قراءة في زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني إلى روسيا: أبعاد وتحولات استراتيجية

وكالة أنباء حضرموت

كشفت ورقة تحليلية صادرة عن مركز دراسات متخصص أن زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي إلى موسكو، أواخر مايو الماضي، حملت في طياتها تحولًا استراتيجيًا غير مسبوق في خطاب الشرعية اليمنية، ورسائل غير معلنة تتجاوز الطابع البروتوكولي للزيارة.

وبحسب التحليل، فإن أبرز ما ميز الزيارة – إلى جانب اللقاءات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين – هو تشكيلة الوفد المرافق، التي ضمت مستشارين للرئيس في ملفات الدفاع والإعمار والثقافة، ما يشير إلى رغبة يمنية في فتح مجالات تعاون متعددة مع روسيا، تتجاوز الشأن السياسي إلى الأمني والاقتصادي والثقافي.

وعدّت الورقة أن اصطحاب الفريق محمود الصبيحي، مستشار العليمي لشؤون الدفاع، يحمل رسائل واضحة بشأن طلب دعم عسكري روسي، خاصة في مجال الدفاعات الجوية، في ظل تراجع دعم بعض الأطراف الإقليمية. كما أشار حضور مستشار التنمية والإعمار المهندس عمر العمودي إلى رغبة في استئناف الدور الروسي في إعادة الإعمار، واستثمار العلاقة التاريخية التي تعود إلى مرحلة ما بعد ثورة سبتمبر 1962.

أما على المستوى الخطابي، فقد اعتبر التحليل ظهور العليمي في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" بمثابة نقلة نوعية في خطاب الشرعية اليمنية، الذي انتقل من الدفاع إلى الهجوم، من خلال وصفه للحوثيين بأنهم "جماعة نازية"، في خطاب موجّه بدقة للوجدان الروسي، في ظل خلفية موسكو التاريخية في محاربة النازية.

وجاءت زيارة العليمي في وقت حساس، وسط تصاعد المؤشرات على دعم روسي غير مباشر لجماعة الحوثي، وتزايد لقاءاتهم بمسؤولين روس. ووفقًا لمصادر دبلوماسية، فإن الزيارة جاءت لتصحيح السردية التي يسعى الحوثيون لترويجها في الأوساط الروسية، وتقديم الرواية الرسمية للشرعية بشأن تطورات المشهد اليمني.

في المقابلة ذاتها، أشار الرئيس العليمي إلى حاجة اليمن الماسّة إلى منظومات دفاع جوي، داعيًا روسيا إلى دعم مباشر، ومؤكدًا أن الشرعية ملتزمة بالمرجعيات الدولية، في مقابل جماعة لا تؤمن بالسلام، بحسب وصفه.

اللقاءات التي عقدها الرئيس العليمي شملت أيضًا رئيس مجلس الدوما ومراكز بحثية ودبلوماسيين، في محاولة لتثبيت موقف روسيا الرسمي الداعم للشرعية، واستثمار ذلك في دفع موسكو للعب دور أكثر تأثيرًا في كبح جماح جماعة الحوثي.

ورغم هذا الزخم، حذّرت الورقة التحليلية من أن بعض تصريحات العليمي – كقوله إن اليمن تحت الفصل السابع – تفتقر للدقة، وقد تُفهم بشكل خاطئ، خاصة أن العقوبات الأممية تطال جماعة الحوثي لا الحكومة الشرعية.

وتشير مؤشرات الزيارة إلى رغبة يمنية في إعادة التموضع على الخارطة الدولية من بوابة موسكو، إلا أن تحقيق أي نتائج ملموسة سيعتمد على قدرة السلطة الشرعية على متابعة مخرجات الزيارة، وتفعيل الاتفاقات، وتحويل التصريحات إلى دعم حقيقي في ملفات الأمن والإعمار والسيادة الوطنية.