تقنية لعلاج سرطان البطن في تونس تمزج بين الجراحة والعلاج الكيميائي

وكالة أنباء حضرموت

تشهد تونس نُقلة نوعية في علاج سرطان البطن المعقد، وذلك بعد إنجاز تقنية “شيب” المتطورة التي تمزج بين الجراحة الدقيقة والعلاج الكيميائي الساخن داخل البطن، ما يعزّز مكانة البلاد في جراحة الأورام الدقيقة.

وحسب بلاغ صادر عن وزارة الصحة التونسية تُعد هذه التقنية الأولى من نوعها في شمال أفريقيا، التي تمنح أملا جديدا لمرضى حالات كانت تُعتبر صعبة العلاج.

وقد خطت تونس خطوات متقدمة في جراحة الأورام وعلاجها ما يعدها منارة للطب في شمال أفريقيا.

وقد أنجز فريق قسم جراحة الجهاز الهضمي “أ” في مستشفى الرابطة بتونس العاصمة، وبرئاسة الدكتور منتصر قاسم، هذه التقنية التي ستساعد في تخفيف أعراض سرطان البطن وستعالج الحالات المستعصية.

وسرطان البطن هو نوع من السرطانات التي تحدث عند وجود نمو غير مسيطر عليه لخلايا غير طبيعية في أي مكان في البطن، وفي أعضاء منها المعدة والأمعاء والقولون والكبد والبنكرياس.

وسرطان البطن هو أيضا مصطلح عام لمجموعة متنوعة من سرطانات الأعضاء داخل البطن، ويمكن أن يكون سرطان البطن قاتلا، خصوصا إذا لم يتمّ علاجه أو الكشف عنه مبكرا.

سرطان القولون والمعدة من أكثر سرطانات البطن شيوعا، وتتطور غالبية السرطانات من الأورام الحميدة

ويعد سرطان القولون والمستقيم وسرطان المعدة من أكثر سرطانات البطن شيوعا. وتتطور غالبية سرطانات القولون والمستقيم من الأورام الحميدة، التي تُسمى أوراما غدية حميدة، إلى أورام خبيثة بعد سلسلة من التشوهات في الحمض النووي الخلوي، كما قد توجد بعض سرطانات القولون والمستقيم دون أي أعراض.

وسجّلت تونس 3788 إصابة جديدة بسرطان القولون خلال سنة 2023، حسب آخر المعطيات الإحصائية التي ضمنتها إدارة الرّعاية الصحية الأساسية التابعة لوزارة الصحّة.

وبدأت الإصابة بهذا المرض ترتفع بشكل ملحوظ، وصار سرطان القولون يشكل خطورة قصوى نظرا لنسبة الوفيات الكبيرة الناتجة عنه في صورة عدم تشخيصه وعلاجه بصفة مبكرة، حيث يحتلّ المرتبة الرابعة لدى الرجال والثانية لدى النساء على المستوى الوطني، من حيث نسبة انتشاره.

وبحسب إدارة الرّعاية الصحية الأساسية، يصيب سرطان القولون والمستقيم بشكل أساسي الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 50 عاماً فما فوق، حيث تساهم الكثير من العوامل المتصلة بأنماط الحياة في الإصابة به، ومن بينها تناول كميات كبيرة من اللحوم المصنعة وقلّة تناول الفواكه والخضروات، وأنماط الحياة المتّسمة بقلّة الحركة والسّمنة والتدخين والإفراط في استهلاك الكحول.

وتتبنى تونس إستراتيجية وطنية لتقصّي سرطان القولون، تقوم على تحديد المستهدفين المتراوحة أعمارهم بين 50 و74 سنة ودعوتهم للقيام بالتقصي عن طريق تحليل وجود دم بالبراز وتوجيه نتائج التحاليل الإيجابية نحو اختصاص أمراض المعدة والأمعاء للقيام بفحص مجهري، وعلى الحد من وفيات السرطان إذا تم الكشف عن الحالات وعلاجها في المراحل المبكّرة، خاصة أن السرطان القولوني المستقيمي يتّسم بمعدلات شفاء مرتفعة عندما يتمّ الكشف عنه في مراحل مبكّرة وعلاجه استنادا إلى أفضل الممارسات في المجال.

