قاآني زار بغداد سرا لإعادة ترتيب بيت الإطار التنسيقي قبل الانتخابات
تسعى إيران سرا لإعادة ترتيب البيت الشيعي ومن ضمنه الإطار التنسيقي الجامع للقوى الشيعية السياسية الرئيسية الموالية لها وذلك قبل الانتخابات التشريعية التي تعمل طهران على أن لا تفرز قوى خارج سيطرتها، بينما تتحرك لرأب الصدع والشروخ داخل الإطار بشكل يبقي على نفوذ حلفائها ولا يخرجها أو يضعف نفوذها داخل المعادلة السياسية العراقية.
وذكرت مواقع إخبارية محلية أن الجنرال إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قام بزيارة خاطفة لبغداد التقى خلالها بشكل منفصل بأربع من كبار قادة الإطار التنسيقي وهم نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون وقيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق وهادي العامري زعيم تحالف الفتح وعمار الحكيم زعيم تيار الحكمة ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي همام حمودي.
وتؤكد زيارة قاآني الأخيرة ولقاؤه بقيادات الإطار التنسيقي دون رئيس الوزراء السوداني، على استمرار قنوات الاتصال المباشرة والمحاولات الإيرانية لتنسيق المواقف بين مكونات الإطار وترميم الشروخ التي برزت على اثر خلافات داخلية مردها الصراع الانتخابي.
ويعاني الإطار التنسيقي من انقسامات داخلية وتوجهات مختلفة بين مكوناته، مثل محور السوداني، ومحور المالكي، ومحور قيس الخزعلي. وتسعى إيران لاحتواء هذه الانقسامات لضمان جبهة موحدة قبل الانتخابات.
ولإيران نفوذ كبير على الفصائل المسلحة ضمن الحشد الشعبي وخارجه، وتسعى لتوجيه هذه الفصائل بما يخدم مصالحها في العملية السياسية، بما في ذلك إمكانية دمج بعضها ضمن الجيش العراقي أو تحويلها إلى كيانات سياسية.
وتسعى للحفاظ على الاستقرار في العراق، خاصة في ظل التوترات الإقليمية، وتعتبر استقرار الحكومة العراقية أمراً حيويا لذلك، فإنها تعمل على دعم الإطار التنسيقي الذي يشكل جزءا أساسيا من الحكومة الحالية.
لكن استثناء قاآني للسوداني الذي شكل تحالفا انتخابيا لمنافسة خصومه من داخل الاطار في الاستحقاق الانتخابي التشريعي، من اللقاءات يثير أسئلة كثيرة ويفتح باب التأويل كأن تكون طهران غير راضية على رئيس الوزراء العراقي وتعمل على اضعافه قبل الانتخابات التشريعية.
إلا أن هذا الاحتمال يبدو ضعيفا اذ يعتبر السوداني محوريا داخل قوى الإطار وليس من مصلحة طهران تجاهله لضمان عدم اضعاف "التنسيقي" في حد ذاته.
وذكر موقع وكالة شفق نيوز الكردية العراقية نقلا عن مصادره أن المحادثات التي أجراها قائد فيلق القدس ركزت على الأوضاع السياسية في العراق وفي صدارتها ملف الانتخابات التشريعية ومسار التحالفات داخل الاطار التنسيقي.
وجاءت زيارة قاآني الأخيرة لبغداد بعد نحو شهر من زيارة خاطفة وسرية أجراها في نهاية يونيو الماضي والتقى خلالها بقادة الحشد الشعبي في ظل استمرار التوترات الإقليمية على اثر حرب الـ12 يوما مع إسرائيل والتي تدخلت فيها الولايات المتحدة بقصفها منشآت نووية إيرانية.
لكن الزيارة الأخيرة تكتسي أهمية بالغة بالنسبة لطهران التي تحرص على إعادة تشكيل المشهد السياسي العراقي وفق ما يضمن بقاء نفوذها في الساحة العراقية التي تعتبر حيوية بالنسبة لأجندة تمددها في المنطقة بعد انكسار حزب الله اللبناني أحد أبرز أذرعها ووكلائها على إثر حرب مع إسرائيل قتل فيها كبار قادته من الصف الأول وكبار قادته العسكريين.
وسبق لقاآني أن زار بغداد في 14 مايو الماضي اوعقد خلالها لقاءات فردية مع بعض قادة قوى الإطار التنسيقي وبحث معهم آليات دعم طهران من قبل قادة الدول العربية خلال القمة العربية التي عقدت في بغداد.
