تضخيم قدرات الإخوان يثير غضب المصريين

وكالة أنباء حضرموت

 أثار عزف أحزاب سياسية وشخصيات برلمانية ووسائل إعلام على وتر تكرار مساوئ جماعة الإخوان في ذكرى سقوط حكمها للبلاد بعد أيام، جدلا في مصر، وسط تضخيم غير مفهوم لقدراتها، وأنها لا تزال تمثل خطرا على أمن واستقرار البلاد، مع أنه لم يعد للجماعة تأثير حقيقي، وانفض المصريون من حولها.

بيانات حزبية
أصدر عدد من الأحزاب بيانات لفضح أهداف الجماعة وقت أن كانت في حكم مصر منذ 12 عاما، وكيف سقط حكمها عبر ثورة شعبية عارمة، والإيحاء بأن جماعة الإخوان تحاول الآن العودة إلى المشهد من خلال إثارة منغصات سياسية في مصر، وتوظيف التوترات الإقليمية لإرباك المشهد العام في مصر.

وقالت مصادر مصرية لـ”العرب” إن جماعة الإخوان تحدوها رغبة في الانتقام من النظام المصري، لم تتنازل عنها، وتعتقد أن الأوضاع في المنطقة تسمح لها بممارسة دعاية سوداء، ونشر شائعات حول مصر، بما يحولها إلى رقم سياسي مرة أخرى.

وأضافت المصادر ذاتها أن جماعة الإخوان مستعدة للتعاون مع “الشيطان” على سبيل التقية لتحقيق أغراضها، ولم تتوقف طوال السنوات الماضية عن ذلك، وتقوم بالتصعيد أو التهدئة وفقا للتطورات، ولأن الأحداث تزداد سخونة في المنطقة، فهي تعتقد أنها مناسبة لزيادة وتيرة التحريض على الدولة في مصر.

وأثارت العودة بكثافة للإخوان وتسليط الضوء على جرائمها، حفيظة شريحة من المصريين، تساءلت حول مدى قوة الجماعة، وتعليق شماعة التقصير الحكومي عليها.

وتتعامل فئة من المصريين مع جماعة الإخوان على أنها انتهت سياسيا وشعبيا، وصارت إرثا من الماضي بعد تدهور وسقوط دول بسبب أنشطة تيارات إسلامية متطرفة، ومع ذلك يتم تصوير الإخوان كأنهم بعافية ويسطيعون إحداث قلق في مصر.

ويرتبط تحفظ البعض على التوجه شبه الرسمي في مصر بالتطرق إلى مساوئ الجماعة وتضخيم حجمها، بما يفيدها سياسيا، فالحديث عنها سلبيا يوحي بأنها لم ترفع الراية البيضاء، وما يثار حولها من إدانات يمنحها أملا في النشاط من جديد.

ويصعب إقناع الشارع المصري بعكس ما يشاهده من زوال خطر الجماعة عمليا، وهجوم الإعلام وبيانات أحزاب قريبة من السلطة يجعلها خطرا داهما، ما يعفي الحكومة من مسؤولية عدم قدرتها على تخفيف الأزمات، وإن ظلت خطط الجماعة قائمة.

وتلجأ وسائل إعلام وسياسيون، كل عام في ذكرى ثورة 30 يونيو 2013، إلى الهجوم على الإخوان، استنادا إلى فيديوهات وصور موثقة، تؤكد أن الجماعة ارتكبت حماقات عديدة وكبدت المصريين خسائر باهظة، وكادت أن تتسبب في تدمير الدولة.

وأكد الرئيس السابق لحزب الكرامة وعضو الحركة الوطنية الديمقراطية محمد سامي أن خطر الإخوان قائم بالفعل ولم ينته بعد، وما يفعله الإعلام والأحزاب ليس مبالغة بقدر ما يرتبط بنسف ادعاءات الجماعة وأنها تعرضت إلى ظلم وإقصاء سياسي دون وجه حق، فهي بالفعل كيان تنظيمي خطر على أي دولة تظهر فيها، ولديها خلايا نائمة تترقب أي فرصة للقفز على المشهد.

