حلف قبائل حضرموت
قوات "حماية حضرموت".. تشكيل مسلح جديد يثير جدلًا واسعًا والمجلس الانتقالي يصفه بـ"الميليشيا"
شهدت محافظة حضرموت تصعيدًا سياسيًا وعسكريًا جديدًا بعد إعلان الشيخ القبلي عمرو بن حبريش، رئيس مؤتمر حضرموت الجامع، عن تدشين قوات مسلحة جديدة تحت مسمى "قوات حماية حضرموت"، في خطوة أثارت موجة واسعة من الجدل والانقسام، واعتبرها المجلس الانتقالي الجنوبي خروجًا على النظام والقانون.
أُعلن عن التشكيل الجديد في 27 فبراير 2025م، خلال فعالية حضرها مشايخ ووجهاء وشخصيات اجتماعية في مدينة المكلا، حيث أكد بن حبريش أن هذه القوات تأتي لحماية الأرض والثروة والهوية الحضرمية، في ظل ما وصفه بـ"غياب السلطة المركزية عن القيام بدورها في تأمين المحافظة وحماية مصالح أهلها".
وبعد أشهر من التأسيس، تم في يونيو الماضي الإعلان عن تشكيل اللواء الأول ضمن "قوات حماية حضرموت"، بقيادة العميد الجويد بارشيد، ورئاسة أركان العميد أمان الحبشي، في أول تحرك ميداني يوحي بتحول هذه القوة إلى واقع عسكري على الأرض.
تقول قيادة الحلف إن الهدف من هذه القوات هو حماية حضرموت من التهريب والانفلات الأمني، وحراسة المنشآت الحيوية، وتمكين أبناء المحافظة من تأمين مناطقهم بأنفسهم. ويؤكد داعمو المشروع أن القوة تنسجم مع تطلعات أبناء حضرموت في نيل قدر من الإدارة الذاتية، دون أن تعني بالضرورة الانفصال عن الدولة اليمنية.
لكن في المقابل، يصف معارضو التشكيل الجديد هذه القوات بأنها "تجييش قبلي خارج مؤسسات الدولة"، ويعتبرونها محاولة لفرض أمر واقع على الأرض بقوة السلاح، ما ينذر بتفجير الوضع في محافظة كانت تُعرف بهدوئها النسبي مقارنة بباقي المحافظات اليمنية.
وفي أول رد رسمي، وصف المجلس الانتقالي الجنوبي "قوات حماية حضرموت" بأنها ميليشيات قبلية لا تمثل الدولة، وقال الشيخ لحمر علي لسود، رئيس القيادة المحلية للمجلس الانتقالي بمحافظة شبوة، إن "إنشاء أي تشكيلات مسلحة خارج الأطر الرسمية يُعد انتهاكًا صارخًا لكل الجهود الدولية والإقليمية الساعية للسلام".
وأضاف في تصريح لـ"وكالة أنباء حضرموت": "ما يجري في حضرموت هو مقامرة إقليمية غير محسوبة العواقب، ومن يمول هذه الجماعات المسلحة سيتحمّل المسؤولية الكاملة عن مآلات الأوضاع، بما في ذلك زعزعة الاستقرار وضرب وحدة الصف الجنوبي."
ويرى مراقبون أن موقف المجلس الانتقالي يعكس مخاوفه من أي قوى محلية لا تخضع لنفوذه، خاصة في محافظات الشرق التي لم يفرض سيطرته الكاملة عليها، بعكس عدن أو لحج أو الضالع.
تشير تقارير إعلامية إلى أن عمرو بن حبريش أجرى سلسلة لقاءات مع مسؤولين سعوديين خلال الأشهر الماضية، ما اعتبره البعض غطاءً سياسيًا غير معلن لتشكيل هذه القوات. وتأتي هذه التحركات في ظل تراجع حضور الحكومة اليمنية في حضرموت، واحتدام التنافس بين الانتقالي وقيادات محلية تسعى لانتزاع مزيد من النفوذ.
وبينما لم يصدر موقف رسمي واضح من الحكومة اليمنية، إلا أن مصادر عسكرية أكدت لـ"وكالة أنباء حضرموت" أن "قوات حماية حضرموت" لا تتبع وزارتي الدفاع أو الداخلية، ما يجعلها – فعليًا – خارج المؤسسة العسكرية الرسمية.
يطرح التشكيل الجديد تحديات سياسية وأمنية متعددة، من بينها:ظهور قوة مسلحة جديدة غير خاضعة للدولة. اتساع الهوة بين مكونات الجنوب السياسية.احتمالات الاصطدام بين هذه القوات وقوات النخبة الحضرمية، صاعد التنافس السعودي- العماني غير المعلن في محافظات الثروة والنفط.
ويُخشى أن يؤدي ذلك إلى انقسام حضرموت بين مراكز قوى متنازعة، خصوصًا في ظل غياب رؤية موحدة لمستقبل المحافظة، وتضارب المصالح بين القوى المحلية والإقليمية.
بين من يراها خطوة لتعزيز الأمن المحلي، ومن يصفها بمحاولة تفكيك الهياكل العسكرية الرسمية، تبقى "قوات حماية حضرموت" عنوانًا جديدًا لتحولات معقدة في جنوب اليمن. والسؤال الأبرز: هل ستنجح هذه القوة في فرض نفسها كواقع مشروع؟ أم ستدخل حضرموت في دوامة جديدة من الاستقطاب والصراع المسلح؟.