«خطة اقتلاع» مادورو.. ماذا تفعل «سفينة الأشباح» قرب فنزويلا؟

وكالة أنباء حضرموت

في مياهٍ زرقاء هادئة تخفي عاصفة قادمة، ترسو سفينة شحن رمادية بلا اسم واضح، يصفها العسكريون الأمريكيون بـ«سفينة الأشباح».

لكن خلف هذا الاسم الغامض، تكمن واحدة من أكثر العمليات الأمريكية سرّية منذ اغتيال أسامة بن لادن — عملية يُقال إن هدفها «استخراج نيكولاس مادورو» من فنزويلا، دون غزوٍ شامل ولا حربٍ معلنة، بحسب صحيفة "ذا صن".

منذ أسابيع، تحشد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عشرات القطع البحرية والجوية في البحر الكاريبي، ضمن خطة وُصفت بأنها «استعراض قوة ورسالة حرب في آنٍ واحد».

إذ ينتشر عشرة آلاف جندي، ووحدات من المارينز، وأكثر من عشر سفن حربية - بينها الحاملة العملاقة "يو إس إس جيرالد فورد"، على مقربة من السواحل الفنزويلية، في ما يبدو أنه استعداد لعملية عسكرية مركّبة تشمل الاستخبارات والقوات الخاصة، تحت غطاء «الحرب على المخدرات».

الواجهة المعلنة.. والهدف الخفي
في الخطاب الرسمي، تقول واشنطن إنها تقود حملة ضد «عصابات المخدرات» في أمريكا اللاتينية. لكنّ مراقبين يرون أن هذا الغطاء يخفي هدفًا أوضح: تفكيك النظام الفنزويلي من الداخل، وتحييد الرئيس نيكولاس مادورو الذي تعتبره إدارة ترامب «زعيم كارتيل دولة».

تُظهر وثائق استخباراتية مسرّبة أن المرحلة الأولى من العملية تركز على «إضعاف الدائرة الأمنية حول مادورو»، عبر استهداف شخصيات عسكرية متورطة في تهريب الكوكايين وغسيل الأموال. أما المرحلة الثانية، فتتمثل في عملية خاصة لاعتقال الرئيس أو إجباره على الفرار.

ويؤكد مصدر في البنتاغون أن الخطة لا تقوم على الغزو الكلاسيكي، بل على «الاختراق الصامت» - تتألف من سلسلة عمليات دقيقة تنفذها وحدات النخبة الأمريكية بعيدًا عن الأنظار، اعتمادًا على تقنيات الحرب الإلكترونية والاستخبارات البشرية.

“سفينة الأشباح” وقوات بن لادن
في قلب هذه التحركات، تلعب «سفينة الأشباح» دور القاعدة المتحركة للعملية.

فمن على متنها، يتمركز نحو 150 عنصرًا من وحدة "كوماندوز البحرية" المعروف باسم "نافي سيلز6" الفريق نفسه الذي نفذ عملية أبوت أباد ضد بن لادن - إلى جانب خبراء من وحدة دلتا فورس، المتخصصة في عمليات الصيد البشري.

تضمّ السفينة منصتين لهبوط المروحيات، وأنظمة تشويش إلكتروني متطورة، تتيح تنفيذ عمليات قرب السواحل الفنزويلية دون رصدها.

ويؤكد خبير الاستخبارات العسكرية الأمريكي، إيفان إليس، أن «الولايات المتحدة نقلت نموذج حربها ضد الإرهاب إلى فنزويلا، مع تعديل الأهداف لتناسب السياق اللاتيني».

من البحر إلى السماء.. شبكة الضغط المتكاملة
على بعد أميال قليلة من الساحل، تحلّق طائرات بي-1 وبي-52 ترافقها مقاتلات إف-35 في استعراض هجومي غير مسبوق.

ويشير مراقبون إلى أن الهدف ليس فقط إظهار القوة، بل أيضًا اختبار جاهزية الدفاعات الفنزويلية، التي تمثل العقبة الأساسية أمام أي عملية تسلل أو إنزال جوي.

تزامنًا مع ذلك، شوهدت مروحيات «بلاك هوك» معدّلة تهبط في ترينيداد وتوباغو - التي لا تبعد سوى 11 ميلًا عن فنزويلا - ما يجعلها نقطة انطلاق مثالية لوحدات الاقتحام الخاصة.

وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في الواجهة الخلفية

التحقيقات الصحفية التي استندت إلى تسريبات من داخل واشنطن تكشف عن قرار رئاسي سرّي، يُعرف باسم “Finding”، وقّعه ترامب بنفسه، يمنح وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) صلاحيات واسعة لتنفيذ عمليات في فنزويلا دون العودة إلى الكونغرس.

هذا التفويض يسمح للوكالة بتنفيذ ضربات موجهة ضد شخصيات متهمة بتهريب المخدرات، وإدارة حملات تضليل إعلامي وتمويل جماعات معارضة داخلية، في إطار حرب نفسية تهدف إلى تقويض ولاء الجيش لمادورو.

ويقول الضابط السابق في الوكالة، ميك مولروي، إن «المهام محددة في القرار، لكنها في الواقع بلا قيود»، بينما يصف مارك بوليميروبولوس، أحد كبار مسؤولي الوكالة السابقين، الخطة بأنها «أكبر عملية صيد بشري في أمريكا اللاتينية منذ عقود».

وتؤكد مصادر عسكرية أن وحدات الاستطلاع الأمريكية بدأت منذ أسابيع في مراقبة تحركات مادورو وأكثر من 20 من قادته العسكريين.

وتُستخدم أقمار صناعية وطائرات استطلاع صغيرة لتعقب الاتصالات وتحديد مواقع مخازن السلاح السرية، تمهيدًا لتنفيذ غارات «خاطفة فجرية» بطائرات الهليكوبتر على مقار القيادة ومختبرات تصنيع المخدرات.

وتشير التقارير إلى أن فرق القناصة والمستطلعين من وحدات المارينز و«نافي سيلز» ستؤمّن الطرق الجبلية المؤدية إلى العاصمة كاراكاس من مطار مايكيتيا الساحلي، مستخدمة بنادق بارّيت ذات المدى الطويل.

وفي حال نجاح العملية، ستبقى فرق العمليات الخاصة في الميدان لملاحقة شبكات الكارتيلات الصغرى والعملاء الكوبيين، وتأمين انتقال السلطة إلى حكومة بديلة.

“كارتيل الشمس”: الدولة التي تبتلع نفسها
الذريعة الأبرز التي تعتمدها واشنطن لتبرير هذه العملية هي ما تُسميه بـ«كارتيل الشمس» - شبكة فساد تمتد داخل أجهزة الدولة الفنزويلية، تضم ضباطًا كبارًا ومسؤولين حكوميين متورطين في تهريب الكوكايين بالتعاون مع متمردي كولومبيا.

وتعود جذور الكارتيل إلى تسعينيات القرن الماضي، حين بدأ ضباط في الحرس الوطني الفنزويلي استخدام شارات شمسية على بزّاتهم لتمييز أنفسهم، قبل أن يتحول الاسم لاحقًا إلى رمز لشبكة التهريب ذات النفوذ داخل المؤسسة العسكرية.