حكومة أخنوش في مواجهة انتقادات المعارضة

المعارضة المغربية، مشتتة وعاجزة عن التأثير

الرباط

بعد تشكيل التحالف الحكومي الحالي المكون من أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، تم إفراز أحزاب المعارضة الحالية المكونة من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية والاشتراكي الموحد وتحالف اليسار الفيدرالي والحركة الشعبية. وقد كانت مناقشة البرنامج الحكومي يومي الأربعاء والخميس مناسبة للاطلاع على حجم الجسم المعارض وقوته داخل البرلمان المغربي.

واعتبرت المجموعات النيابية المعارضة أن البرنامج الحكومي يفتقد إلى مرجعية تؤطره، وإلى أرقام ومؤشرات واضحة، مؤكدة أنه بمثابة تصريح نوايا لا يكشف عن آليات التنفيذ، ولا عن البرمجة الزمنية ضمن الولاية الممتدة لخمس سنوات.

ودشن الاتحاد الاشتراكي في مجلس النواب موقفه المعارض من الحكومة بانتقاد ما أسماه “بالاستحواذ والهيمنة القسرية” للتحالف الحكومي على عدد من المؤسسات المنتخبة لتخضع لـ”توافقات قبلية”، واعتبر رئيس الفريق الاشتراكي عبدالرحيم شهيد خلال مناقشة البرنامج الحكومي بالغرفة الأولى أن “تشكيلة الحكومة وهندستها الحالية لم تكن في مستوى رهانات المرحلة الراهنة”، مشيرا الى أن “ضيق الوقت المخصص للمعارضة في مجلس النواب إشارة غير مطمئنة”

وأكد هشام عميري الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري أن المعارضة البرلمانية أصبحت مكونا أساسيا داخل البرلمان لكنها ستكون ضعيفة في الغرفتين معا، رغم أن المشرّع منح المعارضة الموجودة في مجلس النواب الأهمية والأولوية على المعارضة الموجودة داخل مجلس المستشارين، ويظهر ذلك من خلال التنصيص الدستوري على ترؤس المعارضة البرلمانية بمجلس النواب للجنة المكلفة بالتشريع، وهذا ما احترمه المجلس الجديد عند انتخابه لمكتب المجلس، وذلك بمنحه رئاسة هذه لجنة لمجموعة حزب الحركة الشعبية المعارض.

ولفت عميري في تصريح لـ”العرب” أنه تم خرق مجموعة من الحقوق المتعلقة بالمعارضة خاصة في ما يخص إعطاء منصب أمين المجلس ومحاسبه لأحزاب المعارضة ولا يترشح لها إلا نائب أو نائبة من المعارضة وذلك وفق ما نصت عليه مقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب، موضحا أن هذا الخرق يمكن تفسيره بكون المعارضة الحالية لا علم لها بالحقوق التي خولها لها الدستور والقوانين الداخلية للمجلسين.

ويتحدث الفصل الـ60 من الدستور المغربي عن أن المعارضة مكون أساسي في مجلسي البرلمان وتشارك في وظيفة التشريع والمراقبة، ولها الحق في رئاسة اللجنة الدائمة المكلفة بالتشريع ولا يحق للأغلبية أن تترأس هذه اللجنة، ولها أيضا امتياز رئاسة اللجان المؤقتة من بينها لجان تقصي الحقائق واللجان الاستطلاعية إضافة إلى رئاسة لجنة مراقبة صرف الميزانية.

ويعتقد حمزة أندلوسي الباحث في القانون العام والعلوم السياسية في تصريح لـ”العرب” أن المعارضة ستكون قوية خصوصا وأن جل أحزابها لها تجربة حكومية وخبرة إدارية واسعة ستمكنها من الحصول على معطيات من شأنها تعزيز مكانة المعارضة البرلمانية، وإعادة هيكلة أحزابها لتتبوأ مراكز متقدمة بمقاعد مهمة في الانتخابات التشريعية لعام 2026.

وبالرجوع إلى دستور 2011 ولاسيما في فصله الـ10 نجد أنه مكّن المعارضة من صلاحيات مهمة في العمل البرلماني تؤهلها للمساهمة في التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية بما أوتيت من قوة سياسية في الميدان السياسي، وفي هذا الصدد حظي البرنامج الحكومي بثقة 213 نائبا ومعارضة 64 نائبا، فيما امتنع نائب واحد عن التصويت.

وأكد متابعون للشأن البرلماني أنه كلما كان موقع المعارضة قويا عدديا ونوعيا كلما أضفت حيوية على العمل التشريعي والرقابي داخل البرلمان، وهذا ما يجعل للمؤسسة التشريعية مكانتها داخل النسيج السياسي المغربي.

ويعتقد المتابعون أن وجود كل من حزب الاستقلال والأصالة والمعاصرة في التحالف الحكومي الذي يقوده التجمع الوطني للأحرار ستكون نتيجته معارضة هزيلة وضعيفة ولا تحقق المطلوب منها دستوريا وسياسيا.

وفي هذا الصدد أكد عميري غياب أيّ تنسيق بين الأحزاب المكونة للمعارضة مشيرا إلى أن البرنامج الحكومي صوت ضده 64 من أصل 126 عضوا ينتمون إلى المعارضة، وهو رقم يشير إلى أن أحزاب المعارضة تبقى غير منسجمة.

 وخلص الباحث المغربي إلى أنه لن يكون للمعارضة أيّ تأثير خاصة أنها تضم عددا ضعيفا وفي نفس الوقت هذا العدد الذي تتكون منه المعارضة يبقى غير منسجم مع التصريحات التي طالت التصويت على البرنامج الحكومي.

ولا تقتصر المعارضة فقط على الأحزاب السياسية بل أيضا المكون النقابي بمجلس المستشارين الذي يمارس دوره الدستوري رغم هيمنة أحزاب ونقابات تؤيد التحالف الحكومي.

وفي هذا الخصوص أكد خالد السطي عضو مجلس المستشارين عن نقابة الاتحاد الوطني للشغل في المغرب أنه سواء من خلال إعمال الآليات الرقابية البرلمانية على عمل الحكومة، أو من خلال تقييم السياسات العمومية، في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، فإن هذا التقييم يصطدم بمعطى أساسي يتجلى في غياب مؤشرات رقمية وآجال محددة للتنفيذ، خصوصا وأن هذه المؤشرات والآجال هي التي ستؤطر مشاريع قوانين المالية للفترة الحكومية القادمة.

وفي الوقت الذي حذر فيه مما وصفها بـ”الأرقام الحالمة لأن البرنامج الحكومي تعاقد مسؤول وليس وثيقة تسويقية”، أكد السطي أن التعامل مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي المتفاقم جراء جائحة كورونا يقتضي بملاءمة مختلف السياسات العمومية وفق هذه المتغيرات خاصة على المستوى الاجتماعي وعلى وضعية العمال وحقوقهم باعتبارهم الأكثر تضررا من الجائحة، وذلك بدعم وتبني مختلف البرامج والاستراتيجيات التي ترتقي بوضعية العمال وترسّخ حقوقهم والمكتسبات التي ناضلوا من أجلها.

وقد حاول رئيس الحكومة عزيز أخنوش امتصاص غضب المعارضة من برنامج حكومته بالتأكيد على واقعية البرنامج، مؤكدا على ضرورة تظافر جهود الجميع، أغلبية ومعارضة، للمضي قدما في سبيل تحقيق التنمية المرجوّة في ظل الظرفية الراهنة.