حزب جبهة العمل الإسلامي يحاول التكيف مع الواقع السياسي المستجد في الأردن

وكالة أنباء حضرموت

يحاول حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، في الأردن التكيف مع الواقع السياسي الجديد الذي فرضه حظر التنظيم الأم، عبر بحث جملة من التصورات من بينها الذهاب إلى انتخابات داخلية مبكرة.

وتخشى قيادة الحزب من مقصلة الحل، في غياب معطيات رسمية بشأن مسار التحقيقات الجارية حول المخططات الإرهابية التي تم الكشف عنها في أبريل الماضي، والتي كانت السبب خلف قرار السلطات الأردنية تفعيل قرار قضائي سابق بحظر الجماعة الأم.

وتعتقد قيادات في حزب جبهة العمل الإسلامي أن إجراء انتخابات داخلية مبكرة تفرز قيادة جديدة مرنة قد يكون الخيار الأمثل في الظرف الحالي، ورسالة حسن نية تجاه السلطة السياسية، لكن المقترح يقابل بتحفظ من جناح الصقور داخل الحزب الإسلامي.

وليس من الواضح بعد ما إذا كان بإمكان الداعمين لخيار الانتخابات المبكرة، الدفع قدما باتجاه إجراء الاستحقاق، خصوصا وأنهم لا يشكلون أغلبية داخل مجلس الشورى أو المكتب التنفيذي.

قيادة الحزب تخشى مقصلة الحل، في غياب معطيات رسمية بشأن مسار التحقيقات الجارية حول المخططات الإرهابية

وعلى ضوء الجدل الدائر داخل الذراع السياسية لجماعة الإخوان، لا يستبعد مراقبون حدوث انقسام أو انشقاقات جديدة.

وتعود أزمة حزب جبهة العمل الإسلامي مع الدولة الأردنية إلى ما كشفت عنه دائرة المخابرات العامة الأردنية من مخططات لخلية إرهابية تضم 16 عنصرا، معظمهم من جماعة الإخوان، كانت “تهدف إلى المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى والتخريب المادي.”

وكشفت الاعترافات عن تلقي الخلية تدريبات في لبنان، كما نقلت وسائل إعلام لبنانية معطيات تفيد بأن حركة حماس هي من قامت بتدريب عناصر الخلية في لبنان.

وقد أدت هذه التطورات إلى اتخاذ الحكومة الأردنية في الثالث والعشرين من أبريل جملة من القرارات تتعلق بتفعيل حكم قضائي صادر في العام 2020 يقضي بحظر كافة نشاطات جماعة الإخوان واعتبار أي نشاط (تقوم به) مخالفا لأحكام القانون ويوجب المساءلة القانونية.

وتقرّر أيضا تسريع عمل لجنة الحلّ المكلّفة بمصادرة ممتلكات الجماعة وفقا للأحكام القضائية ذات العلاقة وحظر الترويج لأفكار الجماعة تحت طائلة المساءلة القانونية واعتبار الانتساب إليها أمرا محظورا.

وقد شكلت القرارات المتخذة نقطة تحول كبرى في علاقة الجماعة بالدولة الأردنية، وهي العلاقة التي كانت تاريخيا ملتبسة ومرت بفترات صعود ونزول كثيرة، لكنها بقيت متمايزة إلى حد ما مقارنة بالعلاقة بين الإخوان والأنظمة في باقي الدول العربية.

وليس من الواضح بعد ما إذا كان هذا التحول سينعكس أيضا على العلاقة مع حزب جبهة العمل الإسلامي، حيث أن هناك من يرى أن قرار حظره أو حله سيقود إلى فقدان القدرة على ضبط الخزان الشعبي للجماعة وبالتالي لا بد من التأني في اتخاذ أي قرار في هذا الصدد.

في المقابل هناك من يعتبر أن بقاء الذراع السياسية للجماعة في المشهد الأردني سيعني استمرارية الأخيرة، بشكل أو بآخر، وهذا تحد في حد ذاته.

وبين الموقفين تظهر أصوات أخرى تقول بوجوب انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الجارية في مدى تورط الحزب أو أعضاء منه في المخططات التخريبية التي تم الكشف عنها، وعلى ضوء ذلك يتم اتخاذ قرار بشأن مستقبله السياسي.

ويحاول الحزب في هذا السياق استبقاء أي وضع قد يقود إلى الحل بالسعي للانفتاح على الدولة وفتح حوار معها، لكن لا يبدو أن الأخيرة متحمسة لذلك.

وأكد الكاتب الصحافي الأردني البارز حسين الرواشدة في وقت سابق أنّ بعض الشخصيات الإخوانية تحاول الاستعانة بأصدقاء لفتح “حوار” مع جهات رسمية، ولكنّ إدارات الدولة أغلقت كل القنوات أمام أيّ مبادرة في الوقت الحالي.

‏وأضاف الرواشدة في مقال نشره عبر صحيفة “الدستور” القريبة من الحكومة “انتهت، على ما يبدو، مواسم الوساطات بين الدولة والإخوان، وأيضًا فرضية وجود الجماعة ضرورة، ومعها سقطت فرضيات مثل الحماية والإسناد، وتمثيل الحواضن الاجتماعية، التي كان يعوّل عليها الإخوان فيما مضى، ووفق معلومات، فإنّ الدولة أجهزت تماما على الثنائية التي ربطت بينها وبين الجماعة، ومن المتوقع أن تتعامل الدولة، على المدى المنظور، مع الإخوان بمنطق الإرسال لا الاستقبال، أقصد بمقدار ما يلتزم الإخوان بالقرارات الرسمية، ويتكيفون معها بجدية، فإنّ السلوك الرسمي قد لا يتجاوز ما جرى، وإلا فإنّ الحسابات ستكون مختلفة، وإنّ الخيارات ستبقى مفتوحة.”

وأشار الرواشدة إلى أنّه لا يوجد أيّ قرار سياسي -حتى الآن- لبقاء حزب جبهة العمل الإسلامي أو حله، وهذا يعتمد أوّلاً على نتائج المسار القانوني في ما يتعلق بالقضايا المنظورة أمام المحكمة “الخلايا الأربع”، كما يعتمد على سلوك الإخوان في الجماعة المنحلة والحزب معًا، فإنّ قرار الدولة بتفكيك تنظيم الجماعة وإنهاء وجودها يعني بالضرورة إعادة النظر في أيّ ذراع تتقمصها، أو أيّ نشاط سياسي تمارسه بالاستناد إلى مرجعيتها وسلوكها، وهذا يفرض على الحزب أن يعيد النظر في الواقع الذي نشأ عليه، وأن يفكر جديًا في الخروج من العباءة التي ما زال فيها.

وكان الحزب اتخذ قرارا بتجميد عضوية ثلاثة أشخاص من منتسبيه ممن وردت أسماؤهم في لائحة الاتهام الصادرة عن النيابة العامة لمحكمة أمن الدولة في قضية المخططات الإرهابية.

وفي تعقيبه على قرار حظر الجماعة، قال الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي وائل السقا إنّ الحزب مستمر في أداء دوره الوطني كحزب سياسي أردني مستقل استقلالية تامة عن أيّ جهة أخرى، وفي كل المجالات، ويعمل وفق الدستور والقانون الأردني والأنظمة ذات العلاقة، وإنّ الحزب ليس له علاقة تنظيمية بأيّ جهة أخرى، وإنّه يثق بالقضاء الأردني الذي يمثل صاحب الكلمة الفصل في تأكيد سلامة الوضع القانوني للحزب، معبّرا عن ثقته في مرور الأزمة، والاستناد إلى الحوار ولغة العقل.