خطة الـ5%.. كيف تتحايل دول الناتو لإرضاء ترامب؟

وكالة أنباء حضرموت

رغم تمرير حلف الناتو لخطة زيادة الإنفاق الدفاعي إلا أنه لا يزال أمام الأعضاء فرصة للتحايل على الأمر.

ونجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إقناع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن الخطة تضمنت شرطا رئيسيا يسمح للحلفاء بإنفاق جزء من هذه الميزانية على مشروعات "متعلقة بالدفاع" وهو ما يمهد الطريق لموجة جديدة من الإبداع للتحايل.

وفي هذا الإطار، أثار مشروع جسر مضيق ميسينا الإيطالي جدلا داخل الحلف فالجسر المخطط له منذ فترة طويلة بتكلفة 15.5 مليار دولار لربط البر الرئيسي بصقلية وصفه وزير النقل ماتيو سالفيني مؤخرًا بأنه "أكبر مشروع بنية تحتية في الغرب" وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "نيوزوزيك" الأمريكية.

وحاليا، تجري دراسة إمكانية إدراج المشروع ضمن نفقات إيطاليا في حلف الناتو، حيث تُجادل روما بأن الجسر يُصنف كـ"بنية تحتية مُعززة للأمن" على الجناح الجنوبي للحلف في البحر الأبيض المتوسط.

ويصف البعض، مثل نيك ويتني، الزميل السياسي البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية والرئيس التنفيذي السابق لوكالة الدفاع الأوروبية، الجسر بأنه "بعيد المنال".

وتمثل زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% نقلة عن نسبة الـ2% المُتفق عليه سابقًا عام 2014، وهي نسبة لم يحققها سوى عدد قليل من دول الناتو.

لكن الرقم الجديد مُقسّم إلى مجموعتين حيث تم تخصيص 3.5% "لموارد متطلبات الدفاع الأساسية وتحقيق أهداف الناتو للقدرات"، و1.5% "لحماية البنية التحتية الحيوية، والدفاع عن الشبكات، وضمان التأهب والمرونة المدنية، والابتكار، وتعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية، من بين أمور أخرى".

وفي إطار المجموعة الأخيرة، أشار ويتني إلى أن مصطلح "التنقل العسكري" أصبح "متطلبًا مفضلًا للقدرات" لدى أعضاء الاتحاد الأوروبي، ومعظمهم أعضاء في الناتو، والذين تمكنوا بالفعل من إنفاق 1.8% من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع العام الماضي.

وفي تصريحات لـ"نيوزويك"، قال ويتني "يُدرج الكتاب الأبيض الأخير للاتحاد الأوروبي للدفاع هذا المصطلح ضمن قائمة السبعة الأوائل، إلى جانب أمور أكثر وضوحًا مثل المسيرات والدفاع الجوي، والحرب السيبرانية والإلكترونية" وأضاف "لذا، توقع الأوروبيون استثمارات كبيرة في الطرق السريعة، وخطوط السكك الحديدية، ومرافق الموانئ، وما إلى ذلك".

من جانبه، توقع إيلي بيرو، الأستاذ المساعد في كلية بروكسل للحوكمة بجامعة فريجي في بروكسل، طفرة في مشاريع البنية التحتية للمساعدة في تحقيق الأهداف، خاصة في دول جنوب وغرب أوروبا.

وقال إن هذه الدول "مثقلة بالديون بشكل عام، وبالتالي حريصة على ضمان احتساب أكبر عدد ممكن من مشروعات البنية التحتية القائمة ضمن أهداف الناتو".

وأوضح أنه "لم يتم بعد وضع آلية تطبيق فيما يتعلق بهدف تخصيص 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للاستثمارات المتعلقة بالدفاع والأمن".

وأضاف "هذا يختلف عن معيار تخصيص 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي الأساسي، والذي سيتعين على دول الناتو بموجبه على الأقل تقديم خطط سنوية تصف مسارًا تدريجيًا موثوقًا به للوصول إلى هذا الهدف بحلول عام 2035".

ولا تقتصر المشروعات المرشحة لميزانية الناتو على البنية التحتية فقد سعت بعض الدول إلى تعزيز مخصصاتها الدفاعية من خلال تضمين المزيد من البنود التي يُحتمل أن تكون موضع تساؤل مثلما فعلت بريطانيا عام 2016 عندما أدرجت معاشات الحرب وجمع المعلومات الاستخباراتية كجزء من التزامها بنسبة2% للإنفاق الدفاعي.

وأشار بيرو إلى أن "بعض دول الناتو جادلت بضرورة مراعاة جهود مكافحة تغير المناخ، لأن هذه الجهود ستساعد في الحد من آثار الكوارث الطبيعية المستقبلية، مما يساهم في أمن التحالف بالمعنى الواسع".

وأضاف "من المرجح أن تختلف دول الناتو الأخرى مع هذا الرأي، وتراه مجرد ذريعة لعدم زيادة الاستثمار".

ويشير المحللون إلى غياب إرشادات واضحة من الناتو بشأن الأمور التي تمثل نفقات دفاعية وقال جون ديني، الزميل البارز في مبادرة الأمن عبر الأطلسي في مركز سكوكروفت للاستراتيجية والأمن التابع للمجلس الأطلسي "لم يُصدر الناتو أي إرشادات علنية تُحدد ما يُعتبر دفاعيًا وما لا يُعتبر كذلك".

وأضاف "يكمن القلق في أن الحلفاء لا يملكون (قواعد عمل) بشأن إمكانية احتساب نفقات الدفاع المحتملة ضمن التزامهم بنسبة 5%".

وقالت ماكنزي إيغلين، الزميلة البارزة في معهد التراث الأمريكي والمتخصصة في استراتيجيات الدفاع وميزانيات الدفاع والجاهزية العسكرية "هناك تناقضات كبيرة في كيفية تعريف نفقات الدفاع من قِبل التحالف وداخله".

وأوضحت أن "الناتو يستخدم تعريفًا واسعًا ومرنًا، إذ يحسب النفقات التي غالبًا ما تقع خارج الميزانيات العسكرية التقليدية، بما في ذلك المعاشات التقاعدية، وخفر السواحل، وقوات الشرطة الوطنية، والمساعدات المالية، والعمليات الإنسانية".

لكنها اعتبرت أن هذه الأمور "لا تعزز بشكل مباشر القوة القتالية، وتُشوّه الإنفاق الذي يتم الإبلاغ عنه" مما يؤدي إلى "فوضى عارمة في الحسابات".

وأضافت أن المشكلة تتفاقم بسبب "نقص الشفافية من جانب الناتو الذي يقدم فقط أرقامًا رئيسية مع تقسيمات نسبية واسعة النطاق للأفراد والمعدات والبنية التحتية وفئة أخرى غامضة، دون تفصيل دقيق لما تتضمنه ميزانية كل عضو" وتوقعت أن التناقضات المحتملة في التزامات الناتو ستلفت انتباه إدارة ترامب.

ودعا تود هاريسون، الزميل البارز في معهد التراث الأمريكي إلى إعادة النظر بشكل جذري في خطة الإنفاق الدفاعي للناتو وقال إن هناك حاليًا "الكثير من الغموض حول ما يمكن تضمينه".

وقال "من الكسل الفكري استخدام الإنفاق الدفاعي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي لمحاولة الحكم على مدى وفاء الدول بالتزاماتها العسكرية تجاه الناتو" وأضاف "أعتقد أن إدارة ترامب قد تكون أكثر ميلًا لقبول الفوز دون التشكيك في التفاصيل".