عواقب غير مرئية.. هل تنتقل آثار سمنة المراهقين إلى أطفالهم؟
كشفت دراسة علمية جديدة عن وجود صلة واضحة بين زيادة الوزن لدى الذكور في مرحلة المراهقة وحدوث تغيّرات وراثية تؤثر على صحة أطفالهم لاحقًا.
البحث المشترك، الذي أجرته جامعتا ساوثهامبتون البريطانية وبيرغن النرويجية، أشار إلى أن السمنة خلال فترة البلوغ قد تكون عاملاً مؤثرًا في برمجة الجينات المرتبطة بعمليات حيوية متعددة، من خلال آلية بيولوجية تعرف باسم "مثيلة الحمض النووي"، والتي تؤثر بدورها على طريقة عمل الجينات دون أن تغيّر تسلسلها.
واعتمد الباحثون على بيانات 339 مشاركًا تراوحت أعمارهم بين 7 و51 عامًا، حيث قاموا بتحليل معلومات قدمها الآباء عن تركيبة أجسامهم في سن المراهقة لتقدير نسب الدهون لديهم آنذاك.
وأظهرت التحليلات أن أبناء من عانوا من ارتفاع الوزن في سنوات المراهقة، سجلوا تغيرات واضحة في أكثر من ألفي موقع وراثي تغطي ما يقارب ألفًا وتسعمئة وستين جينًا.
التحولات الجينية المكتشفة كانت مرتبطة بآليات استقلاب الدهون وتكوين الأنسجة الدهنية، وهي عوامل ترتبط مباشرة بزيادة الوزن وصعوبات التنفس، مثل الربو وضعف وظائف الرئة. وأشار الفريق العلمي إلى أن الإناث من نسل هؤلاء الآباء بدت عليهن التأثيرات الوراثية بشكل أوضح مقارنة بالذكور.
سمنة المراهقين لا تتعلق بهم فقط
الباحث الرئيسي الدكتور نيغوس تاديسي كيتابا أكد أن فترة البلوغ تمثل نقطة مفصلية في تطور الحمض النووي للحيوانات المنوية، ما يجعل البيئة ونمط الحياة في هذه المرحلة من العمر مؤثرة بشكل مباشر على الخصائص الجينية المنقولة إلى الأبناء.
من جانبها، دعت البروفيسورة سيسيلي سفانيز إلى مراجعة شاملة لبرامج التوعية الصحية الموجهة لليافعين، مشيرة إلى أن السلوكيات الصحية في سن المراهقة لا تؤثر فقط على الحالة الجسدية للفرد، بل تتعدى ذلك لتشمل الصحة المستقبلية للأبناء.
أما البروفيسور جون هولواي، فنوّه بأن تفشي السمنة لدى صغار السن يُعد مصدر قلق مضاعف، إذ لا تنحصر نتائجه في النطاق الفردي فقط، بل تمتد إلى الأجيال القادمة، مما يستوجب تعزيز التدخلات الوقائية في مراحل مبكرة من النمو.
ونُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة Communications Biology، وفتحت مجالًا واسعًا أمام أبحاث مستقبلية حول التأثير المتبادل بين نمط الحياة وتعديل الصفات الوراثية.