآن. لقد تعلمنا من الأحداث في أماكن أخرى ونتصرف الآن وفق ما نراه مفيدًا، مع الحرص على عدم الظهور بشكل كبير. عملية بنين تمثل تغييرًا في طريقة عملنا بأفريقيا، وتظهر أيضًا أننا ملتزمون بحلفائنا".

"نكسة جديدة"
بالنسبة لباريس، كان صعود باسكال تيغري قائد محاولة الانقلاب إلى السلطة في بنين يمثل "نكسة جديدة للقارة".

وأشارت "لوموند" إلى أنه "منذ أن طلب من فرنسا تقليص وجودها العسكري في دول التحالف بين 2022 و2023، بعد انتقادات تعتبر الجيش الفرنسي رمزًا للنيوليبرالية في أفريقيا، شرعت باريس في إعادة تنظيم واسعة لنشر قواتها في القارة".

وأضافت أنه "باستثناء قاعدة جيبوتي التي احتفظت بها، والغابون التي تحولت إلى "معسكر مشترك" مع الجيش الغابوني، أعادت فرنسا هذا العام قواعدها الدائمة في تشاد والسنغال وكوت ديفوار.

ومع ذلك، يمكنها الاستمرار في إرسال قوات لتدريب وتكوين القوات المحلية، بل واستعمالها، كما أظهرت تجربة بنين مؤخرًا، كقاعدة محتملة للانتشار.

وفي الواقع، انطلقت القوات الخاصة الفرنسية المرسلة إلى كوتونو من معسكرها السابق في بورت-بوييه قرب أبيدجان، والذي أعيدت تسميته بـ "جنرال واتارا توماس داقوين".

قوى سياسية ومدنية بالسودان تدعو لتصنيف «الحركة الإسلامية» إرهابية


64 مليون يورو غرامة على Airbnb بسبب الإعلانات المخالفة في إسبانيا


حسين مرعشي يحذر من “أزمة غذاء” في إيران: خطر نزول الجياع إلى الشوارع


«مبادلة بايو» تُطلق منشأة لإنتاج أدوية متقدمة لعلاج الأورام