تقرير خاص/ سبعة عشر سجيناً سياسياً على حافة الموت… والعالم يتحرّك من لندن
تقرير خاص/ سبعة عشر سجيناً سياسياً على حافة الموت… والعالم يتحرّك من لندن
شهد تشيرتش هاوس – ويستمينستر في لندن انعقاد مؤتمر دولي بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، دعا فيه برلمانيون وشخصيات سياسية وحقوقية بارزة إلى تحرّكٍ دولي عاجل لوقف أحكام الإعدام بحق 17 سجيناً سياسياً في إيران متهمين بالانتماء إلى منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ، وسط تصاعد لافت لحملات القمع والإعدامات

مأخوذ من موقع بوابة العرب: لندن
شهد تشيرتش هاوس – ويستمينستر في لندن انعقاد مؤتمر دولي بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، دعا فيه برلمانيون وشخصيات سياسية وحقوقية بارزة إلى تحرّكٍ دولي عاجل لوقف أحكام الإعدام بحق 17 سجيناً سياسياً في إيران متهمين بالانتماء إلى منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ، وسط تصاعد لافت لحملات القمع والإعدامات. وقد تميّزت الجلسات بمداخلاتٍ جمعت بين شهاداتٍ إنسانية حية وتوصياتٍ سياسية مباشرة، انعكست في بياناتٍ مشتركة وقّعتها مئات الشخصيات من أوروبا وأميركا.
افتُتح المؤتمر بإعلانٍ لافت لـ البارونة نوالا أولوون (DBE MRIA) أكدت فيه أن أكثر من 500 شخصية دولية—بين نوابٍ ووزراء سابقين ومدافعين عن حقوق الإنسان وقادة من المجتمع المدني—وقّعوا بياناً يندّد بالإعدامات والانتهاكات الممنهجة في إيران. وأبرزت أولوون مؤشرات مروّعة: شخصٌ يُعدَم كل ثلاث ساعات ونصف، ومنذ تولّي مسعود پزشكيان الرئاسة في تموز/يوليو 2024 تجاوز عدد الإعدامات الموثّقة 1,820 حالة، في سياقٍ وصفته بأنه استراتيجية مقصودة لترهيب مجتمعٍ يتطلّع إلى التغيير الديمقراطي. كما ندّدت بـ تمجيد مجزرة 1988 التي طالت نحو 30 ألف سجينٍ سياسي، وبمحاولات طمس الأدلة عبر تدمير المقابر الجماعية. ودعت حكومة المملكة المتحدة إلى إحالة ملفّ حقوق الإنسان الإيراني إلى مجلس الأمن تمهيداً للملاحقة أمام المحكمة الجنائية الدولية، وفرض عقوبات محددة على كبار المسؤولين، وتفعيل الولاية القضائية العالمية بحق مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، والاعتراف بمنصة ديمقراطية لإيران «من دون إعدام».
وفي كلمةٍ محورية، شدّد المتحدثون باسم المعارضة الإيرانية على أنّ أحكام الإعدام الصادرة اليوم تنتهك كلياً معايير العدالة: تعذيبٌ للمعتقلين، وحرمانٌ من الدفاع، ومحاكماتٌ صورية سريعة، بينما تُحسم الأحكام «سلفاً» في دوائر القرار العليا. وطُرحت مطالب عملية من النظام الإيراني لاختبار ادعاءاته: فتح جلسات محاكمة السجناء السياسيين علناً، والسماح لجانٍ دولية—كاللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة—بزيارة طهران لمقابلة المحكومين السبعة عشر والاطلاع على ملفات وفياتٍ داخل السجون، ومنها قضية سمية رشيدي التي توفيت إثر حرمانٍ متعمّد من الرعاية الطبية.