وتدعم إيران الإطار التنسيقي ككتلة سياسية شيعية رئيسية في العراق وتهدف إلى توحيد صفوفه لضمان نفوذها. وليس واضحا لماذا استثنى قاآني السوداني من لقاءاته، إلا أنه وفي كل الحالات يبقى الأخير جزء من الإطار التنسيقي وبالتالي ممن المعادلة السياسية والمشهد الانتخابي قيد التشكل.
وتقول بعض التقارير إن إيران قد تكون خارج مطبخ الانتخابات العراقية إلا أنها داخل المنزل وقد تترك حلفاءها داخل الإطار التنسيقي يتنافسون فيما بينهم قبل الانتخابات، لكنها تظل تراقب الأوضاع عن كثب وتتدخل عند الضرورة لضمان عدم خروج الأمور عن السيطرة، ولضمان عودة الجميع إليها في النهاية. وهذا يعني أنها قد لا تتدخل بشكل مباشر في تفاصيل التحالفات الانتخابية الداخلية، ولكنها ستضمن أن النتائج النهائية تخدم مصالحها.
وهناك مؤشرات على أن السوداني يسعى لتعزيز موقفه الخاص وربما يتطلع إلى التخلص من الجيل الأول من قادة الإطار التنسيقي. ومع ذلك، فهو يدرك أهمية الحفاظ على علاقات جيدة مع حلفائه المدعومين من إيران.
وقد أبدت بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران، مثل كتائب حزب الله العراقي، دعمها للسوداني في صراعاته على السلطة، مما يشير إلى وجود تنسيق أو دعم من بعض الأطراف الفاعلة المدعومة من طهران ويكشف كذلك وجود انقسامات بين المكون الشيعي السياسي والميلشاوي من ترشح السوداني..
وسعت إيران في كثير من الأحيان إلى تهدئة الأزمات الداخلية في العراق، بما في ذلك طلب قائد فيلق القدس من قادة عراقيين تخفيف حدة الانتقادات الموجهة لرئيس الوزراء السوداني، مما يدل على اهتمام طهران بالحفاظ على استقرار حكومته.
ويمكن القول إن إيران تدعم استقرار حكومة السوداني وتحالفه ضمن الإطار التنسيقي، ولكنها قد تسمح ببعض المنافسة الداخلية بين حلفائها قبل الانتخابات، مع الحفاظ على دورها كضامن للنتائج النهائية التي تخدم مصالحها الاستراتيجية في العراق.
ويبرز لقاء قاآني بأربع من كبار قادة الاطار التنسيقي قدرة إيران على التواصل المباشر مع القوى السياسية والفصائل المسلحة الحليفة لها في العراق، متجاوزةً القنوات الرسمية للحكومة العراقية. وهذا يؤكد استمرار نفوذ طهران العميق في المشهد السياسي والأمني العراقي.
وقد يشير عدم لقاء السوداني إلى أن أجندة قاآني في هذه الزيارة كانت تركز على قضايا محددة تتعلق بالفصائل المسلحة أو التنسيق الإقليمي ضمن "محور المقاومة"، والتي قد تكون خارج نطاق المهام المباشرة لرئيس الوزراء، أو أن طهران تفضل مناقشة هذه الملفات مع الجهات التي تعتبرها أكثر ارتباطًا بها.
واللقاء مع قيادات الإطار التنسيقي (مثل نوري المالكي، عمار الحكيم، وهادي العامري) يؤكد على أهمية هذا التكتل بالنسبة لإيران كقوة سياسية رئيسية في العراق. وقد يكون الهدف هو تعزيز التنسيق الداخلي للإطار، أو حل أي خلافات محتملة، أو توجيه رسائل بخصوص المرحلة المقبلة.
وفي ظل التوترات الإقليمية المتزايدة، خاصة بعد الهجمات الأخيرة في المنطقة، من المرجح أن يكون جزء كبير من النقاش قد تركز على التنسيق الأمني، ودور الفصائل المسلحة، وكيفية التعامل مع التحديات الإقليمية، بما في ذلك التهديدات المحتملة من إسرائيل أو الولايات المتحدة.
وتعكس الزيارة قاآني التي قيل إنها استمرت لنحو 10 ساعات، استمرار إيران في إدارة علاقاتها ونفوذها في العراق من خلال قنوات متعددة، مع التركيز على تعزيز التنسيق مع حلفائها الرئيسيين في المشهد السياسي والأمني العراقي.
وتسعى إيران بالفعل إلى إعادة ترتيب "البيت الشيعي" في العراق، بما في ذلك الإطار التنسيقي، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية. وتهدف هذه الجهود إلى توحيد القوى الشيعية المدعومة من طهران لضمان نفوذها واستقرار حلفائها في المشهد السياسي العراقي.