وقال لـ”العرب” إن كل تصعيد ضد الإخوان خلال ذكرى الثورة له صلة بالرد على خطاب المظلومية الذي تتبناه، وهذه أفضل مناسبة لفضح مآربها، حيث تتعمد تشويه صورة الدولة والأحزاب والإعلام في مصر، ومن الطبيعي أن تصبح تلك الذكرى مناسبة لأخذ العبر، والرد على كل ما يثار على خطاب يدغدغ المشاعر ويحث المصريين على التعاطف مع الإخوان.

وفسرت الطريقة التي يتعامل بها الإعلام والأحزاب على أن الدولة المصرية لم تستطع التخلص من خطر الإخوان حتى الآن، والمشكلة تكمن في إخفاق الحكومة في إقناع الناس بما حدث من تطورات إيجابية، وأنهم يعيشون واقعا أمنيا مستقرا.

رسالة قاتمة
تسليط الضوء أثار حفيظة شريحة من المصريين، تساءلت حول مدى قوة الجماعة، وتعليق شماعة التقصير الحكومي عليها

يقدم استمرار التعامل مع الإخوان من جانب البعض في مصر على أنهم أساس كل أزمات سابقا وحاليا ولاحقا، رسالة قاتمة حول قدرات الحكومة نفسها، وهذا في حد ذاته يمثل سقطة هيكلية في تصوراتها، حيث تملك الدولة أدوات وإمكانيات كبيرة تجعلها قادرة على نسف كل ما يرتبط بتهديدات الإخوان وداعميهم.

ويرفض عدد كبير من المصريين العيش على ذكريات ماضوية لتبرير مشكلات حادة في الحاضر، فالتمسك بهذه النغمة يُبقي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية كما هي، وبلا رؤية شاملة لإعادة بناء الدولة، ويمنح قادة جماعة الإخوان وأنصارها وإعلامها حضورا معنويا لا يستحقونه على الساحة.

ويقول معارضون إن الربط الإعلامي بين الماضي القاتم الذي عاشه المصريون في عهد الإخوان، ونشر إنجازات تنموية في ذكرى إسقاط حكمهم هو محاولة من جانب الحكومة لإقناع الرأي العام بعقد مقارنة بين إخفاقات نظام رحل وآخر باق يبني ويعمر ويعمل لصالح الوطن، لكن المشكلة أن هذه الرسائل قد تصل إلى الشارع من خلال منابر فقدت جزءا كبيرا من مصداقيتها، ما يجعل الهدف المطلوب لا يتحقق.

وثمة شريحة ربطت بين التصعيد الإعلامي والحزبي ضد جماعة الإخوان وبين اقتراب موعد انتخابات مجلسي النواب والشيوخ في مصر بين شهري أغسطس ونوفمبر، وأن هذا التضخيم رسالة تحذير مبكرة، تفيد بأن الدولة لن تسمح بأي تناغم بين الجماعة وأيّ من المرشحين أو قوى معارضة، فالتوافق مع الإخوان خيانة للوطن، وسوف يواجه الوفاق معهم في الانتخابات بحسم وصرامة.

وقد لا يخلو تركيز الإعلام قبيل حلول ذكرى ثورة يونيو ضد الإخوان من رغبة في جمع قوى وطنية أو ما يعرف بتحالف “30 يونيو” من أحزاب ونقابات وتيارات مدنية مختلفة، أسهمت بدور فاعل في إسقاط جماعة الإخوان، باعتبار أن التحديات الراهنة والمخاطر الخارجية التي تحيط بالدولة المصرية تستدعي إعادة اللُحمة إلى التحالف والالتفاف حول هدف واحد يرتبط باستقرار الدولة.

وبعيدا عن أهداف ودوافع التركيز الإعلامي والحزبي المكثف على ذكرى ثورة 30 يونيو هذه المرة، تظل المشكلة في مدى استقبال الشارع والقوى المدنية للرسائل، ففئة كبيرة من السكان تعيش ظروفا اقتصادية صعبة يصعب إقناعها بأن الإخوان وحدهم هم سبب الأزمات، وترفض هذه الفئة تبييض صورة الحاضر بالعودة إلى الماضي.