إنغريد بيتانكور، السيناتورة والمرشحة الرئاسية الكولومبية السابقة، قدّمت شهادةً إنسانية لافتة حول حركة «ثلاثاء لا للإعدام» التي نشأت داخل السجون الإيرانية منذ 20 شهراً متتالياً؛ إذ يمتنع السجناء عن الطعام كل يوم ثلاثاء—وهو يوم تنفيذ الإعدامات—«محوّلين الجوع إلى سلاحٍ أخلاقي يفضح الجلادين ويمنح المجتمع أملاً جديداً». وأكدت بيتانكور أن عقوبة الإعدام في إيران ليست إجراءً قضائياً، بل سلاحٌ سياسيّ همجي لإسكات المعارضين، وأن كثيراً من المحكومين ينتمون إلى حركة «تمثّل الأمل والبديل عن الدكتاتورية»، وقد رفضوا عروض «النجاة» مقابل التبرؤ من مواقفهم.
من جهته، وصف جون بيركو، رئيس مجلس العموم البريطاني الأسبق، ما يجري بأنه «ليس حتى ادّعاءً بالعدالة، بل أداءٌ وحشي لكسر الناس وإراداتهم»، مشدداً على أن المطلوب أولوية يومية في سياسات لندن للضغط الدولي من أجل وقف الإعدامات ومحاسبة المسؤولين. وقال: «ما نريده هو حرية وديمقراطية وعدالة وحكم قانون ومساواة بين الجنسين وجمهورية غير نووية وفصلٌ للدين عن الدولة وتعدديّة سياسية… قد يخبو لهيب الحرية أحياناً لكنه لا ينطفئ».
أما تيريزا فيلييرز، الوزيرة البريطانية السابقة، فاستعرضت نتائج لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان (ISC) التي خلصت بوضوح إلى أن طهران تستخدم الاغتيال كأداةٍ رسمية وتستعين حتى بـ عصابات إجرامية لإسكات الأصوات المعارضة في الخارج، مؤكدةً تسجيل ما لا يقل عن 15 محاولة قتل أو خطف ضد بريطانيين أو مقيمين في المملكة المتحدة منذ مطلع 2022. ورأت أن النظام الإيراني تهديد مباشر لمصالح بريطانيا، داعيةً إلى تصنيف الحرس الثوري الإيراني (IRGC) منظمةً إرهابية، وإعادة فرض العقوبات التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي.
وتقاطعت مداخلات المؤتمر مع بيانٍ مشترك واسع التأييد—وقّعته أكثر من 500 شخصية من ضفّتي الأطلسي، بينهم برلمانيون ووزراء وقادة عسكريون وقضائيون سابقون—أكد أن السلطات في طهران توظّف الإعدام لترهيب المجتمع لا لتحقيق العدالة، وأن عقوداً من الإفلات من العقاب مكّنت استمرار هذه الجرائم. وطالب البيان بإحالة الملف إلى مجلس الأمن لاعتماد إجراءاتٍ عقابية ملموسة ومحاسبة المسؤولين، محذّراً من «تكرار المآسي» ومشدداً على أن القضية «اختبارٌ لمصداقية المجتمع الدولي» في حماية قيمه ومنع الفظائع الجماعية.
وشارك أُسر السجناء السياسيين والضحايا بكلماتٍ مؤثرة أكدت أن المؤتمر جزءٌ من حملةٍ استراتيجية لمواجهة «تسليح عقوبة الإعدام ضدّ الشعب الإيراني»، وأن أي مسارٍ دولي فعّال يجب أن يجمع بين وقف الإعدامات فوراً، وتفعيل آليات المساءلة الدولية، ووضع شروطٍ حقوقية واضحة لأي تواصلٍ مع طهران.
خلاصة: يبعث مؤتمر لندن رسالةً جامعة مفادها أن وقف الإعدامات في إيران لم يعد مطلباً حقوقياً فحسب، بل ضرورةً أخلاقية وسياسية ترتبط بأمن واستقرار المنطقة والعالم. وبينما ترتفع الأصوات الدولية للمحاسبة، تتجه الأنظار إلى العواصم المعنية—ولا سيما في أوروبا—لتحويل البيانات والوعود إلى خطواتٍ عملية توقف النزيف وتعيد الاعتبار لحق الإيرانيين في الحرية وتقرير المصير ضمن جمهورية مدنية غير نووية تحترم كرامة الإنسان وسيادة القانون.