وينصح الخبراء بتبني نمط عيش سليم وبالمحافظة على وزن عادي وممارسة النشاط البدني والتغذية المتوازنة وتفادي التدخين واستهلاك منتوجات الحليب ومشتقاته وشرب كمية كافية من الماء والحرص على تناول الأسماك، خاصة الزرقاء منها بمعدل 3 مرات في الأسبوع، مع التقليل من استهلاك اللحوم الحمراء وعدم تجاوز 500 غرام في الأسبوع واجتناب تناول اللحوم المصنعة.

وتتمثل علامات الإصابة بسرطان القولون، التي من المفترض أن تستمر لفترة تزيد عن أسبوعين، خاصة في تغير نشاط الأمعاء الطبيعي والاعتيادي والإسهال أو الإمساك أو تغيرات في شكل البراز ووتيرته، وملاحظة نزف من فتحة الشرج أو ظهور دم في البراز والإصابة بأوجاع في منطقة البطن وتشنجات ومغص وانتفاخ غازي وأوجاع وهبوط غير مبرر في الوزن.

وتؤكد تقارير منظمة الصحة العالمية على أن سرطان القولون والمستقيم هو ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعاً في العالم، حيث يمثل حوالي 10 في المئة من جميع حالات السرطان والسبب الرئيسي الثاني للوفيات الناجمة عن السّرطان في العالم.

وسجلت تونس في عام 2023، 22 ألفا و201 إصابة جديدة بداء السرطان، أي بمعدل 60 حالة يوميا، وهو ما يشكلّ ضغطا إضافيا على المؤسسات الصحية التي أصبحت تجد صعوبة في احتواء هذه الأعداد المتزايدة من المرضى.

تونس سجلت في عام 2023، 22 ألفا و201 إصابة جديدة بداء السرطان وهو ما يشكلّ ضغطا إضافيا على المؤسسات الصحية التي أصبحت تجد صعوبة في احتواء هذه الأعداد المتزايدة من المرضى

ووفقا لأرقام “معهد صالح عزيز” الحكومي، المتخصص في العلاج من الأمراض السرطانية، يمثل سرطان الرئة بالنسبة إلى الرجال وسرطان الثدي بالنسبة إلى النساء أكثر الأورام شيوعا.

وقال الطبيب المختص في العلاج بالأشعة أحمد بكار إن الأرقام في ارتفاع كل سنة، حيث لم تتجاوز الإصابات 20 ألف إصابة سنة 2022، متوقعا أن تكون السنوات القادمة أصعب، وأشار إلى أن أمراض السرطان هي السبب الأول للوفاة في تونس.

ويرجع بكار ازدياد عدد المصابين بمرض السرطان إلى وجود المناخ المشجع على ظهور وانتشار الإصابات، وهي التدخين وتعاطي الكحول ومنتجات التبغ وارتفاع أمراض السكري وكذلك العادات الغذائية الخاطئة التي تسبب السمنة، التي تعدّ من الأسباب الرئيسية للإصابة بهذا المرض الخبيث.

وأشار إلى غياب ثقافة التقصي والتشخيص المبكّر عن الأمراض رغم حملات التوعية التي تقوم بها الدولة والبرامج الوطنية التي تطلقها لمكافحة هذا الداء، والتي تعتبر أكبر عامل مساعد على تفادي أمراض السرطان، إلى جانب العجز عن إيجاد العلاج المناسب لعدّة أمراض سرطانية.

وخلُص إلى أن كل هذه العوامل ساهمت في زيادة مرضى السرطان، إضافة إلى قلّة الإمكانيات المتاحة في العلاج وعدم توفر الأدوية خاصة داخل المستشفيات الحكومية.

ويعاني المرضى التونسيون من تأخر تشخيص مرض السرطان نتيجة للعديد من الأسباب، منها نقص التوعية وعدم الكشف المبكر عن المرض والمحرمات الثقافية. يضاف إلى هذه العوامل عامل ثقافي آخر ذو خصوصية، وهو العلاج الذاتي للمرضى التونسيين الذين يفضلون الأعشاب الطبية التقليدية على الأدوية المتعارف عليها، وأحيانًا يكون ذلك حتى قبل استشارة المختصين، وهو ما يؤخر التشخيص ويعقده ومن ثمة يؤخر العلاج ويعقده أيضا.