توقف اقتصاد بريطانيا.. نمو غائب وضغوط تتزايد قبيل ميزانية الخريف
لم يظهر الاقتصاد البريطاني أي نمو في شهر يوليو/تموز الماضي، في ضربة موجعة لوزيرة الخزانة راشيل ريفز قبيل ميزانية الخريف.
وفقا لصحيفة "The Sun"، تكشف أحدث الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية (ONS) أن الناتج المحلي الإجمالي لم يحقق أي نمو في ذروة الصيف. ويأتي ذلك بعد نمو بنسبة 0.4% في يونيو/حزيران 2025 وانخفاض بنسبة 0.1% في مايو/أيار 2025.
وأفاد مكتب الإحصاءات الوطنية بأن تحسن قطاعي الخدمات والبناء قابله انخفاض في الإنتاج خلال يوليو/تموز.
وشهد قطاع التصنيع تراجعا في النشاط بنسبة 1.3%، وهو أكبر انكماش له منذ يوليو/تموز 2024. وقد أعاق هذا التراجع نمو الاقتصاد ككل، حيث ارتفع قطاع الخدمات بنسبة 0.1% بفضل نمو قطاعي التجزئة والبناء بنسبة 0.6% و0.2% على التوالي.
يعد الناتج المحلي الإجمالي أحد المؤشرات الرئيسية المستخدمة لقياس أداء اقتصاد أي بلد. فعندما يرتفع، فهذا يعني أن الاقتصاد في حالة جيدة، وعندما ينخفض، فهذا يعني أن الاقتصاد قد انكمش. أما عندما لا يُظهر أي نمو، فهو مؤشر على ضعف النشاط الاقتصادي وعدم بلوغ المستوى المطلوب.
وتظهر الأرقام الصادرة اليوم أيضا أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نما بنسبة 0.2% في الأشهر الثلاثة المنتهية في يوليو/تموز 2025، وهو أقل من الأرقام الصادرة الشهر الماضي، التي أظهرت ارتفاعا بنسبة 0.3% بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران.
هذا المقياس معدل حسب التضخم، ويهدف إلى عكس القيمة الحقيقية لجميع السلع والخدمات التي ينتجها الاقتصاد في سنة معينة. أما الناتج المحلي الإجمالي الشهري، فهو تقدير لقيمة جميع السلع والخدمات النهائية المُنتَجة خلال شهر محدد.
قالت ليز ماكيون، مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية: "لم يُظهر الناتج المحلي الإجمالي أي نمو في الشهر الأخير، حيث قابلت الزيادات في قطاعي الخدمات والبناء انخفاضات في الإنتاج".
ويأتي ذلك بعد أن توقع المحللون تسجيل نمو صفري (0%)، مع تقديرات بارتفاع الاقتصاد بنسبة 1.1% على أساس سنوي، مقارنة بـ0.2% فقط في يونيو/حزيران.
كما ستصدر بيانات الأجور والتضخم الأسبوع المقبل، وسيراقبها بنك إنجلترا عن كثب قبل اجتماعه للسياسة النقدية الخميس المقبل.
وسيراقب المستثمرون هذه البيانات أيضا بقلق، خشية أن تواجه حكومة حزب العمال صعوبة في تحقيق التوازن المالي بعد فترة مضطربة شهدتها السندات الحكومية في الأسابيع القليلة الماضية. وتستعد وزيرة الخزانة، راشيل ريفز، لتقديم ميزانية الخريف في 26 نوفمبر/تشرين الثاني.
وعلق متحدث باسم وزارة الخزانة على أحدث بيانات الناتج المحلي الإجمالي، قائلا: "ندرك أن هناك المزيد مما يجب فعله لتعزيز النمو. هذه النتيجة تعكس سنوات من نقص الاستثمار".
وأضاف: "نحن عازمون على عكس هذا الاتجاه من خلال خطتنا للتغيير. نحن نحرز تقدمًا: كان النمو هذا العام الأسرع في مجموعة الدول السبع؛ ومنذ الانتخابات، خفِضت أسعار الفائدة خمس مرات، وارتفعت الأجور الحقيقية بوتيرة أسرع مما كانت عليه في عهد الحكومة السابقة. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به لبناء اقتصاد يجدي نفعًا ويُكافئ العاملين".
تجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام الفصلية الأخيرة هي مجرد تقديرات، وقد تخضع للمراجعة لاحقا.
يقيس الناتج المحلي الإجمالي الناتج الاقتصادي للشركات والأفراد والحكومات. فإذا ارتفع بوتيرة ثابتة ـ حتى وإن كانت محدودة ـ فهو مؤشر على اقتصاد سليم ومزدهر، لأنه يعني عادة أن الناس ينفقون أكثر، والحكومة تحصل على مزيد من الضرائب، والشركات تحقق أرباحا أكبر، وهو ما ينعكس في صورة زيادات في الرواتب.
أما انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، فيعني أن الاقتصاد ينكمش، وهو ما قد يشكل خبرا سيئا للشركات والعمال، إذ قد يواجهون تخفيضات في الأجور أو حتى فقدان وظائفهم.
يستخدم بنك إنجلترا الناتج المحلي الإجمالي والتضخم كمؤشرين رئيسيين لتحديد سعر الفائدة الأساسي، الذي يُحدد بدوره تكلفة الأموال المقترضة من البنوك التجارية، ويعتبر أداة رئيسية للسيطرة على التضخم وتوجيه الاقتصاد.
فإذا كان الناتج المحلي منخفضا، يخفض البنك سعر الفائدة الأساسي لتشجيع الناس على الإنفاق والاستثمار. أما إذا كان مرتفعا، فقد يُبقي على سعر الفائدة مرتفعًا لكبح التضخم.
صرح سورين ثيرو، مدير الاقتصاد في معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز (ICAEW): "على الرغم من هذه الأرقام المحبطة، فإن تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر لا يزال أمرا غير وارد. ومن المرجح أن تشعر لجنة السياسة النقدية بقلق كافٍ إزاء ارتفاع التضخم، مما قد يمنعها من الموافقة على تخفيضات متتالية في أسعار الفائدة".