في تحول استراتيجي.. الدعم السريع تسيطر على الحدود مع مصر وليبيا
أعلنت قوات الدعم السريع الأربعاء أنها سيطرت على المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا وتحديدا منطقة جبل العوينات بعدما أكد الجيش السوداني انسحابه من المنطقة.
ولهذا التطور الميداني دلالات استراتيجية وعواقب وخيمة محتملة على الصراع الدائر في السودان والاستقرار الإقليمي بشكل عام.
وتُعتبر هذه المنطقة نقطة التقاء حدودية حساسة للغاية، وهي ممر تاريخي للتنقل والتهريب في الصحراء الكبرى. ولطالما كانت هذه المنطقة ممرا رئيسيا لتهريب الأسلحة والمرتزقة والبضائع غير المشروعة.
وتمنح السيطرة عليها قوات الدعم السريع ميزة كبيرة في تأمين طرق إمدادها وتلقي الدعم الخارجي المزعوم، خاصة من بعض الأطراف الليبية.
وتشير بعض التقارير إلى أن المنطقة غنية بالنفط والمعادن، مما يجعل السيطرة عليها ذات أهمية اقتصادية محتملة لقوات الدعم السريع.
كما تمنح السيطرة على هذا المثلث الدعم السريع عمقا استراتيجيا في الصحراء الشمالية، مما يعزز قدرتها على المناورة وربما شن هجمات على مناطق أبعد.
وتُعد هذه السيطرة انتصارا عسكريا مهما لقوات الدعم السريع، خاصة بعد اتهامات الجيش السوداني بتلقيها دعما مباشراً من قوات تابعة لقائد الجيش الليبي خليفة حفتر. وهذا يمكن أن يغير موازين القوى في الصراع الداخلي السوداني.
وإذا تمكنت القوات التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" من ترسيخ سيطرتها، فسيسهل عليها تلقي الدعم اللوجستي والعسكري من حلفاء خارجيين، مما يطيل أمد الصراع ويصعّب على الجيش السوداني محاصرتها.
لكن إلى الآن لا يوجد ما يؤكد حصول الدعم السريع على دعم خارجي وهي اتهامات يروج لها الجيش السوداني منذ أشهر طويلة من دون أن يقدم أدلة قاطعة على صحتها.
وتعتبر مصر حدودها مع السودان وليبيا حساسة للغاية، ما يعني أن سيطرة قوات الدعم السريع على هذه المنطقة يثير قلق القاهرة بشأن تدفق اللاجئين وتهريب الأسلحة وتسلل العناصر المتطرفة. كما أنها قد تجعل الحدود المصرية تحت ضغط أمني أكبر وتضع الجانب المصري أمام تحديات إضافية في تأمين الحدود الغربية والجنوبية.
وتزيد هذه التطورات من تدويل الصراع السوداني وتدخل الأطراف الإقليمية، مما يجعل التوصل إلى حل سياسي أكثر صعوبة وقد يجر المنطقة إلى مواجهات أوسع، بينما يعد انسحاب الجيش السوداني من المنطقة، سواء كان تكتيكيا أو نتيجة لضغوط، ضربة معنوية وعسكرية له وقد يؤثر على قدرته على السيطرة على المناطق الشمالية من البلاد.
ويعتبر هذا التطور أمر خطير قد يؤثر على سير الحرب في السودان ويزيد من المخاوف الأمنية لدول الجوار ويعكس تزايد نفوذ قوات الدعم السريع وربما الدعم الخارجي المزعوم الذي تتلقاه.
وقال المتحدث باسم الجيش السوداني في بيان إن قواته "أخلت منطقة المثلث المطلة على الحدود بين السودان ومصر وليبيا" وذلك "في إطار ترتيباتها الدفاعية لصد العدوان".
وقالت قوات الدعم إن سيطرتها على المثلث ستكون لها تأثيرات على "عدة محاور قتالية لا سيما في الصحراء الشمالية"، وتساهم "في مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر على الحدود السودانية"، مضيفة أنها استولت على "عشرات المركبات القتالية" بعد "تقهقر العدو وفراره جنوبا بعد تكبده خسائر فادحة في الأرواح والعتاد".
وكان الجيش السوداني اتهم الثلاثاء القوات التابعة للمشير خليفة حفتر في شرق ليبيا، بتقديم إسناد مباشر للدعم السريع في هجوم على المثلث الحدودي، معتبرا ذلك "تعدّيا سافرا على السودان وأرضه وشعبه وانتهاكا صارخا للقانون الدولي". ولم تردّ قوات حفتر على تلك الاتهامات.
وأوضح مصدر عسكري الأربعاء أن "المناوشات في منطقة المثلث بدأت قبل ثلاثة أيام" حينما هاجمت قوات الدعم السريع "ومعها قوات من كتيبة سبل السلام الليبية"، القوات المشتركة المتحالفة مع الجيش.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه "أمس واليوم تم هجوم قامت به قوة من مليشيا الدعم السريع ومعها قوات تابعة لخليفة حفتر، وقررت قيادة الجيش إخلاء القوات من المنطقة لأسباب تكتيكية".
ويقع المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا شمال الفاشر في دارفور بغرب السودان، وهي المدينة الرئيسية الوحيدة في الاقليم التي ما زالت تحت سيطرة الجيش. وتحاصر قوات الدعم السريع الفاشر منذ أكثر من عام وتهاجمها بكثافة خلال الأسابيع الأخيرة.